رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

الإمام الأكبر يوضح معنى الإنصاف وصفات المنصفين

  • جداريات 2
  • الإثنين 11 مايو 2020, 11:30 صباحا
  • 679

قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف: من القيم المفقودة في حياتنا اليوم قيمة الإنصاف والتي باتت عملة نادرة في معاملاتنا الحديثة وأوشكت أن تصبح من مستودع الأخلاق القديمة.

وأضاف الطيب خلال الحلقة 17 من برنامجه اليومي في رمضان أحمد الطيب:  الإنصاف أصبح مفقودا حتى بات ينظر له المرء من منظور الاستغراب وكأن في القرون الوسطى ويتعامل في الأسواق عملة مر عليها الزمن وضمرتها الأعصر والدهور.

وأوضح الطيب أن الإنصاف باختصار شديد هو العدل مع النفس ومع الغير وافقك هذا الغير أو خالفك، وفي المعاملات فعليك أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به وأن تعطيهم حقوقهم بمثل ما تطالب به من واجبات والإنصاف بهذا المعنى هو مقياس عدل وقسطاس مستقيم يزن به المرء معاملاته مع الناس أخذا وعطاء وإذا كان الإنصاف يستلزم العدالة طردا وعكسا، فهذا يعني أنه كلما وجد الإنصاف وجد العدل وكلما انتفى انتفى العدل ولازم ذلك أن يكون الإنصاف والعدل توأمين متلاصقين، وأعلى درجات الأنصاف هي درجة الأنصاف من النفس أي قدرة المرء على أن يتصف لنفسه من نفسه، بمعنى أوضح قدرته على يواجه نفسه ويعاتبها على ما أساءت فيه من قول أو عمل ومواجهة النفس يتطلب قدرا غير قليل من الشجاعة والقوة والإيمان بمبدأ المساواة بين الناس الذي أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم ورسخه في قوله الناس سواسية كأسنان المشط.

واستطرد شيخ الأزهر: ومن المعلوم أن من عجز  عن مواجهة نفسه والانتصاف منها يعجز عن إنصاف غيره من الناس من باب أولى فـ«فاقد الشيء لا يعطيه كما يقول الحكماء» وبسبب من غياب هذا الخلق العظيم انتشر في حياتنا المعاصرة هذا النوع من الذين يأخذون ولا يعطون فهم يبصرون أخطاء الناس وتقذى عيونهم عن أخطائهم، ويطلبون أن يُعتذر إليهم، ولكن لا يعتذرون لأحد ويعترفون على الآخرين بينما يعجزون عن الاعتراف لأنفسهم وهم  حين يخطئون يجهدون أنفسهم في اختلاق المعاذير والعلل التي تبرر لهم أخطاءهم وجرائمهم، وظلمهم للعباد كبرا وغطرسة وهروبا من وخز الضمير وتأنيبه.

وتابع الطيب: الفائدة التي تعود على المجتمع من التعامل بمبدأ الإنصاف هي اعتراف المخطئ بخطئه فيما بينه وبين نفسه أولا ثم ما يتداعى بعد ذلك من استعاذته بالله من الشيطان الرجيم، ومن طلب المغفرة منه سبحانه، والاعتذار لمن تضرر من هذا الخطأ مع قضائه حقه إن ترتب على هذا مظالم للعباد

إنه المسلم القوي الذي يحاسب نفسه على خطئها قبل أن يحاسب الآخرين.

لفت الطيب: وهنا سؤال يفرض نفسه هل الإنصاف في شريعة الإسلام أمر مندوب أم أمر مفرو؟ والإجابة أن الإنصاف في الإسلام أمر ملزم والقرآن والحديث مليئان وعيد للظالم، والظلم هو نقيض العدل والمسلم مطالب بالعدل مع المسلم وغير المسلم ومع صديقه وعدوه سواء بسواء يدلنا على ذلك قانون القتال في القرآن في القرآن الكريم والتقيد بمبدأ العدالة في قتال الأعداء وعدم تجاوزها إلى العدوان في قوله تعالى «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين».

واختتم الطيب؛ لا يتَّسعُ المقامُ لسردِ النصوصِ في شأن الإنصاف في الإسلام، ولا شهاداتِ التاريخِ التي يَعلمُها أعداءُ الإسلامِ قبلَ أنصارِه، وكلُّها تصُبُّ في جملةٍ واحدة مكوَّنةٍ من مبتدأ وخبرٍ، هي: «الإسلامُ دينُ الإنسانية».


تعليقات