حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
سورة الزخرف
قال الدكتور فاضل السامرائي، أن سورة الزخرف المكية، من أسمها تشير إلى تناول زخارف الدنيا الزائفة، لافتا إلى أنها تعرف بسورة المتعلقين بالمظاهر المادية. وفيها تحذير من الانخداع بالمظاهر المادية، لافتا إلى أن الانخداع بها واعتبارها وسيلة لتقييم الأمور فيه ضياع للأمة كما ضاعت الأمم السابقة (لاحظ تكرار ذكر الذهب والفضة وبريقها في الآيات) لأن الأمم السابقة انخدعت واعتبرت أن متاع الحياة الدنيا وزخرفها هو النعيم الحقيقي وغاب عنهم أن النعيم الحقيقي إنما هو نعيم الآخرة الذي لا ينتهي. (يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) آية 71، كون الزخرف الحقيقي ليس زخرف الدنيا الزائل.
وتابع أن هذه
السورة راحت تتناول مظاهر التكذيب كونها كانت مظاهر مادية (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ
هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) آية 31 في قصة إبراهيم،
و(وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ
الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا
الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ
مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) آية 51 إلى 53 في قصة
موسى مع فرعون. وآيات السورة تركّز على أن الشرف الحقيقي ليس المال والجاه والمظاهر
المادية إنما هو الدين (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)
آية 44، (الذكر هنا بمعنى الشرف) وتحدثت الآيات عن عيسى
لأنه رمز الزهد وعدم الانخداع بالمظاهر المادية (وَلَمَّا جَاء عِيسَى
بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي
تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) آية 63 جاء بالحكمة بدل المظاهر
المادية الزائلة.
وأشار"السامرائي" إلى أن السورة كلها تتحدث
عن خطر المظاهر المادية (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا
الْمُتَّقِينَ) آية 67 لأن سر اختيار الصحبة في الدنيا يتوقف على المظاهر المادية لكن
التقوى والحكمة هما اللتان تبقيان في الآخرة فعلينا اختيار الصحبة في الدنيا على أسس
صحيحة من التقوى والحكمة لا ننخدع بالمظاهر المادية الزائفة التي ليس لها وزن ولا قيمة
في الآخرة.
وختم قائلا:
إنها قد سميت السورة بهذا الاسم لما فيها من تجسيد رائع لمتاع الدنيا الزائل بريقها
الخادع بالزخرف اللامع الذي ينخدع به الكثيرون مع أنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة
ولهذا فالدنيا يعطيها الله تعالى للأبرار والفجّار وينالها الأخيار والأشرار أما الآخرة
فلا يمنحها إلا لعباده المتقين فالدنيا دار الفناء والآخرة دار البقاء.