حسان بن عابد: تصديق نظرية التطور يتطلّب أن يلغي الإنسان عقله تماما!
- الخميس 28 نوفمبر 2024
شبهات حول القرآن الكريم
قال الباحث في ملف الإلحاد، إن القرآن الكريم لا يوجد فيه على الإطلاق خطأ نحوي، مشيرا إلى أنه نزل في أهل الفصاحة والبلاغة، ولم يتمكن أحد ممن هاجموه في البداية أن يأتي بخطأ.
جاء ذلك على رد لسؤال يقول: "شوفت بوست لواحد ملحد كاتب إن في خطأ في القرآن وجايب آيتين مذكور في آية صابئين ومرة صابئون، وجالي فضول اعرف السبب لأن أنا بعرف إن النحو مأخوذ من القرآن...".
أولًا: مما لا شك فيه أنَّ أفهم الناس بالعربية هم العرب، وأفهم العرب
بالعربية هم قريش، والنبي _صلى الله عليه وسلم _عربيًا _بلا شك_ ومن قريش الذين
وصلوا باللغة العربية إلى منتهاها، فلو كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم _هو
الذي كتب القرآن الكريم لَمَا وقع في الأخطاء اللغوية؛ لأنَّه مِن العرب الخُلَّصِ
الأَقْحَاح، ولو أخطأ في بعضٍ من آيات القرآن ابتداءً، وهذا مُحال، حتمًا سيتدارك
تلك الأخطاء أثناء قراءته للقرآن، فقد كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ يقرأ
القرآن كثيرًا، وكان يصلي بالمسلمين بالقرآن الكريم.
ثانيًا: الصحابة العرب الذين تركوا دين آبائهم، وأسلموا لله، وآمنوا بكلِّ
ما جاء به القرآن الكريم، كان سبب إسلامهم ما سمعوه مِن آيات القرآن الكريم، مثل
عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه_ الذي كان قبل إسلامه من أشدِّ الناس عداوة لرسول
الله _صلى الله عليه وسلم _ والمسلمين
وفي يومٍ حمل
عمر سيفه، وهمَّ بقتل رسول الله لكن حين قرأ عمر آيات القرآن انشرح صدره، فسأل
خباب عن مكان رسول الله حتى يذهب إليه ويُشهر إسلامه، فأخبره خبّاب أنَّه في دار
الأرقم بن أبي الأرقم.
وكان عمر _
رضي الله عنه_ من العرب الأقحاح، وسماعه
للقرآن كان سببًا في هدايته للإسلام، وحتمًا لو كان قد وجد أدنى خطأ في القرآن
لَمَا زداه ذلك إلا عداءً وبغضًا لرسول الله والمسلمين، لكن نجد العكس تمامًا هو
الذي حدث معه.
كما أنَّ صحابة رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ لو كانوا قد وجدوا أي خطأ
لغوي في القرآن لما سكتوا عن ذلك، بل كانوا سيتكلمون أو على الأقل يستفسرون عن سبب
ذلك.
ثالثًا: كما هو معروف أنَّ مشركي مكة كانوا أشدَّ عداءً لرسول الله _صلى
الله عليه وسلم _ مِن مُلحدي وكارهي الإسلام اليوم؛ لأنَّ النبي جاء وقد سَفَّه
آلهتهم المزعومة، وجاء بِمَا يُخالفُ عقائدهم، وعاداتهم، وأحوالهم، ثم نجدهم قد
بذلوا الغالي، والنفيس للتخلص مِن دعوةِ رسول الله _صلى الله عليه وسلم _،
فحاربوه، وهجروه، وحاصروه، وتطاولوا عليه، وساوموه، ومع ذلك ما استطاع أحد منهم
أنْ يدعي أنَّ القرآن الكريم فيه خطأ لُغوي، وكان بينَ هؤلاء أبو جهل، وأبو لهبٍ،
والنضر بن الحارث، وغيرهم الكثير ممن كانوا يتمنونَ القضاء على الإسلام، بلْ لمْ
يخطرْ ببالهم أنْ يتهموا القرآن الكريم بهذا التهام الأجوفِ، لعلمهم أنَّهم لو
فعلوا ذلك، لسخرَ العرب منهم لِمَا في
القرآن الكريم مِن قوةٍ في اللغة وبلاغة.
رابعًا: كان العرب يتحدثون العربية سليقةً دونَ قواعد، ولمْ تُوضع قواعد
اللغة العربية إلا بعد سنواتٍ مِن إتمامِ القرآن الكريم، وكان هذا في عهد الخليفة
على بن أبي طالبٍ _ رضى الله عنه _، لمَّا اتسعَ الإسلام وانتشر، ودخلَ فيه
الأعاجم والْتَحَموا بالعربِ، وأصبحَ النَّاس يُلحنونَ في القرآن الكريم، وهُم يقرأنه،
فأشارَ علي _ رضى الله عنه_ لأبي الأسود الدؤلي أنْ يضع قواعدَ للنحو؛ ليسير وفقها
النَّاس والأعاجم، ثم لَبَّى أبو الأسود الدؤلي أمر أمير المؤمنين علي _ رضى الله
عنه_، ووضع قواعد اللغة العربية والنَحْوية، وكان مصدره في وضع تلكَ القواعد؛ هو
القرآن الكريم نفسه أولًا، والشعر العربي ثانيًا. وهنا أُحب أنْ أُنوه على أمرٍ في
غايةِ الأهمية، ألا وهو: (لولا نزول القرآن الكريم لَمَا وضع قواعد للغة العربية،
وكان سيظل النَّاس يتحدثون بها دونَ اللجوء لوضع قواعد؛ لأنَّ العرب والأعاجم
كانوا سيظلون هكذا كلٍّ منهما في طريقه، إنَّما القرآن الكريم والإسلام قُرب
الأُمم، والشعوب وساوى بينهما وربط بينهما برباطِ الإخوة، فوضعتْ تلكَ القواعد
لضبطِ لغةِ المسلمين مِن الأعاجمِ، الذين باحتكاكهم بالعربِ سيؤثرونَ في لغةِ
العربِ _أيضًا_ إذن فالقرآن الكريم هو الدليل على صحة القواعدِ ، وليست القواعد هي
الدليل عليه). فَمَن يقلْ أنَّ القرآن فيه أخطاء لُغوية كأنَّه يدعي أنَّ المياه
العذبة لا تروي الظمأ، وإنْ لم تروِ المياه العذبة الظمآنِ، فما يرويه إذن فهل
يُعقل هذا؟!
خامسًا: العجيب أنَّ مَن يدعون أنَّ القرآن فيه أخطاء لُغوية، أُناس بعيدين
كلَّ البعدِ عن اللغة العربية، وعن وقتِ نزول القرآن، فضلًا عن أنَّهم استخدموا
قواعد اللغة العربية، وجعلوها ميزانًا للقرآن الكريم، وكما أوضحتُ أنَّ أول مَن
وضع قواعد اللغة العربية هو أبو الأسود الدؤلي، وكان مصدره الأساسي في وضع قواعد
اللغة؛ هو القرآن الكريم، وبدوره قرأ القرآن الكريم مرارًا وتكرارًا بطبيعة الحال،
فكيف يا مَن لا تعرف الفرق بين المبتدأ والخبر، أنْ تظن أنَّك اكتشفت ما لم يكتشفه
مُؤسس اللغةِ، والواضع لقواعدها؟!
هذا مختصر من ردي على هذه الشبهة ضمن كتابي (مائة شبهة حول الإسلام).
أما عن أصل السؤال: (الآية الأولى: الواو استئنافية والصابئون مبتدأ فترفع، والآية الثانية: معطوفة على اسم إن فتنصب).