فاضل متولي يكتب: رواية اعترافات جثة «المؤلف عايز كدة».. ملاحظات (3)

  • د. شيماء عمارة
  • الجمعة 26 مارس 2021, 9:46 مساءً
  • 2006
الأديب فاضل متولي

الأديب فاضل متولي

المؤلف عايز كدة.

في الفصل الثالث من الجزء الأول وفي أثناء تشريح يحيى للجثة، قال في أثناء التسجيل إن الجثة في العقد الخامس تقريبا، أي أن صاحبها على أعتاب عامه الخمسين، ورغم ذلك لم ينتبه أحد من الشرطة إلى ذلك.

أخرج يحيى من معدة القتيل ورقة مغلفة بالبلاستيك مكتوب فيها رموز من حروف وأرقام، وفي الفصل السابع من الجزء الثاني ذكر الكاتب تفاصيل التعامل مع هذه الجثة من قبل موتها حتى تركها ولم يذكر شيئا عن هذه الورقة وكيف وصلت إلى معدته!

عندما دخل زياد وأخبر أنه يستطيع حل الألغاز الرقمية بسبب متابعته لصفحة عامر كان من المتوقع أن يتقدم عشرات آخرون بنفس العرض ولنفس الأسباب، لكن المفاجئ الذي لا يظهر له أي تفسير أنه لم يعرض هذا إلا زياد، زياد فقط، زياد الذي هو شريك في الجريمة، زياد الذي أعلن في آخر المطاف أنه صاحب الصفحة! أليس هذا غريبا؟ ربما أراد الكاتب أن يجعل الشرطة تحت سيطرة العصابة، ولكن بتكلفه الظاهر في الرواية كلها.

الأغرب من ذلك أن يخبره حازم أن رجال البحث الجنائي حاولوا فتح الملفات التي على الهاتف ولكنهم فشلوا، رغم أن الكاتب نفسه هو هو في رواية (طقوس الظلام) أخبرنا أن الذي حل شفرة التطبيق هو أحد القراصنة، أما الآن فجهاز الأمن يعجز عما يقدر عليه القراصنة الهواة!

في ملف هيام: أخبر عامر أنها في بداية العقد الثالث، ومعنى هذا أنها لم تتجاوز الخامسة والعشرين، فكيف يقول أن قطار الزواج قد داسها؟ وأنها ظلت حبيسة محطة العنوسة؟ يبدو أن الشركة كانت في أحد الكفور أو أحد النجوع!

وقالت هيام في التحقيق إن هذا كان منذ أربع سنوات، إذن هي حتى يوم التحقيق لم تبلغ الثلاثين، ولا ندري كيف قالت إنها في الثامنة والثلاثين؟!

ما العلاقة بين كون والدها موظفا في قطاع الكهرباء وكونها فريسته؟ والمعروف أن دخول موظفي الكهرباء عالية؟!

ولم يخبرنا عامر لماذا داعبها بعينه وبكلماته وببعض الهدايا، وهي بالذات لم يتحسس جسدها كما فعل مع سابقتها!

كيف استسلمت بهذه السهولة وهي آنسة؟

من هذا الذي يمكنه بسهولة أن يبتلع هذه القصة: كل هذا يفعله عامر بها ثم يردها أبوها بهذه السهولة، ولا كلمة ولا اعتراض؟!ولكنه التكلف الذي يريد به الكاتب إجبارنا على الاقتناع به! وهو نفسه التكلف الذي به يريد أن يقنع القارئ أو القاتل كما يسوغ للكاتب أن يسمي قارئه أن ها رضيت بالخروج معه رغم ما يذيقها من صنوف العذاب!

وخرجت وهي بين ذراعي! كيف؟ هل كنت تمشي إلى الأمام وهي تتقهقر إلى الوراء أم كنت أنت تتقهقر إلى الوراء وهي تمشي إلى الأمام؟

قبل أن يكتب الكاتب ملف هيام كان عليه أن يكتب قبله: صدق أو لا تصدق. من يمكنه أن يصدق أن رجلا في السادسة والخمسين يمكنه أن يقيم علاقتين جسديتين متواليتين بلا فاصل مع شابتين إحداهما بنت ليل؟ وكيف؟ حمراء من جهنم!

والغريب أن أحدا من الذين يحققون في هذه القضية لم يسأل: لم لم تقتله وهو يصليها هذا الجحيم؟ وهما منفردان ليلا بأية خطة كانت، ثم بعد نجاتها بفترة من الزمن ترجع لتبحث عنه فتجده في مسكن غير الذي تقيم فيه؟ كيف وجدته؟ لا ندري. ثم تنسق مع الآخرين؟ كيف التقت معهم؟؟ أما أنا فجوابي: إن الكاتب أراد أن يجعل بطله هو الأقوى حتى لو كان ثمن ذلك هو الفن الذي هو أداته الأولى في الصياغة، وأراد أن يثبت بتكلفه المعهود أن الشرطة غبية، يثبت ذلك بأي ثمن، بأي ثمن.

في ملف عفاف أخبرنا عامر أن أخته وأخاه وأمه كانوا يقيمون في منزل، وفي الفصل الأول من الجزء الثاني أخبرنا الكاتب أنهم كانوا يقيمون في شقة، طبعا لا تعارض؛ فيمكنهم الانتقال من الشقة إلى منزل، ولكن الكاتب لم يذكر لنا عن ذلك شيئا!

أخبرنا عامر أن أمه وعفاف كانتا تتشاجران بسبب ما كانت تسمعه الأم من أصوات وأن عفاف لم تكن تصدق. والسؤال هو: هل إذا أخبرت أم كبيرة في السن ابنتها بأنها تسمع أصواتا، وكانت ابنتها لا تصدق، فهل تتشاجر الابنة بسبب ذلك أم تحاول تهدئتها والبحث عن كشف لهذا السر أو عرضها على طبيب متخصص؟

يخبرنا عامر أنه بدل أحد أدوية أمه، وأن الشرطة قبضت على أخته باعتبارها المسؤولة عن الدواء، والمسؤولة عن الدواء لا شك تعرف أسماء أنواع الأدوية، فماذا قالت عندما واجهتها الشرطة والنيابة والمحكمة باسم الدواء الذي قتل أمها والذي لم يكن من قائمة أدويتها؟ وماذا عن بصمات عامر على زجاجة الدواء القاتل؟ لا جواب!

ولماذا هو قتل خطأ؟ إذا كانت الأم قد تناولت جرعة سابقة من هذه الزجاجة فكيف لم يكن هذا مثيرا للشك في أن أحدا بدل الدواء؟ وإذا كانت هذه أول جرعة فكيف لم تنتبه عفاف إلى أن الزجاجة مفتوحة؟ ولم يقل عامر إنه بدل الزجاجة ولكنه قال إنه بدل محتوى الدواء؟ وماذا تصنع شهادة الجارة إذا كانت التهمة ثابتة؟ وهل عرضت الأم على الطب الشرعي أم اكتفوا باشتباه طبيب الصحة واشتباه ملفق الرواية؟

لو كانت عفاف تعلم أنه الجاني، فكيف لم تخبر عنه ومدة السجن كانت كافية لتختفي عنه تماما؟ ولو كانت تعلم أنه الجاني فكيف تقول في التحقيق إنها جرت عليه العار وتخشى أن تلحقه بابنه؟ كيف وهي أرملة ضابط بالجيش تخاف وهي تستطيع أن تدبر له مكيدة باطلة إن أرادت؟

يسألك عامر بعد أن أخبرك أنه قتل أمه: هل تراني أستحق القتل؟ فما جوابك على سائل قتل أمه؟

أخبرنا يحيى أن القتيل قد عانى ألما رهيبا بسبب خمس طعنات! يا للعجب! كيف عانى ولم يطعن إلا بعد أن فارق الحياة تماما كما أخبرنا الكاتب في الفصل السابع من الجزء الثاني؟ وأخبر يحيى أنها خمس طعنات نافذة! يال العجب! وفي الفصل السابع من الجزء الثاني كانت أول طعنة من الملاك وهو طبيب أيضا، وقد نبه عامرا بأنه لا بد أن لا تكون الطعنات نافذة! لماذا لم يذكر أي شيء عن المنشطات التي قال يحيى إنه تعاطاها ولا عن الجزر الذي يقول إنه أكله؟

كيف تسرع حازم وقال ستة ألغز وكان مسترسلا في الكلام لولا أوقفه الرائد محمود؟ كيف يتوقع ذلك من خريج كلية شرطة وهو ابن عميد سابق؟

ذكرنا بعض الغرائب التي أوردها الكاتب في علاقة مراد بعامر، وإليكم طائفة أخرى من العجائب:

في ملف مراد يخبرنا عامر أن أباه كان يحرمه من الشيكولاتة ويؤثر بها أخاه يوسف، وكأن الكاتب يحدثنا عن حي المغربلين أو بطن البقرة بمصر القديمة لا عن حي الزمالك حيث الشيكولاتة للجميع، والسؤال الذي يأبى الكمون هو: هل الأطفال والمراهقين في الزمالك ينتظرون الشيكولاتة من الآباء؟ أليسوا يأخذون مصروفا من آبائهم وأمهاتهم يغنيهم عن هذا الانتظار؟ أم أن الأخوة الكبار هم أنفسهم يقدمون إلى إخوتهم الأصغر هدايا إضافة إلى هدايا الأبوين؟

كانت مروة تصعد إلى عشة الطيور التي تربيها أمها! في الزمالك يا رجل!

كان عامر يتعمد تقبيل مروة في مكان يراه فيه مراد! ولا أدري كيف كان يفرج مراد وحده دون أن يتفرج معه آخر؟! كيف كان يأمن أن يراه مراد فقط؟ ولا يراه غيره؟

أي زمالك تلك التي تلقى مخلفات العقارات بين عماراتها؟ هي زمالك محمد حياة لا زمالك الجزيرة!

كيف وضع يوسف في صندوق كرتوني دون أن يراه أحد بينما كان هذا في الشارع بين المباني في الناحية التي تطل عليها الشرفات والنوافذ؟

كيف عرفت أنه سيرفض عرضك أن تأتي معه؟ ربما كان يوافق؟

كيف عرفت أنه سيسرق سيارة أبيه في هذا الوقت؟

كيف عرفت أنه وهو يقود السيارة سينظر إلى مروة؟

كيف عرفت أن مروة ستكون في هذا الوقت مطلة من الشرفة؟

هل كان مراد يقود شاحنة كبيرة عالية العجلات حتى تدوس الصندوق ولا تدفعه في ناحية أم أنك وضعت الطفل في علبة حلاوة المولد؟

هل اتفقت مع الفئران والكلاب والقطط أن تترك لك صندوقا سليما يصلح للخطة؟

هل كان أطفال الزمالك يلعبون في شارع أصلا؟ ولو كانوا فأين الأمهات؟ وأين البوابون؟

هل طحنت السيارة الغلام ولم تمس قطعة الشيكولاتة بسوء حتى يراها مراد؟

هل رأى مراد أخاه قتيلا، بل قتيله ورغم ذلك دقق في قطعة الشيكولاتة التي بيده وقرأ ما كتب عليها؟

هل رأيت عيني مراد عندما جحظتا وأنت في الزحام وسط الأهالي؟

كيف لم تقترب الشرطة من بصماتك على الصندوق؟

كيف لم يتهمك مراد بعد كل ما فعلته به من قبل؟

كيف فكر مراد في الانتقام بعد ستة وعشرين سنة من خروجه من السجن؟ كيف وغل الانتقام لا يزال في قلبه إذا كان يفكر فيه؟ وبدأ يفكر فيه بعد كل ذلك؟ كيف وجده عامر بعد فراق نحو خمسة وأربعين عاما؟

لا جواب إلا أن تكلف الكاتب لتطويع الظروف لفكرته دون ضبط درامي هو الذي سيطر عليه، لا جواب إلا المؤلف عايز كدة!

 

تعليقات