باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
الملك أحمس
رصدت دراسة أثرية للدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص في الآثار اليونانية الرومانية، مكانة الأم في مصر القديمة حيث حظيت الأمومة في مصر القديمة بمكانة كبيرة، لدرجة أن المصري القديم اتخذ من معبوداته ربات للأمومة، كالمعبودة إيزيس التي سعت نحو حماية ابنها حورس بكل الطرق في مواجهة قاتل أبيه عمه "ست"، ولذا فهي كثيرًا ما تظهر وهي ترضع ابنها كناية عن حبها له.
وقال الدكتور حسين دقيل - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأحد
- إن مكانة المرأة وصلت لدرجة إهدائها أعلى وسام عسكري في مصر القديمة وهي هدية
الملك الشاب أحمس لأمه "إياح حتب" بعد أن انتصر على الهكسوس وطردهم من
الأراضي المصرية مكملًا بذلك دور والده "سقنن رع" وأخيه "كامس".
وأكد أن أحمس لم ينس دور أمه في هذا النصر فقام بإهدائها وسام ( الذبابة
الذهبية) تقديرًا لشجاعتها وصلابتها واعترافًا بدورها الكبير في هذا النصر، موضحا
أن هذا الوسام كان يعد أعلى وأرقى وسام عسكري في الدولة حينذاك؛ حيث كان يمنح لم
قام بأداء دور بطولي في المعارك العسكرية.
وأضاف أن إياح حتب كانت بذلك أول امرأة تتقلد هذا الوسام إلى جانب إهدائها
أيضا المشغولات الذهبية والأساور الفريدة ، لافتا إلى أن أحمس لم يكتف بذلك فقط بل
دعا إلى تبجيل والدته، وتقديسها في حياتها وبعد مماتها.
من جانبه، أوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان ، أن المصري القديم
أوصى بالأم خيرًا، فحث الحكيم "بتاح حتب" منذ 4500 عام؛ ابنه على طاعة
أمه، وذكره بما قدمته له منذ أن كان طفلًا، وحذره من تفضيل زوجته عليها فيقول
"أوصيك بأمك التي حملتك؛ هي أرسلتك إلى المدرسة كي تتعلم الكتب، وهي تُشغل
نفسها بك طول النهار، وهي التي تعطيك الطعام والشراب من البيت، والآن وقد كبرت
وتزوجت وأصبحت سيد بيتك؛ التفت إلى تلك التي ولدتك وزودتك بكل شيء؛ هي أمك؛ لا تدع
لها فرصة للغضب عليك، لا تدعها ترفع يدها غضبًا بسببك، لأن الرب سيستمع إليها بلا
شك".
وقال إن الحكيم "آني" منذ ما يقرب من 3500 عام؛ أوصى ابنه أيضا
بأمه، مبينا له بعض ما فعلته من أجله مذ كان جنينا في أحشائها، فقال "أعد
لأمك كل ما فعلته من أجلك، أعطها المزيد من الخبز، واحملها كما حملتك، لقد كان
عبؤها ثقيلا حين حملتك، وحين وُلدت بعد تمام شهورك حملتك على عنقها، وظل ثديها في
فمك ثلاث سنوات، ولم تكن تشمئز من قاذوراتك، وأرسلتك إلى المدرسة كي تتعلم
الكتابة؛ وفي كل يوم كانت تنتظرك بالخبز والجعة في بيتها، فإذا شببت وتزوجت
واستقررت في دارك، ضع نصب عينيك كيف ولدتك أمك؛ وكيف عملت على أن تربيك بكل سبيل،
ولا تدعها تلومك وترفع كفيها ضارعة إلى الرب؛ فيستجيب لدعائها".
وأضاف ريحان أنه في تعاليم الحكيم "عنخ شاشنقى" التي سجلها منذ
ما يقرب من 2500 عام، يبين أن قيمة الأم كانت أعلى درجة من قيمة الأب، فيقول
"لا تُضحك ولدك وتُبكيه على أمه، تريد أن يعرف أهمية أبيه، فما ولد فحل من
فحل" أي من غير أم.
ولفت الدكتور ريحان إلى أن المصري القديم لم يوص بالأم في حياتها فقط، بل
دعا أيضا إلى برها هي ووالده حتى بعد مماتهما، من خلال زيارة قبرهما، فقال الحكيم
"آني" "قدم الماء لأبيك وأمك اللذين انتقلا إلى قبرهما في الصحراء،
وإياك أن تغفل عن هذا الواجب، حتى يعمل لك ابنك بالمثل".
وأوضح أن النصوص لم تكن هي الوحيدة التي تدل على اهتمام المصري القديم
بالأم، بل هناك أيضا العديد من النقوش التي تزين جدران المقابر والمعابد والتي نرى
فيها مناظر لملوك بجوار أمهاتهم في صورة تعبر عن مدى تقدير هؤلاء الأبناء
لأمهاتهم، كما أن هناك أيضا العديد من المنحوتات التي مثل فيها الفنان المصري
القديم الأمهات وهن يرضعن أبناءهن الملوك، مثل التمثال الفريد المصنوع من
الألباستر والمعروض بمتحف بروكلين للفنون بالولايات المتحدة الأمريكية، والذي يمثل
الملكة "عنخ إن إس مري رع"، وهي تجلس ابنها الملك "بيبي الثاني"
على حجرها مما يدل على مكانتها عند ابنها.