سلطان إبراهيم يكتب: التفاؤل بنزول المطر
حين تنزل الأمطار تختلف المشاعر وربما شعر البعض بالضجر لما قد يترتب عليه نزول المطر من إصابته ببعض الضرر .
المؤمن يرى في نزول الماء رحمة من رحمات الله ولعل في نزول الماء تطهير للأرض من البلاء
"أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ"
ولا سيما مع نزول المطر في هذه الأيام
كم عبرة للخلق في سير السحابْ ** تدعو البعيد عن المليك إلى الإيابْ
من أي بحر قد تبخر ماؤه ** وبأي أرض يا ترى يروي اليبابْ؟
الله يعلم أين يبدأ سيره ** وإلام يمضي بين أرجاء الهضابْ؟
قال تعالى :"وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ"
فإن ذلك مطرٌ أنـزله الله من السماء يوم بدر ليطهر به المؤمنين لصلاتهم، لأنهم كانوا أصبحوا يومئذ مُجْنبِين على غير ماء. فلما أنـزل الله عليهم الماء اغتسلوا وتطهروا، وكان الشيطان قد وسوس إليهم بما حزنهم به من إصباحهم مجنبين على غير ماء, فأذهب الله ذلك من قلوبهم بالمطر. فذلك ربطه على قلوبهم، وتقويته أسبابهم، وتثبيته بذلك المطر أقدامهم, لأنهم كانوا التقوا مع عدوهم على رملة ميثثاء، فلبَّدها المطر، حتى صارت الأقدام عليها ثابتة لا تسوخ فيها, توطئةً من الله عز وجل لنبيه عليه السلام وأوليائه، أسبابَ التمكن من عدوهم والظفر بهم.
لعل الله الذي أرسل الماء يوم بدر يرسله على عباده طهرة لهم من الأمراض ليذهب رجز الشيطان الذي اصاب النفوس من الخوف من نزول الكرونا فالمؤمن يرى لطف الله في كل حال ""وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"
فالتفاؤل دليل حسن ظن بالله تعالى
ثبت عنه ﷺ أنه كان يعجبه الفأل، والفأل هو الكلمة الطيبة، التي يسمعها المسلم فيرتاح لها وتسره، وإن كان القول "تفاءلوا بالخير تجدوه" ليس بحديث نبوي وهو من العبارات الدارجة على الألسن، ولكن معناه صحيح شرعاً، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل، قال الإمام البخاري في صحيحه:[ باب الفأل، ثم روى عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا طيرة، وخيرها الفأل. قال: وما الفأل يا رسول الله؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم)، ثم روى بإسناده عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، الكلمة الحسنة)، قال الإمام النووي:[ وأما الفأل...وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة.
ما أجمل أن ترتبط النفوس بالخير، وتنعقد عليها همتها، وما أجمل أن تتفائل بالأحسن لتجده بعون الله وممده ولطفه، فانشراح الصدر بالخيرات من أعظم أسباب استقرار النفس وديمومة فاعليتها، الأمر الذي يضعها على جادة الاستفادة والإفادة، وتصير رقما مميزا في المعادلة البشرية، بعطائها الفريد وبصماتها المميزة. يقول روبرت شوللر: "إن الأوقات العصبية لا تستمر إلى الأبد، لكن الأقوياء يستمرون".
من حسنات التفاؤل أنه دليل حسن ظنك بالله عز وجل، ويجلب السعادة إلى النفس والقلب، وفي الفأل الحسن تقوية للعزائم، وانطلاقا إلى الأمام، وباعثاً على الجد والأمل، فلولا الأمل لبطل العمل.