عزة عز الدين تكتب: كائنات ناعمة
الكاتبة عزة عز الدين
أصبحت ِ لا تفارقين خيالي، هكذا قلتَ لي ذات يوم ولم أكن قد أدركتُ بعد هذا الشعور، أما الآن فقد انتهيتُ إليه، ابتلعني ولم يعد لي رفاهية الفرار هكذا أيقنتُ في سويعات كانت لنا نقشاً على جدار الروح، عشتُ فيها لحظات تعرفها جيداً امتزجت فيها خفقاتُ قلبينا فلم أميز أيهما لي، وهذه الأدمع التي تنهالُ بعد كل وداع، وصفحة بارقة عكست خيوط الشمس وداعبتها أنت بصوتِك فتناثرت عليها ملامحك، كيف لي أن أتأملها بعد الآن وقد كنت أهرب منك إليها أسكبُ شوقي وحنيني وأملي
كيف وللشوق جذوة وللحنين منتهى وللأمل سبيل
يا من من تكره العتاب والأسئلة والنقاش دعني أعاتبك. أفهم وأتفاهم
دعني بحق هذه النسمات الدافئة التي صبغت المكان بألطافِ الود
و بحق هذه السفينة الشاردة التي غادرت الضفة أمامنا حملت معها بعضاً من الحب وتركت لنا كل ما تبقى.. ألقيتُ على طرفِها أملي ووعدته بفسحةٍ من نور، جال الأملُ على السفينة يرتشفُ ما لذّ له من حياة
وحين عادت أيضاً أمامنا ألقت على غفلةٍ منك في قلبي الأمان لم لا وأنت جواري.
دعني بحق هذه الطيور الشاهدة علينا، تناغمت في بهاء وألقت على ناظري نفحةً من يمنٍ ورغد، وشوشتني رغم الفضاء الرحب لا تقلقي هو يشعرُ بك، يبادلك، اعترف لك وها هو ينهلُ من معينِ الوجد ويغدقُ بالأكثر، أتراها صادقة أم هي همهمات تائهة في واقعٍ صلد لن يسمح لنا حتى بحلمٍ مشروع.
دعني بحق هذه الكائنات الناعمة التي أحببتها من أجلك وقد أخبرتني عنها كيف تتمسح لتترك نفحاتها على من تحب فلا تدع غيرها يقترب وكأنها تهبُ نفسَها صكاً للخصوصية والانتماء،
كم تمنيتُ وقتها أن أفعل مثلها لأنعم بحنوك على راحتي، وبانتمائي لك، وحارسٌ على قلبِك يذكره دوماً أنه لي
ثم أغلّفُ النشوى بذكرى يوم بهي كان لنا حتى الغروب.
انتهت أميرة من قراءة رسالتها له، تلك التي كتبتها بخطها وبمداد روحها، ثم وقفت على الضفة تتأمل صفحة رقراقة وتستعيد ما بين اعترافه وذكرى هذا اليوم، تذكرت أحداثاً كثيرة مرت بها معه، جعلتها تتردد أن ترسلها له، بل هَمّت أن تمزقها وتبعثر القصاصات وقبل أن تستقر على سطح النهر تكون قد نزعت حلمهما من روحها، فهو من تلك الأحلام العالقة دوماً قيد الانتظار، في لحظة فارقة وقبل أن تفعل وجدت من يربت على كتفها، التفتت لتجده يناولها رسالة كتبها هو، ربما بين مقصود لم ينطق ومنطوق لم يقصد تضيع كثير من أواصر المودة.
تبادلا الرسالتين ومضى كل لطريق، فتحت رسالته وقرأت، وقبل أن تنتهي نافست ابتسامتها نور الشمس.