محمود حمدون يكتب: حروف متناثرة

  • أحمد عبد الله
  • الأحد 14 فبراير 2021, 06:36 صباحا
  • 868


التقيت " حسن " بالأمس بناصية شارع الحرية ,بمنطقة يتفرّع إلى حواري وأزقة بعضها معتم , كان يقف بوضعية انتباه كعسكري على أهبة الاستعداد لنازلة بسبيله إليها . هو شخص اقتربت منه سنوات طويلة, لكنيّ  حتى الآن لا أعرفه حق المعرفة ,أو ربما سعيت لمعرفته و فشلت بعد مثابرة.

اعتدت مؤخرًا الهرب من طريقه , لأسباب أهونها قدرته على الكلام بسرعة غريبة , تدمع عيني لحديثه وتنتابني رغبة في نوم عميق ,ثم يصحبني صداع يلازمني فترة من زمن .

ذلك المساء وجدته أمامي فعجزت عن الفرار ,أسلمت نفسي إليه لقمة سائغة , لكن على غير عادته كان هادئًا صامتًا , لم ينطق سوى بهمهمة ,بضعة حروف تناثرت من بين أسنانه. استبشرت بحالة خرس أصابته , اقتربت منه مرحّبًا , نظر إليّ شذرًا , أشار بيمينه و دلو من      " صفيح " كبير الحجم كان يقبض عليه بشدة .

فسألته: ما هذا الدلو ؟ ماذا تفعل به ؟

مدّ يده إليّ به,  فوجدت بقاعه قليل من سائل لم أتبينه , يفور من غليان شديد.!

قلت له : ساكت على غير عهدي بك ؟ هل أصابك خرس ؟

وضع " حسن " " الدلو " على الأرض ثم أدخل ساقيه بداخله ثم حشر جميع جسمه ببطيء كأنّما يسعى للجلوس بوضع القرفصاء . احتواه  " الدلو " بعد جهد , لم تمر فترة إلاّ و قد ذاب جسده كقطعة ثلج ألقيت بماء ساخن . اختفى " حسن ", بينما بقايا ملابسه الرثة تطفو رويدًا على سطح " الدلو " و بضعة فقاقيع تتصاعد.

 

تعليقات