الإعلان عن وظائف للأئمة في الأوقاف يناير المقبل
- الخميس 21 نوفمبر 2024
شعار الإلحاد
لا يختلف أحد أن عالمنا العربي يمر بأزمة أخلاقية ثقيلة عملت على خلخلة القيم والأخلاق بصورة مقلقلة للغاية وأقل ما يمكن وصفها بالخطيرة جدا ، والأخطر أن الإلحاد لاسيما الإلحاد القولى بدأ يعلن عن نفسه في المجتمع، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وإن لم تنتبه الجهات المعنية بهذه القضية فربما ندفع الثمن غاليا وتضيع هويتنا إلى الأبد، ولأننا في عصر الاستهتار فالكلمة أصبحت لا قيمة لها ولا يعرف الناس أن بكلمة أدخل بها الجنة وكلمة أدخل بها النار، فإن الباحث عبده مصطفى دسوقي يلفت لإلى خطورة الكلمة في بحث له تحت عنوان "الإلحاد القولي الأسباب والعلاج"، مؤكدا أن بالكلمة رفع الله أقواماً، وحط آخرين، فلها ثقلها في الإسلام، ولها خَطْب جسيم؛ فبالكلمة يدخل العبد في الإسلام، وبها يخرج، وبها يفرق بين الحلال والحرام، وبها تحرم، وبها يجلد القاذف، وبها ينصر المظلوم، ويقتص من الظالم، وبها يؤمر بالمعروف، ويُنْهى عن المنكر .
واستشهد الباحث بقوله تعالى (وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ
اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ {26}) (إبراهيم)، وعن أبي هريرة
رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن العبد ليتكلَّم بالكلمة من
رضوان الله، لا يلقي لها بالاً، يرفعه الله بها درجاتٍ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من
سَخط الله، لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم» (البخاري، 6477)، ولهذا كانت خطورة
الكلمة التي تتجسد أمامنا وتتعرى لتخرج لنا شر ما فيها .
وتابع : مع الانتشار الفضائي – أو ما يمكن أن
نطلق عليه الواقع الافتراضي - صرنا نستجير بالأخلاق لتنقذنا من حالة الانفلات اللفظي
والحركي الذي نعيشه، كلمات كثيرة تسللت إلى البيوت عن طريق المسلسلات والبرامج وغيرها،
حتى إن الكلمة قبل أن يتم تداولها لا تأخذ ضوءاً أخضر من أي عرف أو مرجعية لكنها تفرض
نفسها عنوة في الحياة
لافتا إلى أن هناك من يسعى إلى الإسراف في الألفاظ حتى
صارت مثل مزاد علني، كل يريد زيادة الجرعة لكي يلفت إليه الانتباه، فسمعنا وشاهدنا
على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وشبكات التواصل الاجتماعي حتى أصبحت
الفتن تحيط بالأمة كقطع الليل المظلم؛ يصبح الحليم فيها حيران، ويصبح فيها الرجل مؤمناً
ويمسي كافراً، ويصبح الرجل كافراً ويمسي مؤمناً، يبيع دينه بعرض من الدنيا، كما قال
صلى الله عليه وسلم .
وحينما غاب المربون وأصحاب الهمم العالية تحول السعار اللفظي لأمر واقعي يدفع بأفراده لجنبات الإلحاد فتتملكه، حتى صار الإلحاد أمراً طبيعياً يتباهى به الجميع على الملأ، ونقيم الحفلات لأنصار الشذوذ ولا حرج، ونسخر من العلماء والدين دون حياء.
وبحسب دسوقي تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي - مثل «فيسبوك»، «تويتر»، «يوتيوب»، المدونات - هي الوسائل الإعلامية الأكثر تداولاً بين الملحدين العرب، لأسباب عدة ربما من أهمها أنها تتيح للمستخدم خيار عدم الكشف عن تفاصيل هويته .
ويؤكد "دسوقي " في بحثه أن المتابع للمشهد يدرك الأسباب التي تدفع إلى الانفلات
اللفظي الذي يستعر أواره حتى ينتج عنه نوع يمكن أن نطلق عليه «الإلحاد اللفظي أو القولي»،
ومن هذه الأسباب المؤدية إلى ذلك: الشهوانية والانفلات من القيود والتحرر من الالتزامات
الدينية والأخلاقية، زد على ذلك انتشار المحسوبية وغياب العدالة الاجتماعية وانتشار
البطالة وغياب القدوة والرقيب، والفشل السياسي والاقتصادي والانفلات الأمني وغياب العدالة ، مشيرا إلى أن أكثر الملحدين يحملون مشاعر سخط على الله (حاشاه
سبحانه) أكثر من مشاعر الإنكار، ومن الأسباب التي دفعتهم لذلك رد الفعل من سلوك بعض
المنتسبين للدين وتسلطهم وقمعهم، وتقليد الشباب الأعمى للأقوى، ومحاولتهم تكميل النقص
والعصرنة، بالإضافة للتناقضات العقلية أو المشكلات الفلسفية والشبهات، وانتشار مناخ
عام يُحِث على الكراهية والتحريض، من خلال خطاب ديني يبتعد عن الوسطية والاعتدال، ووجود
صدامات سياسية وفقهية بين أنصار التيار السياسي/ الديني، هذا بخلاف الكبر والعناد الذي
تكون نتيجته هذا المنزلق الخطير.
وطرح "دسوقي " عدة طرق للعلاج تمثلت في أن هناك بعض الأمور العلاجية التي يجب على كل فرد أن يراعيها حتى لا تزل قدمه وعلى كل فرد تحصّن بالأخلاق وتسلّح بالإيمان ألا يغفل قاعدة «أصلح نفسك وادعُ غيرك ، عليه أن يجتهد في سلوك مسلك الرجال والتحلي بأخلاق العظماء، وعليه أن يبحث عما يشغل أوقاته ولا يستنزفها بين صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ويحرص على إعلاء قيمة الدين والأخلاق في قلوب أبناء المجتمعات الإسلامية.
كما على جميع الجهات المعنية أن تتحد وتقف يدا واحداةلعمل مبادرات لمجابهة الفكر الإلحادي بكافة اشكاله ، ومخاطبة هؤلاء الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومناقشتهم والعمل على غزر القيم والاخلاق في نفوسهم وتحقيق العدالة كل هذه عوامل سوف تكون سببا مهما لمجابهة الإلحاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي.