د. شريف شعبان يكتب: الفراعنة ونادي الجزيرة!

  • د. شيماء عمارة
  • الأحد 24 يناير 2021, 9:34 مساءً
  • 805
الكاتب د.شريف شعبان

الكاتب د.شريف شعبان

"هذا الشعب متدين بطبعه" 

عادة ما نتندر بتلك العبارة من باب السخرية أو التعجب، ولكن في حقيقة الأمر هي جملة حقيقية، فالحضارة المصرية القديمة لم تترك لنا معجزات معمارية وفنية ونماذج ملموسة فحسب، بل تركت مجموعة من القيم والمبادئ التي توراثها المجتمع المصري عبر القرون.

وتتجلى تلك المبادئ فيما يعرف بنصوص الحكم التي توضح كيف كان يزرع الحكماء في نفوس أبناءهم قيم إحترام الكبير ومراعاة الآداب العامة والحفاظ على تكوين الأسرة. بل تتطرق تلك المفاهيم إلى النواحي الحميمية حيث وضع المصري القديم لمجموعة من الضوابط ومنها تحريم الزنا حتى تصل عقوبتها إلى حد الإعدام بإلقاء الزناة إلى التماسيح. 


وحين تناول الفن المصري القديم مفهوم العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة، كان التناول ينم عن مجتمع محافظ يستخدم الرمز والتورية دون إفصاح أو تفسير، فنجد الرجل يقف أمام زوجته بكامل ملابسهما في وضع وقور، يجلسان في وضع مقابل أو يقفان الرجل تخلفه زوجته وتحتضنه بكلتي ذراعيها في ود مصحوب بحميمية مهذبة.

بينما نجد مناظر ما يعرف بالولادة الإلهية حيث يجلس المعبود في صورة ملك أمام زوجة الملك بهيئة رسمية مهذبة دليل على اتصال حميمي مستتر ينتج عنه ميلاد ولي العهد وهو ما يعطيه شرعية للحكم حين يصبح ملكاً باعتباره من نسل المعبوادت مباشرة.


كما تستمر رمزيات المصري القديم عندما يتناول مناظر المآدب والاحتفالات، حين نجد قاعات الاحتفال تفصل بين مجالس الرجال ومجالس النساء، بينما تمسك السيدات بزهور اللوتس وثمر الباذنجان كدلالة رمزية على الرغبة. 

 وهذا لا يمنع من أن المصري القديم قد عبر عن رغباته بشكل علني، وهو ما نعرفه في ضوء البردية الشهيرة المعروفة ببردية تورين، حيث تمثل نقلة نوعية في المجتمع آنذاك ومحاولة من الفنان في كشف ما وصل إليه المجتمع المصري القديم من انحطاط مصحوب بقدر من الإسقاط السياسي حين نجد رجل أشعث بصحبة أميرة راقية كدلالة على هذا الانحطاط. 

 أجد أن ما يجري حالياً ما هو إلا تكرار لما حدث في الماضي البعيد، فحين يرتقي الفن والذوق العام تعرف أن المجتمع في حالة صحية من النضج والرقي، أما حين تجد بعض أفراده يخرجون عن الآداب العامة والأخلاق التي تربى عليها المجتمع منذ آلاف السنين، فلك أن تعرف أنه رقي مصطنع وغياب عن التحضر الحقيقي.   

تعليقات