الإعلان عن وظائف للأئمة في الأوقاف يناير المقبل
- الخميس 21 نوفمبر 2024
بوذا.. ملحد لم يعترف بوجود الخالق
عرَّفَ بعض العلماء مصطلح الدين بأنه اسمٌ جامع لكل ما يٌعتقد حقاً كان أم باطلا وهذا مبنيُ على قوله تعالى "لكم دينكم ولي دين" (سورة الكافرون)، وهذا عند الإطلاق أما عند التخصيص فالدين هو الإسلام باعتباره دين الحق والله جل شأنه يقول "إن الدين عند الله الإسلام"، وآية الكافرون التي مرَّ ذكرها تجعل الكفر ديناً باعتبار المفهوم العام لكلمة دين، لكنه بالطبع دين باطل يودي بصاحبه إلى غضب الله وعقوبته.
ومن بين ديانات العالم يتحير العلماء أمام البوذية والإشكالية تتمثل في تساؤلهم حولها إذ نراهم لا يعرفون حتى الآن إن كان يمكن أن تصنف كديانة أم لا؟ وذلك أنها لا تؤمن بوجود الخالق ومن ثمَّ يرى البعض أنها فقدت أهم عنصر يجب أخذه في الاعتبار لإطلاق اسم "دين" على أي توجه بشري نحو الاعتقاد في شيءٍ ما.
والبوذية ليس لها إله وقد ضرب مؤسسها "سيداهارتا جوتاما" المعروف باسم (بوذا) صفحاً عن الحديث حول بداية الكون ونشأة العالم والإيمان بالخالق سبحانه وكان من المعروفين بإلحادهم، وما البوذية في أصلها إلا فلسفة أخلاقية تعنى بإيقاظ الإنسان من شهواته وحبه للدنيا وتحاول أن تحرره من أسر المادية والرغبات، وبطبيعة الحال فإن الأصل شيء والتطبيق شيء آخر؛ فالبوذيون الذين تقوم مبادئهم على التسامح كما هو مفترض يوسعون المسلمين في ميانمار قتلاً وحرقاً وتشريداً ويبدو من هذا أن الشعارات البراقة لا تعني بالضرورة سلامة نفوس أصحابها وقدرتهم على التطبيق العملي لما يرددونه من أفكار، وما أسهل الكلام لكن الفعل هو المحك.
ويمكن القول أن البوذين ليست ديانة بل هي نظام أخلاقي أو فلسفة وفي إطار هذه الفلسفة يتم النظر إلى من يقوم بعبادة بوذا باعتباره أحدث بدعةً لم يقل بها صاحب المذهب نفسه وهو الأمير المولود في مملكة نيبال بشمال شبه القارة الهندية والذي ترك حياة النعيم والترف رغبةً في الوصول إلى الحقيقة والسير في طريق الزهد.
وعلى مدار 2500 سنة هي عمر البوذية على وجه التقريب لم يؤمن البوذيون بوجود إله وانحصر اهتمامهم في تطوير قدراتهم الفكرية من خلال بعض الرياضات ومنها اليوجا وهي رياضة تأملية شهيرة، كما يهتم البوذيون بنشر اللطف والمودة مع البشر والحيوانات، أما حين يكون التعامل مع المسلمين فلا رحمة ولا شفقة وليس إلا الحقد والبغضاء.
جديرٌ بالذكر أن بوذا لم يدعِّ الألوهية أو النبوة واهتم فقط بالزهد ومعرفة الذات والبحث عن أصل معاناة الإنسان وقد نبَّه أتباعه إلى عدم عبادته مطلقاً بعد موته وكل ما في الأمر أنهم إذا أرادوا الخلاص والسعادة فعليهم ألا يرغبوا في شيء وأن يتحرر من قيود الشهوات وأن يكثروا من التأمل حتى يصلوا إلى "النيرفانا" حيث لا كدر ولا معاناة وحيث ينتفي التناسخ؛ إذ أن البوذية تؤمن بتناسخ الأرواح يعني أن الروح إذا خرجت من الجسد تحل في جسد آخر وتظل تنتقل عبر الأجسام في ولادات متكررة، والوصول إلى النيرفانا هو الذي يقي الإنسان من تكرار الولادة!.
وأخيراً نذكر أن عبادة البوذيين ليست على نحو العبادات التي نعرفها عند المسلمين وأتباع الديانات الكتابية بل وعند الهندوس؛ ذلك أن عبادتهم لبوذا تنحصر في إظهار احترامهم لشخصه والإخلاص لتعاليمه وبذلك يصح القول أن البوذية ديانة إلحادية أو بالأحرى مسلك أخلاقي لا علاقة له بالدين، وفي ميانمار لا علاقة له بالأخلاق أيضاً.