باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
عندما يأخذني
القلم للحديث عن الأب، تصطف كل كلمات المهابة والعزة ومعاني القيم والكرامة..
وكلما تحدثت عن قيمة أجدني أبحث في الأسرة وهي المنوطة بتأسيس القيم والمبادئ، حيث
إنها هي البنية الأساسية للمجتمع، وعندئذ أجدني أمام ملايين من القيم التائهة بين
الخلافات والصمت الهادم للمودة، والانفصال المعنوي وغير ذلك الكثير من المتاهات
تأخذني حتى أصل معها إلى أهم وأخطر متاهة وهي (الطلاق).
كلمة وُجدت لها
سورة كاملة بالقرآن لعظم المآل إليها وخطورته وحتى يتم وضع منهج عنوانه (واعلموا أن الله
يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) وإن كانت هذه جزء من آية بسورة البقرة إلا أنها كانت
موجهة للرجال في خطبتهم للنساء، لكنها معنى عمومة جائز بل ومستحب.
قد أكون تعمدت
ذكر وجود سورة بكتاب الله تسمى بالطلاق وذلك لأن هذه الكلمة ينفر منها البعض
ويهابها البعض ويخافها البعض ويبغضها الكثير، وهي بالفعل أبغض الحلال لما تتركه من
جروح وآلام وتهديدات لجميع أفراد الأسرة إلا أنها في بعض الأحيان تكون النجاة التي
لا بديل لها، ولكنها أيضًا أصبحت واقعًا، تفاقم في الآونة الأخيرة بشكل مخيف؛ ما
دعاني للوقوف عند بعض من هذه المتاهات ومناقشتها مع الأفراد والمختصين، مع عرض هذه
النقاشات في هيئة مقال لعلها تفيد ولو فردًا واحدًا فينصلح حاله بإذن الله.
وأحببت أن أبدأ مقالي اليوم بهمسة في أذن حواء..
دائمًا ما نجد معركة من أهم المعارك بين الأزواج بعد الطلاق وهي معركة الأولاد،
وغالبًا ما نجد أن الأم هي من تفوز بحيازتها لهم أو ربما قد تضطر لذلك أحيانا،
وهذا قد يكون أفضل للأولاد من حيث الرعاية والاهتمام، لكن وقبل أن أشير لمقصدي من
هذا الحديث، أود أن أهمس لكل امرأة أوفتاة بحقيقة وهي: أنها في الغالب لم تعشق
بحياتها رجل بقدر أبيها وإن توهمت غير ذلك،
فهي عندما تعشق زوجها أو تبحث عن حبيب؛ فإنما تعشق أو تبحث عن الأب، هذا العَمد
والسند، الحِمى والمروءة، الرحمة والدِّفئ، هذا المُحب المُدلِل، الخِل الحنون،
هذا الودود الرءوم ، هذا الكتف والظهر، والتي هي له قرة العيون.
من هنا نجد أن الرمز والقيمة لكل فتاة ولكل ولد أيضًا هو الأب، فإن مات الأب؛ فقد الأولاد كل هذا، وإن غاب الأب؛ فقد الأولاد جزءًا ليس بالقليل من كل هذا، أما إن كان الأب قاسيًا غير قوام، أو عِربيدًا أو بخيلًا أو مجرمًا أو ماشابه ذلك، فإن الأبناء آنذاك لم يكونوا فاقدين ما قيل عن الأب فحسب، لكنهم بالإضافة يحملون شيئًا من الخزي والعار والهزيمة الإنسانية وربما الأمراض النفسية التي من شأنها أن تؤثر سلبًا في سلوكياتهم ومستقبلهم، وعلى المدى البعيد علاقاتهم بأبناءهم وأزواجهم، وقبل أن أهمس في أذن آدم بمقال آخر فإني عنيتُ اليوم بدءًا بحواء بكلمة، أسبقها برجاء: لا تكسري نفس ابنتك وولدك، ولا تحطمي قلباهما وتشوهي رمز الأمان لهما حتى وإن فقدتِهِ أنتِ، فلا تجعلي ابنتك تبغض أباها الذي ترك الأسرة من أجل زوجة أخري أو ربما اختلس أو أدمن أو ..أو..، وكذا ابنك أيضًا: لا تجعليه ينوي الانتقام من أبيه عندما يكبر ولا تجعليه يتجرأ عليه، فيفقد معنى الاحترام والهيبة، لأنك إن فعلت ذلك؛ فلن تكوني انتقمتِ من من كان زوجك بل ستكونين انتقمتي في أولادك، ستقدمين للمجتمع فتاة تفتقد معنى الأب فتبحث عنه في كل الرجال وإما أن تسقط فريسة رجل يشبه ولدِك الذي لم يتعلم مِنكِ ولامن أبيه الفضيلة، وربما خرج بنقيصة ومرض نفسي فيدور بين النساء منتقم دون أن يدرك، والنتيجة أن ابنتك سينكسر قلبها يومًا ما مثل قلبك، وربما انهار بيتها وتستمر المأساة والسبب ليس رجل مريض ولكن السبب أم أمرضت ولدها فخرج ليكمل المسير وكأنه الميراث، أما عن كلمتي التي أهمس لكِ بها اليوم: لا تنتقمي من أولادك ولا تساهمي في تدمير المجتمع بحرمان أولادك من التواصل مع والدهم وأهله ولا تعملين على صنع القسوة في قلوبهم عليه ولاتشوهي رمزيته بأعينهم وإن أساء، وإن أساء.. وإن أساء.. كوني رحيمة بأولادك، وازرعي في قلوبهم البر والسماحة ليفوزوا بالدارين وتفوزين أنتِ ببرهم في الدنيا وحسن الجزاء بما صبرتِ، احفظي أمانة الله عندكِ فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.