د. محمد جاد الزغبي يكتب: هذه المقولة غير صحيحة شرعًا وعقلًا

  • أحمد عبد الله
  • الخميس 24 ديسمبر 2020, 00:37 صباحا
  • 1236
د. محمد جاد الزغبي

د. محمد جاد الزغبي

هذه المقولة غير صحيحة شرعا ولا عقلا ..

كعادة مواقع التواصل الإجتماعي نجد فيها منشورات وصور عليها أقوال مأثورة غير معروفة المصدر فى الغالب , وخطورتها أنهم ينسبونها لأسماء أعلام كبار , وهذه المقولات فى معظمها ليس لها سند من الشريعة أو الحكمة ..

وأشهرها تلك المقولة المرفقة والمنسوبة لابن عطاء السكندرى , فلو تأملنا المنشور سنجد تلك الحكمة التى يقول فيها صاحبها بأنه لا يسئ الظن بصاحبه لو رأى لحيته تقطر خمرا .. الخ ..




ثم مقولة تالية منسوبة لابن القيم ..

أما مقولة ابن القيم حول وجوب عدم التسلط على النوايا فصحيحة ولا غبار عليها ..

أما المقولة الأصلية والتى يطالب صاحبها بإحسان الظن فى حال مشاهدة رجل تقطر لحيته خمرا أو رجلا يصعد جبلا فيقول ( أنا ربكم الأعلى ) , ويتأول له بشتى التأويلات فالرد كالتالى :

أولا : هذه المقولة مجهولة المصدر بمعنى أنها لم تصح حتى لابن عطاء السكندرى ولم تصح نسبتها لأى إمام آخر فيما أعلم ..

ثانيا : حتى لو صحت المقولة لأى إمام مهما كان , فهى مخالفة تماما لحسن الظن الواجب فى الشريعة لأن قائلها لم يفرق بين حسن الظن الخاص ( بالنوايا الخفية ) وبين وجوب إنكار المنكر الخاص ( بالتصرفات العلنية )

فنحن مأمورون بإحسان الظن فى ليس فيه تصرف ظاهر وواضح , مثلا إذا توقف أخاك عن السؤال عنك فحسن الظن هنا أن تقول ربما انشغل عنى , أو أن تشعر بجفوة من صاحبك فى كلامه فتتأول له بأنه يمر بظروف صعبة .. الخ

أى أن مجال حسن الظن هو مجال محدود بالنوايا الخفية التى لا تظهر فى تصرفات واضحة وأفعال قائمة ,

أما أن ترى فعلا قائما أمامك ظاهره المنكر فتقول بحسن الظن فهذا هو التلبيس بعينه ..

لأنك لو رأيت رجلا تقطر لحيته خمرا فهذا تصرف واضح فيه ريبة وشك , وربما تكون الخمر انسكبت عليه فعلا لكن الواجب عليك ليس إحسان الظن والسكوت بل الواجب عكس ذلك وهو إنكار المنكر بمعنى أنك تواجهه بهذا الفعل الظاهر فإما يكون منكرا فيعترف به وإما يكون غير هذا فيلزمه التوضيح والبيان بالذات فى مواطن الريبة والشك ,

وليس من حسن الظن أبدا أن تسكت عن تصرفات منكرة ظاهرة لمجرد إحسان الظن ..

وقد فعلها النبي عليه السلام نفسه مع بعض أصحابه عندما رأوه وبجواره زوجته فنادى بهم أنها صفية , منعا لمسالك الشيطان .. رغم أنه النبي الأعظم المعصوم .. فكيف بغيره !

والدليل الساطع على هذا الأمر هو قصة سيدنا موسي مع الخضر عليهما السلام ,

فهل هناك مجال أوسع من حسن الظن لموسي وهو موفد من الله تعالى إلى الخضر الذى سماه ربه عز وجل بالعبد الصالح !

ورغم هذا ..

لم يسكت موسي عليه السلام عندما رأى تصرفات الخضر المخالفة للشرع الواضح ووصف أفعاله تلك بأشد الألفاظ حيث قال ( لقد جئت شيئا نكرا .. )

أى أن الخضر عليه السلام نفسه ــ وهو الذى معه شهادة مختومة من رب العالمين بالصلاح والوحى ــ لم يتردد معه موسي فى إنكار المنكر الواضح أمامه طالما أنه لا يعرف تفسيره

فإذا كان هذا حال نبينا عليه الصلاة والسلام وحال الخضر وموسي عليهما السلام , فهل يمكن أن يأتى أحد فيقول يجب أن أحسن الظن بشيخ أو عالم ــ مهما بلغت تقواه ــ إن وضع نفسه فى موضع الريبة ؟!

 

 

تعليقات