رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

نشأة الإلحاد.. ووهم الملاحدة

  • جداريات Ahmed
  • السبت 27 يوليو 2019, 1:02 مساءً
  • 8326
شعار الإلحاد

شعار الإلحاد

يعتقد الكثير أن الإلحاد بدأ بعد ظهور نظرية داروين المعنية بالتطور، ولكن الحقيقة إن الإلحاد قد ظهر منذ التاريخ القديم ، فكان الناس لايؤمنون بالله وقتها وحاربوا الديانات الموجودة التي كانت موجودة حينذاك وكانت ديانات للعبادة الأصنام التي تعد إلحاد بحد ذاتها في ذلك الوقت ومع اختلاف المسميات .


وعن أول هذه الحركات المسجلة تاريخياً للإلحاد كانت في الهند بالتقريب سنة  1000 (ق.م.)، حيث كانت أول علامات الشك في النص المكتوب "Rig-Veda" (أحد المخطوطات المقدسة للديانات الهندية): "من يعلم عن يقين؟ من يعلنها هنا؟ متى ولد ومتى تكون هذا الخلق؟ الآلهة خلقت بعد ميلاد هذا الكون. إذن من يستطيع أن يعلم من أين نشأ الكون؟ لا أحد يعلم كيف تكون الخلق ولا هل هو (الإله الأعظم) من صنع العالم أم لا. هو من يفحص الكون من السماوات العليا، هو من يعلم، أو ربما هو لا يعلم". وبعد ما يقرب من 500 عام أخرى (500 ق.م.) ظهرت البوذية، والتي استوحت أفكارها من الـ Rig-Veda" حيث حاول بوذا (563-483 ق.م.) أن ينقل الفكر من التركيز على الآلهه، والتي كان عددها قد جاوز الآلاف في الهندوسية، إلى التركيز على المعاناه الإنسانية والخلاص منها .


نشأة الإلحاد ووهم الملاحدة

قبل أن نلقي الضوء على نشأة الإلحاد علينا أن نسلط الضوء على أبرز الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد صفحات مضيئة في محاربة الإلحاد بالحجة والعلم والفكر العلمي السليم ومن هذه الصفحات صفحة كهنة الإلحاد والتي اكدت أنه لا يوجد تاريخ محدد يمكن من خلاله إثبات بداية زمنية للإلحاد، فهو ظاهرة طفيلية عبر الزمان لا توجد لها جذور حتى عند السوفسطائيين اليونانيين القُدامى، وحتى  "أبيقور" مؤسس مذهب المُتعة ومؤسس المدرسة الأبيقورية المُنحلة عاش عيشة متقشفة، وكان رواقيًا ساميًا في أخلاقه، عاش ومات على مذهب أهل الأديان في تبني الأخلاق، وترك الانغماس في الملذات واتخذ زوجة ومزرعة وعاش بما تُدره عليه دروس العلم التي كان يُلقيها لتلامذته.

    وكان فولتير أول المُلحدين والأب الروحي للإلحاد كان يشرح فلسفته الإلحادية لزملائه، وفي نفس الوقت كان يشرح الأخلاق في إطار الدين لخدامه ويخشى على خدامه من الإلحاد، وكان يدفعهم إلى الإيمان بالأخلاق في إطار ديني، وكان يقول كلمته الشهيرة:" لو لم يكن هناك إله لخانتني زوجتي وسرقني خادمي" .. ، بل وقام فولتير الملحد في أواخر حياته ببناء كنيسة بالقرب من قصره نقش على مدخلها "يا رب اذكر عبدك فولتير"، وادعى أنها الكنيسة الوحيدة المخصصة لله وحده على هذه الأرض، أما الكنائس الأخرى فهي مخصصة للقديسين وكان يرسل خدمه إلى الكنيسة بانتظام ويدفع أجور تعليم أبنائهم قواعد الديانة  -

فالإلحاد كفلسفة مُستقلة لا توجد له جذور عبر كل التاريخ ولذا يقول المؤرخ الإغريقي [بلوتارك]: "لقد وجدت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدا مدن بلا معابد."

ويقول  ول ديورانت في كتابه قصة الحضارة " ولا يزال الاعتقاد القديم بأن الدين ظاهرة تعم البشر جميعًا اعتقادًا سليمًا، وهذه في رأي الفيلسوف حقيقة من الحقائق التاريخية والنفسية". 


وفي عصرنا الحديث يصعب بشدة ضبط تاريخ محدد لظهور الإلحاد المُعاصر، لكن أغلب المؤرخين الغربيين يؤرخون لبداية الإلحاد في أعقاب هدم سجن الباستيل سنة 1789م مع بداية الثورة الفرنسية، وظهر فعليًا على الساحة العالمية بوصول البلاشفة للحكم في روسيا في أعقاب ثورة 1917 م ، لكن بقليل من الإنصاف سيظهر لنا أن البلاشفة بالفعل كانوا ملحدين وحاربوا الدين حربا شعواء، وتبعًا لمجلة التايم في عددها الصادر يوم 1-1-1956 فإن عدد الكنائس تقلص في الاتحاد السوفيتي من 46 ألف كنيسة سنة 1917 إلى 4 آلاف كنيسة سنة1956، إلا أن البلاشفة الشيوعيين لم يكن إلحادهم إلحادًا علميًا أو فلسفيًا أو فكريًا بقدر ما كان إلحادًا سياسيًا، فالدين من منظور ماركسي هو أحد البنى الفوقية بما في ذلك الفِكر والاجتماع والسياسة والتقاليد والقيم، بينما الإقتصاد هو البنية التحتية الوحيدة للمجتمع الماركسي، وكل البنى الفوقية هي انعكاس لهذا البناء التحتي، ولا توجد بنية فوقية واحدة مُستقلة، وهذا يعني أن الدين عامل عارض يتم إزالته في مرحلة لاحقة حتى ينفرد العامل الإقتصادي بإدارة الأمة الماركسية ، ولذا فأغلب إحصاءات أعداد الملحدين حول العالم هي إحصاءات مزيفة وغير دقيقة بالمرة؛ لأن أي دولة تُعلن الحُكم الإشتراكي يتم تحويل عدد سكانها في جداول البيانات من خانة الدين إلى خانة الإلحاد، وهذا ما ذهب إليه [صامويل هنتنجتون] في كتابه صدام الحضارات إذ يقول في ص108" يُشكل الصينيون حوالي 92% من الملحدين حول العالم فمع مجيء الشيوعية إلى الصين تم تحويل كل أصحاب الديانات الأرضية إلى لادينيين، في كل الدراسات الإحصائية لأصحاب الأديان في العالم ." وهذا تحويل قسري غير موضوعي على الإطلاق.

 

تعليقات