د. محمد جاد الزغبي يكتب: ملوك الطوائف.. وملوك القطائف!

  • أحمد عبد الله
  • الأحد 13 ديسمبر 2020, 05:39 صباحا
  • 890

 

ملوك الطوائف .. وملوك القطائف

بعد هذه الهرولة المقيتة المكللة بالعار من بعض من ظنوا أنهم حكاما وملوكا للعرب ..

ذكرنى بعض الأصدقاء بأننى قد قلت عن العصور الحالية فى زماننا أنهم يشبهون زمن ملوك الطوائف فى الأندلس !!

وضحكت بطبيعة الحال لأن صديقي لم يحسن فهم مقصدى سابقا بهذا التشبيه , لأن تشبيه الحكام العرب بملوك الطوائف صدر منى ليصف حال حكام العرب بعد عهد الإستقلال مباشرة أى فى زمن الناصرية والقومية , فحينها نعم كنا نشبه زمن ملوك الطوائف فعلا

أما حالنا اليوم فنحن فى زمن ( ملوك القطائف ) , ولا يمكن بأى حال أن نسمى حكام اليوم وما يفعلونه بأوطانهم بأنهم ملوك أو أمراء أو رؤساء , فالملك أو الأمير أو الرئيس الذى يهرول بهذه العبثية وهذا التذلل إلى أعدى أعداء الأمة ويسمى هذا سلاما أو تطبيعا لا يستحق منا إلا أن نصفه بملك القطائف وأمير الصوانى أو رئيس المحاشي !

أما زمن ملوك الطوائف .. وزمن القومية ..

فهو والله على ما فيه من كوارث فى الإستبداد والدكتاتورية إلا أنهما يتفقان فى أنه زمن ملوك الطوائف الذين امتلكوا الحد الأدنى من الحياء والمروءة والدين بل ومن الرجولة أيضا ..

فزمن ملوك الطوائف فى الأندلس ظهر بعد تفكك الدولة العامرية التى أنهت الحقبة الأموية العظيمة التى أسسها عبد الرحمن الداخل وبلغت أقصي قوتها زمن الخليفة الناصر وفى عهد الحاجب المنصور كانت إمبراطورية عظيمة قبل أن تتفكك بعده وتنحل الدولة إلى إمارات متنازعة منفصلة لجأ بعضها للتعاون مع الصليبيين فى سبيل الملك والحكم ..

لكنهم رغم تعاونهم مع ملوك أوربا إلا أنهم جعلوا هناك حدودا معينة لهم لم يتجاوزها إلى حد العمالة المفضوحة أو التنازل التام عن ثوابتهم الوطنية والعقائدية ..

فظل الأمر بين ملوك الطوائف وملوك الصليبيين فى الأندلس معاهدات هدنة أو سلام مؤقت , استغل الصليبيون فيه تشرذم حكام الطوائف ليفرضوا عليهم شروط الصلح ..

وعندما زاد الصليبيون فى تبجحهم وأرادوا إرغام ملوك الطوائف بنقل تبعية الحكم إليهم صراحة والعمالة الصريحة لهم ,

هنا رفض ملوك الطوائف كالمعتمد ابن عباد وغيره أن يذلهم ملك صليبي إلى هذا الحد , فهبوا للإستعانة بأشقائهم من المرابطين , وجاءهم مدد المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين واندلعت معركة الكرامة فى موقعة الزلاقة التى اندحرت فيها جيوش الصليبيين ..

وهكذا كان لملوك الطوائف خطوطا حمراء تمثلت فى أنهم قبلوا بمسالمة العدو وبشروطه وبجاحته لكن بحدود كان أولها أن يظل العدو الصليبي بوصف العدو ولا ينقلب إلى حاكم لهم يتبعونه فعليا كعملاء له ..

كما كان ملوك الطوائف يحافظون على عروشهم نعم , لكن إن كان الثمن هو وطنيتهم ودينهم كانوا يرفضون ويلجئون للمرابطين رغم خوفهم من حكم المرابطين عليهم وهو ما حدث فعلا

ولم يقبل ملوك الطوائف بالتفريط لدرجة أن يكون عدوهم هو الحاكم بأمره في بلادهم والصديق الصدوق والحليف المكين فى نفس الوقت الذى يعادون فيه أشقاءهم معاداتهم لأعداء الدين والوطنية والعقيدة

وفى زمن القومية كان للإحتلال الإسرائيلي عملاء من حكام العرب , لكن حتى هؤلاء العملاء كانت خطوط حمراء لا يجرءون على تجاوزها فلم يجرؤ واحد منهم أن يعلن عمالته أو حتى يرضي أن يقال عنه أنه عميل للعدو , ولم يجرؤ واحد منهم على المناداة بالسلام معهم فضلا على المناداة بالتطبيع ..

وحتى بعد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل ..

لم تتعامل مصر أو العرب على إنها اتفاقية سلام فعلية بل كان التعامل معها كاتفاقية هدنة حتى من الجانب الإسرائيلي وظلت عقيدة الجيش المصري قائمة على عقيدة مواجهة العدو القادم من الشرق وظلت حرب أكتوبر مرجعا تدريبيا رئيسيا فى مناهج الكليات العسكرية

ولم يكن فى الزمن القريب أحد من الحكام أو حتى من جموع شعوب العرب ليجرؤ أن يظهر موالاته للعدو حتى لو كان مواليا معه فعلا وذلك مخافة ردة فعل الشارع العربي عليه

هكذا كان زمن ملوك الطوائف , وزمن القومية أما زمن ملوك القطائف فهو كما ترون , يتم نصب شعائر صلوات اليهود علنا , ويهرول الحكام وسفاراتهم وسفرائهم لطلب مرضاة إسرائيل , ويتباري كل حاكم فى إظهار عمالته بأكثر من الآخرين !!

ولا أتعجب والله إن طالبت إسرائيل بعد ذلك بتعويضات عن حرب 48 وحرب أكتوبر , أو طالبت بحق يهود ينى قريظة وينى النضير فى غزو الأحزاب !!

وربما طالبت إسرائيل بمحاكمة الصحابي الجليل سعد بن معاذ بتهمة معاداة السامية لأن دعا ربه فى غزو الخندق ألا يميته حتى يشفي صدره من بنى قريظة !!

 

 

تعليقات