رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

"شأن خاص".. قصة قصيرة بقلم محمود حمدون

  • سلطان إبراهيم
  • الأحد 22 نوفمبر 2020, 00:19 صباحا
  • 955
الكاتب محمود حمدون

الكاتب محمود حمدون


استغرقت وقتا طويلاً في إعدادها , هيّأت نفسي جيدًا فقد بحثت عن الوصفة ,سعيت منذ فترة لشراء مكوّناتها من أجوّد الأنواع , لم أبخل بمال أو جهد .
دائما هناك لحظة تندلع الشرارة فيها , عندها يكتمل كل شيء لمّا حان الوقت , شمّرت عن ساعد الجد , مرّت عليّ ساعات كثيرة من عمل شاق فتلك تجربة أولى أخوضها , لعلّي سمعت و قرأت عن محاولات آخرين لكن تظل تجربتي لها رهبتها في النفس , كم سعدت بنجاح حققته في صنع هذه " الكعكة " فلم أقف كثيرًا أمام تكلفة أنفقتها و تضحيات بذلتها وتحذيرات سمعتها بعدم إكمال هذا الطريق, و الذهاب للمقهى والاستمتاع بوقتي كالآخرين .
أخرجتها ساخنة من " فرن " الموقد , حرارة رهيبة تصاعدت فجأة لتلفح وجهي , خففّ من صهدها فرحتي الغامرة و أنا أمسك بها بين بيدي, وضعتها برفق على طاولة مجاورة , ثم أحضرت طبق صغير وسكين و شوكة , أمنّي النفس بطعام شهي مكافأة سخية بعد سنوات من شقاء , قعدت على كرسي و أثر ارهاق بدا في عيني , نظرت في مرآة جانبية فوجدت وجهًا أنكرته و سألت نفسي : كيف بلغ بيّ الشقاء هذا الحد ؟
تجاهلت إجابة أعيها ولن تزيدني إلاّ بؤسًا , حمدت الله كما ينبغي و انكفأت لتقطيعها و إذا بجرس الباب يتصل في رنين دون انقطاع وصخب بالخارج , بدا أنيّ أعرف أصحاب تلك الأصوات أو بعضها على الأقل .!
كانوا هم زمرة الأصحاب منهم من أراه صبيحة كل يوم و بعضهم في المناسبات السارة , و آخرين غابوا منذ زمن بعيد لسبب أجهله, احتفيت بهم و حيرة بادية في نفسي , ما تلك الزيارة المفاجئة ؟!
= كأنك لا ترغب برؤيتنا ؟! أننصرف ؟!
فأجبت : لم أقصد, لكنها زيارة دون موعد , بوقت أكثر غرابة ؟ فما ورائكم ؟!
قال كبيرهم : قصدنا زيارتك لنشاركك نجاحك في صُنع " كعكتك " فقد رَاهنتُ آخرين منذ فترة على قدرتك على صُنعها و فزت كما أفعل دومًا , لذا ليس أفضل من أن نحتفل معك.
زميل رأيته آخر مرة منذ عشرين عاما اندفع للداخل فأحضر عشرات الأطباق, وآخر جذب وسائد و كراسي من جوانب الشقة و غرفتيها , ثم قام صاحب الرهان وأشار بيديه فصمت الجميع , همس : لحظة لا أحب أن يشاركنا غيرنا احتفالنا فذلك شأن خاص, فهل أنا مخطئ؟!
أمّن الباقون على رأيه , بينما اندفع هو يغلق باب " الشقة " و نوافذها ليمنع تسلل الهواء , يُسدل الستائر, يطفئ الأنوار , ثم أضاء هاتفه المحمول , فانبعث نور شاحب, وضعه بمنتصف الطاولة , و بصمت بليغ خيّم على رؤوس القوم , انطلقوا في الأكل و المضغ , سمعت همهمة بضيق من أحدهم يقول: ينقصها بعض السكر, كما أنها كانت بحاجة لوقت أطول في " الفرن "

تعليقات