رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

علي الديناري يكتب: أبناؤنا.. وأول غلطة

  • سلطان إبراهيم
  • السبت 21 نوفمبر 2020, 11:31 مساءً
  • 942
المهندس علي الديناري

المهندس علي الديناري


تعالوا نعترف

ماذا يفعل كل منا عندما يخطيء ابنه ؟

كلنا تقريبا ننفعل نغضب وقد نثور ونعنف ونزجر كما لو كان المخطيء كبيرا

لو رجعنا الى طريقة المربي الحكيم صلى الله عليه وسلم سنجد أن المخطيء لأول مرة حقه التعليم أو الوعظ والتوجيه  بلا عقوبة ولا تعنيف 

وقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  آلاف الأمثلة من حياته التي تمثل لنا منهجا وقدوة في التربية

 فهو عليه الصلاة والسلام حتى آخر حياته كان يجد من أصحابه أخطاء يقعون فيها بسبب عدم علمهم فيصبر عليهم ويعلمهم ويوجههم بلا تعنيف

ومن هذه الأمثلة:

1ـ عَنْ السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وآله وسَلمَ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وآله وسَلمَ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ،

 فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وآله وسَلمَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ» ؟!،

 ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَأيْمُ اللهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». أخرجه مسلم والنسائي.

فهو عليه الصلاة والسلام غضب غضبا شديدا ظهر في وجهه لكنه لم يعاقب أصحابه على طلبهم وانما وجدها فرصة ليُرسي مبدأ مهما وقيمة عالية وهي المساواة وعدم الشفاعة في الحدود وعدم المحاباة

2ـ  عن أنس بن مالك قال: بينما نحن في المسجد مع رسول اللَّه إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول اللَّه : مَه مَهْ، قال: قال رسول اللَّه :  لا تزرموه، دعوه ، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول اللَّه دعاه فقال لـه:  (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر اللَّه، والصلاة وقراءة القرآن )، أو كما قال رسول اللَّه .

وفي رواية انه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه انما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين

3ــ روى الترمذي "عن عائشة رضي الله عنها قالت: أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه فبدأ بي فقال : يا عائشة إني ذاكرٌ لك أمراً فلا عليك ألا تستعجلي حتى تستأمري أبويكِ. قالت وقد علم أن أبويَّ لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت ثم قال : إن الله يقول : " يا أيها النبيُّ قل لأزواجك إن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحياةَ الدُّنيا وزينتَها فتعالين أُمَتِّعكُنَّ وأُسَرِّحكُنَّ سَراحاً جَميلا" حتى بلغ -" للمحسنات مُنكنَّ أجرا عظيما "قالت فقلت : أفي هذا أستأمر أبويَّ ! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت.

فقال : لا تسألني امرأة منهم إلا أخبرتها.. إن الله لم يبعثني مُعنِّتاً ولكن بعثني معلماً ميسرا وفعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت "قال : هذا حديث حسن صحيح

فهو صلى الله عليه وسلم اعتبر حجبه للمعلومة عن نسائه اذا طلبنها للاستعانة بها في الرأي تعنتا وامتنع عن تلبية رغبة عائشة ولكنه لم يعنفها وانما وضح لها أن طلبها هذا يتنافى مع رسالته عليه الصلاة والسلام

والنماذج على هذا المبدا التربوي تفوق الحصر

ونحن طوال عمرنا قد أخطأنا كثيرا وسوف نخطيء  جهلا أو قلة خبرة كما يخطيء ابناؤنا لكن الفرق اننا قد لانجد من يعنفنا أو يوبخنا كما نفعل معهم ..

الطفل عندما يخطيء لأول مرة فمالذي يعاقب عليه ؟

العقوبة لاتكون الا على مخالفة .

ماهي المخالفة التي ارتكبها اذا كنت لم تعلمه شيئا من قبل عن الموضوع الذي أخطأ فيه ؟

اننا حتى نقلل من الأخطاء يجب علينا أن نكون جاهزين لكل مرحلة جديدة في حياة الطفل أو كل موقف جديد ونوليه بالتعليم والتوجيه

فمثلا عندما يذهب الحضانة لأول مرة ـ عندما نخرج الى الحديقة لأول مرة ـ عندما يزور معنا اصدقاءنا لأول مرة ـ عندما نرسله ليشتري لأول مرة ـ عندما يأتينا ضيوف لأول مرة ـ  عندما ينتقل من الحضانة الى المدرسة ـ عندما يلتحق بالجامعة ـ قبل الزواج ـالخ

وعلينا أن نتوقع رغم هذه التوجيهات أن تحدث منه نسبة ما من الخطأ

ثم بعد العمل نقيم معه سلوكه فنشجعه على الصواب ونصوب له الخطأ

عندما يخطيء أبناؤنا فهذا فرصة لتطويرهم  فعلينا أن نتخلص بسرعة من حالة الغضب حتى نستطيع أن نفكر كيف نستفيد من هذا الخطأ في توصيل رسالة مهمة أو إحداث نقلة في التربية أقل شيء فيها هو أن لايتكرر هذا الخطأ هذا أقل شيء لكننا نستطيع أن نصل مع الابن الى أكثر من ذلك بكثير عندما نحتقظ بهدوئنا لنؤدي رسالتنا السامية الشاقة في التربية

 

تعليقات