أبو الحسن القروي يكتب: الشيخ سعيد حماد كما عرفته
م. سعيد حماد -رحمه الله-
شخصية لم أقابل مثيلها من قبل حتى الآن.
رافقته في رحلات إفريقيا ثلاث مرات في كل مرة أتعلم منه أشياء كثيرة.
كنت أرى فيه نشاط شاب العشرين.
كان جريئا في المواقف، وقد علمني هذه الجرأة، بل كان يحثني عليها، ويوصيني باليقظة في المواقف.
رجل في السبعينات ويركب الموتوسكل خلف الإفريقي ليجتاز مكانا مرتفعا في إحدى جزر بحيرة فيكتوريا (شيء عجيب وهمة عالية).
كان عنده الغضروف ويلبس حزام الظهر .. وعمل عملية في القلب .. وعنده تعب في مفاصل الركبتين ومع ذلك كان يتحرك في كل مكان من أجل الدعوة.
كان ينتهز أي فرصة يدعو فيها كافرا للإسلام .. وكان ينجح كثيرا في الإقناع، ودخل الإسلام على يديه أناس كثيرون والحمد لله.
كان يتكيف مع أي موقف وأي بيئة، ويسافر المسافات الواسعة، ويتحمل مشاق السفر .
كان ذكيا لماحا بطريقة عجيبة جدا .. من الصعب أن تخدعه ولو مزاحا.
مع حزمه وقوة شخصيته إلا أننا كنا نلمس فيه الرقة ورفاهية الحس.
كانت فيه اندفاعة إذا غضب، ولكنه سرعان ما يلملم الموقف ويلطف الجو ويبين جوانب الموضوع وحيثياته.
كنا إذا أصابنا الكسل نظرنا إليه وإلى عصاه التي يتكأ عليها فنستحي من أنفسنا. وكان يكره عبارات اليأس والتحبيط والتثبيط ولا يحب سماعها.
كان يكره الضعف والهوان والانكسار ، ويقول: كن قويا في مواقفك ودفاعك عن الحق ولا تيأس، وحاول فتح الأبواب المغلقة بكل الطرق والتوفيق من الله.
كان يبتعد عن مواطن الريبة ويحب الوضوح والطرق المباشرة.
كان يحب الانطلاق والتجديد.
كان لا يستنكف إذا سمع معلومة جديدة أن يقول تعلمت من فلان كذا وإن كان أصغر منه.
كان يشرح كل معلومة ويوضحها لمن أمامه وينير الطريق لغيره، ويذكر خبراته ومواقفه، حتى يكون مَن أمامه على بصيرة من أمره.
كان يعرف لصاحب الحق حقه ويذكر مزاياه.
كان يحب الإدارة والنظام ويؤكد على ذلك.
كان يفتح المجال لمن معه ويعطيه مساحة للتحرك .. وهذه ميزة لم أرها في أحد ممن قابلتهم كرؤيتي لها فيه.
كان يفرح بالإنجاز ويثيب عليه ويشجع فاعله.
كان يحب القرآن ويقرأه دائما ويصلي إماما ويقرأ بالقراءات أحيانا.
كان يحب الدقائق العلمية، ويذكر طرفا منها.
وكان يحب النحو ويتحراه في عباراته.
كان صاحب مزحة ودعابة تظهر في طيات حديثه.
كان يضحك ويبتسم ويمزح مع المحيطين به.
كان والدا .. نعم الوالد
كان عنده حسن استقبال وحسن ذوق في عباراته عند استقبال القريب والبعيد والضيف...
كان ينزل الناس منازلهم ويشيد بمجهود صاحب المجهود ويذكره في غيبته بأحسن ذكر.
كان يفخر بفريق عمله ويمدحهم من ورائهم، ويحبهم ويساعدهم بكل ما يستطيع.
كان يفرح برسالة واتساب تأتيه من أحدنا ويشكرنا على السؤال.
من أجمل مواقفه التي لا أنساها أننا قابلنا بعض الناس ذوي الهيئات وكان يتحدث معهم عن موضوع ما فلما أتيح لي الحديث وكنت أحيط بجوانب الموضوع ترك لي الكلام في الموضوع ولم يتكلم فأراد أحد الزملاء مقاطعتي فنهاه ... ثم قال لنا بعد أن خلونا مع بعضنا :
محمد حسن أدرى بالموضوع منا وليس المهم مَن يتكلم بل المهم أن تصل الفكرة كاملة.
في رحلة واحدة طاف ثماني دول إفريقية في مدة شهرين ونصف (همة عالية جدا).
من أشهر مقولاته التي سمعتها منه في رحلاتي معه وفي مكتبه في مصر:
(اخرج من قمقمك)
(دعوتنا دعوية عالمية)
(خليك واضح)
(يا بني اعمل .. الناس سبقونا)
(خليك مفتَّح .. خليك ذكي .. متخليش حد يستغفلك)
(أنا مش أكتر من فرد في الفريق لكن استفيدوا من خبرة السنين والمواقف)
(دايما اجعل معاك فلوس في جيبك للمواقف الصعبة)
(الناس محتاجة دعوتك)
(خلص الكافر من كفره وعرفه بالله عز وجل)
(الناس محتاجة منا الكلمة)
(أنت مجرد مفتاح)
(أقدامنا أقلامنا)
(ربنا يستعملنا لنصرة دينه)
علمنى الشيخ سعيد حماد
الإستمرارية لا الوقتية...
الشمول لا الجزئية...
الترتيب لا العشوائية...
الكيفية لا الكمية...
الجماعية لا الفردية...
التخطيط لا الإرتجالية...
السعة لا الضيق...
البلاغ الخاص مقدم بعد البلاغ العام ...
رحمك الله يا شيخ سعيد حماد
كان دائما يقول: أنا نفسي أموت وأنا في الدعوة.
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
الآن أشعر أني وحيد .. أسأل الله الصبر على فراقه