باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
الروائي علاء فرغلي
الرواية نموذجي الأمثل لأنها فضاء واسع للرؤى والأفكار غير متوفر في جنس أدبي آخر
شخصيات "خير الله الجبل" هي الأصوات الزاعقة بداخلي.. و"وادي الدوم" فانتازيا بـ"صبغة واقعية"
لا أتعمد الكتابات الطويلة وطبيعة الموضوع تحدد شكل البناء وحجمه
ملتقى السرد العربي تجربة حقيقية في وجود فجوة بين النقد والأدب
على الموهوبين تقديم أنفسهم بعيدا عن الإعلام من خلال وسائل التواصل التكنولوجية
لا يبدو الكاتب الروائي علاء فرغلي مشغولا بعدد رواياته بقدر اهتمامه بجودتها وجديتها أو كما يلخص ذلك في قوله «لا أكتب بالتارجت»، وفعلا انعسكت رؤيته تلك وتجسدت في عَمَليه اللذين يمثلان كل منجزه الأدبي حتى الآن، فروايته الأولى «خير الله الجبل» تلقى إشادات واسعة من النقاد وتحصد جائزة ساويرس في عام صدورها، ويقول عنها الدكتور حسام عقل، إنها مرآة كاشفة للهرم المقلوب، ثم يخرج علينا موخرا علاء فرغلي بعد انقطاع حوالي ثلاث سنوات بروايته «وادي الدوم» التي اعتبرها كثير من النقاد «أنها عمل ملحمى» ورشحها البعض للفوز بجائزة عربية قريبا.
"جداريات" حاورت علاء فرغلي، على هامش مناقشة روايته "وادي الدوم" في ملتقى السرد العربي، لتقف على ملامح مشروعه الروائي، وكيف يغزل عالم أعماله وأمور أخرى كشفها لنا فرغلي في حواره.
أنت مُقل في نتاجك الإبداعي فلم يصدر لك حتى الآن سوى روايتين.. ما دلالة ذلك؟
لا أفكر في عدد النصوص التي يجب أن أكتبها، بمعنى آخر ليس لدي "تارجت" أسعى للوصول إليه خلال مدة زمنية محددة، الحقيقة أنني أكتب حين أشعر أن التجربة قد نضجت، واكتمل عالمها، والتأمت بالرداء الذي يتوافق معها من حيث اللغة والأسلوب وشكل البناء، فن الرواية في ظني فن صعب يحتاج إلى الكثير من التأني من جانب الكاتب، ولدينا نماذج عظيمة لكتاب عالميين لم يتجاوز نتاجهم الأدبي أصابع اليد الواحدة، ومع ذلك عد إبداعهم من كلاسيكيات فن الرواية العالمية.
رواياتك تحمل عناوين مكانية.. فهل هذا يعني أنك مولع بالأمكنة؟!
أنا مؤمن بأن المكان جزء أصيل وعامل بالغ الأثر في تكوين شخصية الإنسان الفرد والمجتمع، يطبعه بطابعه ويصبغه بلونه، ومن ثم لجأت في كتابتي إلى استجلاء طبيعة المكان باعتباره المسرح الذي تتواجد فيه الشخوص والأحداث في إطار زمني محدد. في عصر ما، قبل ظهور فن الرواية بشكلها الحالي، لم يكن فن الحكي يعتمد على المكان أو الزمان، مثل الأساطير والملاحم وقصص البطولات، لكن مع التحول إلى شكل الرواية في صورتها الواقعية أصبح المكان عنصرا مهما في بناء النص الروائي.
كيف تشكل عناصر عالمك الروائي عموما؟
الفكرة تومض في ذهن الكاتب، ثم تبدأ في التشكل، مثل النطفة في رحم الأم، بمرور الوقت ومع كثير من التغذية السليمة والرعاية، تبدأ في النمو، تصير هيكلا من لحم ودم، ثم تبدأ الأطراف والملامح في الظهور، كذلك العمل الروائي، ينمو في ذهن الكاتب ويتشكل عالمه، بصورة طبيعية، وتبدأ مهمة الكاتب حينها في فض التشابك وبناء العلاقات، وبحسب طبيعة القصة يكون البناء، أحيانا يكون المكان هو الموضوع، وقد يكون الزمن والحدث التاريخي، وقد يكون أحد الشخصيات، وقد يكون الموضوع هو عالم كامل ومزيج من كل هذه العناصر.
لماذا هذا المزج بين التاريخ والفانتازيا في "وادي الدوم".. هل تريد أن تقول شيئا لا يحتمله الواقع أم هو هروب من واقع ممجوج؟
الحقيقة أنني أرى أن التاريخ نفسه يحمل قدرا كبيرا من الفانتازيا، بل إن الواقع هو خليط من الحقيقي الملموس والفانتازي واللامعقول، وبالتالي فالمزج بينهما في أي عمل أدبي يعتمد على الخيال هو أمر وارد، بشرط أن يتم ذلك في شكل جمالي جذاب ومحمود، وبالنسبة لرواية وادي الدوم، فإن طبيعة الحكاية التي تتلخص في وجود مكان صحراوي بعيد يمر بأحداث تاريخية خطيرة على مدار سني عمره، هذه الفكرة نفسها تحتمل الكثير من الفانتازيا، لكنها فانتازيا ذات صبغة واقعية نابعة من الأحداث والشخصيات.
في "خير الله الجبل" اخترت الهامش والهامشيين.. فهل هذا تأثر بكاتب معين كيوسف إدريس مثلا؟
لا يمكن اعتبار تناول الكاتب لموضوع معين في نصه الأدبي تأثرا بكاتب آخر، وإلا كان النص تقليدا جافا، أو صورة منعكسة من كتاب آخرين، لقد اخترت هذا العالم في خير الله الجبل، لأنني شعرت أنه الفضاء الذي يمكنه أن يحتوي ما أريد التعبير عنه. هذه الشخصيات التي تتناولها الرواية هي الأصوات التي تزعق داخلي، فلجأت للكتابة عنها.
لست منشغلا باتباع اتجاه معين في الكتابة، أو تحقيق هدف سوى التعبير عن الإنسان، وبشكل أساسي الإنسان خافت الصوت، غير المرئي الذي يسير في الظل مثل النمل. أما عن مدى تحقق عنصر التجريب فيما أكتب فأعتقد أن القارئ والناقد هو الذي يستطيع أن يجيب عن ذلك.
لماذا اتجه علاء فرغلي إلى الرواية دون غيرها من الأجناس الأدبية الأخرى؟!
اتجهت للرواية كجنس أدبي لممارسة الكتابة لأنني شعرت أنه القالب الأنسب الذي يمكنه استيعاب ما أريد قوله، في الرواية فضاء كبير متسع، وبراح حر لتنطلق خلاله وتبث أحلامك ورؤاك وأفكارك، لا يمكن أن تبني عالما في قصيدة شعر أو قصة قصيرة أو مسرحية تعتمد على الحوار، الرواية نموذجي الأمثل للكتابة.
الأدب مرآة المجتمع ومؤخرا عشنا أحداث 25 يناير و٣٠ يونيو.. فكيف ترى ما كتب عنهما الآن؟
25 يناير و30 يونيو حدثان تاريخيان مهمان في حياة المجتمع، أحدهما جاء بعد حالة من الركود والتكلس امتدت لعشرات السنين، وبالتالي كان بمثابة زلزال اجتماعي وسياسي وثقافي، ترك أثرا في العقل الجمعي للمجتمع، هذا الأثر مازال في مرحلة الاستيضاح، حيث لا أحد يستطيع أن يؤكد أنه قد اهتضم أحداث هذه الثورة، وبالتالي جاءت أغلب الكتابات التي تناولتها قاصرة، وجاءت النصوص الأدبية مؤدلجة بحيث طغت الأيديولوجيا على جماليات السرد.
كيف ترى تعاطي النقد مع الأدب عامة.. ومع أعمال علاء فرغلي خاصة؟
هناك محاولات حقيقية من جانب البعض للقيام بدور فعال على صعيد النقد الأدبي، من بينها تجربة ملتقى السرد العربي، وبعض الصالونات الثقافية والجمعيات الأدبية، لكن يبدو أن هناك فجوة كبيرة بين الإنتاج الأدبي والنقدي، ربما يكون سببه كثرة الإصدارات وتعددها بصورة مبالغ بها وعدم قدرة النقد على ملاحقتها. بالنسبة لي، كانت تجربتي مع النقد ناجحة إلى حد بعيد، وقوبلت روايتي الأولى ببعض الدراسات النقدية الهامة، من بينها دراسة الدكتور حسام عقل والدكتورة زينب العسال والدكتور ممدوح النابي والناقد أحمد سراج وغيرهم. وهو ما يشير بوضوح إلى أن هناك احتفاء نقدي بالنصوص التي تستحق القراءة.
وكيف ترى الأصوات التي تتهم النقد بالانحياز والمجاملات؟
فيما يخص وجود بعض الانحياز والمجاملات، فهذا أمر طبيعي لا يمكن إنكاره وسيظل قائما. لكنه لا ينفي أن هناك أقلام جادة حقيقية غيورة ذات مبدأ وتنتصر للكتابة الأصيلة.
ما ملامح المشروع الروائي الذي يعمل علاء فرغلي على إنجازه؟
لا أعرف ملامح مشروعي لأنه لم يكتمل لكني أستطيع أن أقول إن محور هذا المشروع سيظل الإنسان والعدل والسلام.
البعض انتقد فكرة الانتشار الكثيف لدور النشر ويرى أن ذلك يسهم في نشر أي شيء دون الاهتمام بجودته.. ما رأيك؟
على العكس، أنا أرى أن انتشار دور النشر هو مسألة جيدة، لأنه يتيح مساحة أكبر أمام المبدعين، وفي النهاية هناك القارئ الواعي الذي يستطيع الفرز والتمييز بين النص الجيد والنص الرديء.
لماذا تعتمد على الروايات الطويلة رغم أن مزاج الجمهور في عصر الـ"سوشيال ميديا" يميل إلى الكتابات القصيرة؟
من قال إن مزاج الجمهور يميل إلى الكتابات القصيرة، هذه نظرة خاطئة، عدد الصفحات ليس هو معيار الكتابة، وأنا لا أتعمّد كتابة رواية طويلة، كأنني أتعمد إتلاف ما أصنعه، لكن طبيعة الموضوع هي ما تحدد شكل البناء وحجمه.
هل يقدم الإعلام الموهوبين حقا في الأدب؟
لا يجب أن نعول على الإعلام ليقدم لنا الموهوبين، إنما على الموهوبين أنفسهم وأن يعملوا بدأب وصبر ليقدموا مواهبهم، مستفيدين بالوسائل التي أتاحتها التكنولوجيا للتواصل مع الآخرين.
هل هناك ملامح عمل جديد تشكلت عند علاء فرغلي بعد صدور وادي الدوم؟
من أبرز الذين تأثر بهم علاء فرغلي من المحليين والعالميين؟
كل من قرأت لهم تأثرت بهم، سلبا أو إيجابا.
البعض يرى الجوائز تقوم على المحاصصة والشللية.. ما رأيك؟!
لا يمكن تعميم الحكم والقول إن كل الجوائز تقوم على المحاصصة والشللية، لأن هناك نصوصا أدبية حقيقية لولا الجوائز لما سمعنا بها، فكل الجوائز نزيهة بشكل ما، وكلها أيضا تقوم على المحاصصة بشكل ما، ذلك أن لكل لجنة تحكيمية اعتباراتها وأذواقها.