في مئوية ثورة 19.. عبد الرحمن الرافعي أشهر وأهم من كتبوا عنها

  • حاتم السروي
  • الأربعاء 17 يوليو 2019, 5:18 مساءً
  • 1290
المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي أهم من أرخوا لثورة 1919

المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي أهم من أرخوا لثورة 1919

تمر بنا هذا العام الذكرى المئوية لثورة 1919، وهي حدثٌ ضخم غير مسار التاريخ المصري ومن ضمن آثاره أن بريطانيا العظمى  اعترفت بسيادة مصر واستقلالها لأول مرة عام 1922 وهو استقلال منقوص غير أن ثورة 19 يبقى لها الأثر في تغيير وجه السياسة المصرية وهي أفضل من الثورة العرابية من حيث النتائج والآثار.

ومن بين الكتب الهامة التي رصدت تاريخ هذه الثورة كتاب "تاريخ مصر القومي..ثورة 19" بقلم المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي رحمه الله، وقد صنَّف هذا الكتاب لأن الثورة مرحلة غاية في الأهمية ضمن تاريخنا القومي، وقد شبَّت في أعقاب  الحرب العالمية الأولى، وكانت هي الأساس لكل التطورات التي تعاقبت على مصر حتى سنة 1952.

أما عن أسباب قيام ثورة 19 فيخبرنا الرافعي أن حالة مصر العامة خلال سنوات الحرب العالمية الأولى كانت ولا شك هي أحد أهم أسباب قيام الثورة وبالطبع تذمر الشعب من الاحتلال الأجنبي كان السبب الأول والأهم وذلك أن بريطانيا أخلفت وعدها بالجلاء وتغلغت في شئون البلاد دقيقها وجليلها وحاولت فصل السودان عن مصر كما ألغت الدستور وأعلنت وضع مصر تحت الحماية بعد فصلها من الخلافة العثمانية، وتحت ضغط الأحكام العرفية إبَّان سنوات الحرب كتم الشعب غضبه حتى إذا انعقدت الهدنة وبدا من حكومة المملكة المتحدة إصرارها على توكيد الحماية وتثبيتها ويئس شعبنا من الوصول إلى حقه بالطريقة السلمية جنح للثورة وأعلن سخطه على الحماية والاحتلال.

وكان لمبادئ الرئيس الأمريكي ويلسن وإعلان حق تقرير المصير الأثر الواضح في التمهيد لثورة 19، ويشير عبد الرحمن الرافعي إلى جهاد الحزب الوطني القديم الذي أسسه المرحوم مصطفى كامل وكيف هيأ الشعب إلى تلك الثورة الكبرى وعمل على بث روح الوطنية الصادقة، ثم جاء تأليف الوفد المصري في نوفمبر من عام 1918 برئاسة سعد باشا زغلول ليُعَجِّل بظهور الثورة، حيث كان موقف سعد وصحبه من الإنذار الذي وجهه إليهم "الجنرال واطسون" قائد القوات البريطانية في السادس من مارس عام 1919 بمثابة دعوة للمقاومة العامة، فلقد طلب الجنرال بلهجة إنذار من سعد ورفاقه ألا يجعلوا الحماية البريطانية موضع مناقشة أو اعتراض، وألا يعرقلوا تأليف الوزارة الجديدةالتي ستخلف وزارة رشدي باشا المستقيلة، وتوعدهم بأشد العقوبات، فلم يتراجعوا واستمروا في مقاومتهم، وتم اعتقال سعد باشا زغلول وزملاءه الثلاثة في الثامن من مارس فكان ذلك بمثابة الشرارة التي أشعلت نيران الثورة.

ومن الوجهة الاقتصادية كانت الثورة رد فعل تجاه طغيان المصالح الأجنبية على اقتصادنا القومي في كنف الاحتلال وبرعايته، مضافاً إلى ذلك بدء انتشار التعليم في مصر وأثره في توعية الشعب واتساع مداركه وارتقاء حياته في ظل نهضة علمية وأدبية وصحفية مما ساعد على نمو الروح الوطنية وجعل المجتمع أكثر تطلعاً إلى الاستقلال.

بدأت الثورة كما يروي لما الرافعي بمظاهرات سلمية طافت شوارع العاصمة هاتفةً بالاستقلال مناديةً بسقوط الحماية وكان الكثيرون يعتقدون أنها مظاهرات وقتية سوف تنتهي بعد قليل ولكنها استمرت في الأيام التالية لليوم الذي بدأت فيه وشرعت السلطات البريطانية في التصدي للمتظاهرين وإطلاق الرصاص عليهم وسالت الدماء الزكية في الشوارع واستمر الشعب في جهاده بلا خوف وسرت روح الثورة إلى الأقاليم وقلد أهلها سكان القاهرة في تظاهرهم وإضرابهم بل كانت بعض المدن أعنف وأشد من القاهرة وقتل الإنجليز الفلاحين الثائرين في القرى، وتم قطع السكة الحديد وأسلاك البرق والتليفونات، وتعطلت المواصلات في جميع النواحي وحينها أدرك من كان في نفسه شك أنها ثورة.

لقد كانت ثورة 19 طفرة وانفجار وقد حدثت بلا أية استعدادات أو تهيئة وكان ذلك من مظاهر جلالها وروعتها، وكما قال الرافعي لم تكن الثورة وليدة سعد ولا وفده المصري بل الصحيح أن سعد زغلول والوفد هما وليدا الثورة التي كان برنامجها أوسع مدىً من برنامج الوفد.

لقد بدأت ثورة 19 في مارس واستمرت حوادثها حتى أغسطس ثم تجددت في أكتوبر ونوفمبر من عام 1919، أما وقائعها السياسية فلم تنقطع واستمرت متتابعة حتى أبريل من عام 1921.

ويخبرنا الرافعي رحمه الله أن أغلب شهداء الثورة لهم أسماء غير معروفة وإن عرفت أسماؤهم فهم غير مشهورين ولم يكونوا من البيئات التي تنازعت فيما بعد مجد الثورة وثمرتها، لكنهم كانوا وقود الثورة وقوامها وأبطال حوادثها وفخر كل المصريين، ولا تزال ثورة 1919 نيشان فخر في تاريخنا العريق والعظيم ولا يزال الرافعي أفضل وأهم من كتبوا عنها.

تعليقات