حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
عقب كل إساءة تصدر من الغرب ضد الإسلام، أو ضد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ينقسم المسلمون فريقين، ربما لا ثالث لهما، الفريق الأول، الأكثر نضالًا وجهادًا في سبيل الله والدين، يتعب كثيرًا وهو يحوّل صورة بروفايل صفحته الفيسبوكية إلى لافتة تحمل عبارة تدافع عن الدين أو عن الرسول!، ظانًّا أن هذا هو الجهاد الأكبر، الذي لا ثواب له إلا الفردوس الأعلى، إن لم يطمع في سدرة المنتهى.
أما الفريق الثاني، الأكثر تحضرًا وتحررًا!، فيكتفي بكيْل السُّباب والشتائم لمن تطاولوا على الإسلام أو على رمز من رموزه. وهنا أود أن أقول إن الإسلام أو الرسول صلى الله عليه وسلم، لن تنتقص منهما إساءة صدرت عن شخص معتوه، أو يُشك في كمال وعيه وإنسانيتـه، ولن يُضار الإسلام من سُباب وشتائم أعدائه، كذلك لن ينمحي إذا ما انتقده أحدهم، مهما كان منصبه.
كما أن الرسول الكريم لن تقلل من مكانته ألفاظ بذيئة جرت على لسان شخص ما أيٍّ مَن كان. أيضًا أود أن أقول هنا إن الدفاع عن الإسلام وعن الرسول الكريم ليس بالكلام واللافتات وما إلى ذلك.مَن يريد أن يُدافع عن دينه عليه أن يتمسك بتعاليمه، وأن يكون دينًا يمشي على الأرض.الدين ليس بحاجة إلى شيوخ وخطباء بالألسن وفقط، بل بحاجة إلى من يتحلّون بتعاليمه وينفذون أوامره وينتهون عما نهى عنه.
الدين لن يستفيد أي شيء، على أي حال من الأحوال، من أطنان الكلمات التي تدافع عنه، إن لم يتحلَّ قائلوها بسمات الدين. من أراد أن يدافع عن الدين فليكن كما يأمره الدين، الدين الذي لن يفيده تديّن مزيف ولفظي فقط، الدين المعاملة والفعل، لا القول وفقط. ليت الذين وضعوا لافتة " إلا رسول الله " على صفحاتهم الفيسبوكية يعون تمامًا أن ما يفعلونه هذا هو أضعف الإيمان، وعليهم إن أرادوا الدفاع عنه أن يكونوا كما يريد الدين لهم أن يكونوا، عليهم أن يكونوا متديننن بالصورة الصحيحة التي تُصدّر صورة حقيقية وحسنة للدين.
الدين ليس بحاجة إلى أتباع مزيفين، كل ما يفعلونه هو أقوال لا تتحول إلى أفعال، ولا يحتاج إلى كاذبين أو منافقين أو فاسدين ومفسدين. الدين يحتاج إلى أتباع يتصفون بتعاليمه كما هي، لا كما تُصور لهم أهواؤهم، كما لا يحتاج إلى سليطي اللسان، الذين يدافعون عن الدين الذي يأمرهم بعفة اللسان، بسباب وشتائم لن تؤخر ولن تُقدم. قولوا كما يحلوا لكم: إلا رسول الله، قولوا: إلا الإسلام، لكن قبل أن تقولوا هذا انظروا ماذا يريد الإسلام منكم، وأين أنتم من حقيقته، ومن تعاليمه.أين أنتم من الدين كما أنزله الله، لا كما تريدون تفصيله على مقاسكم.
أخيرًا أقول حين تأخذكم الحمية على دينكم ورموزه، وحين تريدون أن تدافعوا عنه ضد من يتطاولون عليه، كونوا أولًا دينييين على حق ودافعوا عن دينكم بالفكر والعقل، بالحُجة والبرهان، لا بالألفاظ البذيئة، ولا باللافتات الرنانة التي لا طائل من ورائها. ليت كل الذين وضعوا لافتة " إلا رسول الله " يعرفون كيف كانت أخلاقه وكيف كان يدافع عن نفسه وعن دينه وكيف كان قرآنًا يمشي على الأرض.ليتهم يدركون أن هناك فرقًا بين التدين اللفظي والشكلي وبين التدين الفعلي والحقيقي.ليتهم يدركون أنهم لو تمسكوا بصحيح الدين، وأنهم لو قاموا بتصدير الدين كما هو بسماحته ورحمته ولطفه ولينه، لكان أفضل ألف مرة من مجرد ثورة لافتات سرعان ما تهدأ، ومن مجرد براكين شتائم معظمها لن يصل إلى المشتومين.
إذا كنتم تحبون الإسلام، وإذا كنتم تستاؤن من التطاول على رسوله الكريم، كونوا صورة حسنة وطيبة للإسلام، لا تقتلوا الأنفس، لا تغشّوا، لا تسرقوا، لا تُفسدوا ولا تَفسدوا، ولا تأكلوا حقوق الآخرين، لا تظلموهم، ولا يتسلط بعضكم على بعض.
وإذا أردتم أن تدافعوا عن الإسلام فكونوا مسلمين أولًا، وأظنكم بعد ذلك لن تكونوا بحاجة إلى الدفاع عنه، لأنه وقتها سيتمكن من الدفاع عن نفسه بصدق أتباعه وتدينهم الحقيقي.