حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
الشاعر وسام عمارة
لم يحدث أني اطلّعتُ على تأويل تلك الآيةِ الكريمة من قبل - لا لشيءٍ إلا لتسليمي التام ببديهيةِ المعنى - وهو أنّ كُلّ حيٍّ سيموت يومًا
- لا بأس بالتأويل الموروث، ولكن لا بأس أيضا بالقليل من التمرد على تلكم التأويلاتِ الموروثة - لا سيّما إن لم نحِد عن المعنى في حدود لسان العرب
- وواقعُ الحالِ أنّ كلمة "ذائقة" هنا، توحي بالاستمرارية، أكثر منها إيحاءً بالمستقبلية، وهو ما يعارض التأويل البديهيّ الذي ذُكر آنِفا
- فإن قولَك "ذائقة الموت" يختلف عن قولك "ستذوق الموت"، تمامًا كأن تقول "الفتاة مستقلة الحافلة"، أو "الولد عابر الطريق"
فالمعنى هنا مختلفٌ تمامًا عن قولنا "الفتاة ستستقل الحافلة، أو الولد سيعبر الطريق" .. إلى آخره
- والحقيقة أن الناظر إلى حياةِ كلِّ حيٍّ بعينِ المستبصرِ المتأملِ متأنّيًا - لا محاكيًا لما سمع ولُقِّن - سيجد أن الأحياءَ يذوقون الموتَ كل ساعة
- تموت طفولتهم بصباهم ويموت صباهم بشبابهم، ويموت شبابُهم بكهولتهم، وتموت كهولتهم بشيبهم
- وتموت أيضًا سعاداتهم بتعاساتهم، وتموت تعاساتهم بسعاداتهم، وكل شيءٍ يموت بنقيضه في هذه الحياة، وهكذا دوالَيك إلى أن يذوق الإنسان الهلاك الأكبر وهو الفناء الكلي لكل شيء فيه، فيما يعرف عندنا بالموت (الذي نحسب ألا موت دونه)
- إن قوله تعالى "كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموت" قولٌ بليغ، عظيمٌ لأقصى درجة، ويحملك إلى المعنى الحقيقي للحياةِ لا الموت - فالحياة في الحقيقة هي موتٌ بطيء - تموت الساعات ساعةً تلو الأخرى، وكل حيٍّ يذوقُ ذاك الموت (شاء أم أبى) باستمراريةٍ ممنهجة، تمامًا كما وصف ربُّ العالمين
- فسبحان الذي خلق الموت والحياة وجعلهما بهذا النظام الدقيق - متعاقبين كالليل والنهار يكمل بعضه بعضا