"حكايات الباحثات عن الحب" واقعية تبحث عن الحياة لثابت الطناحي

  • ابو الحسن الجمال
  • الثلاثاء 16 يوليو 2019, 7:49 مساءً
  • 2746
ثابت الطناحي

ثابت الطناحي

الأستاذ الأديب ثابت الطناحي هو الوحيد من أولاد المرحوم الكاتب الصحفي الأديب طاهر الطناحي، والذي عاش في ظله وجلبابه، وورث منه حب الأدب وحب الفن، وقد أنقذ بعضاً من تراث والده من الضياع. والمعروف أن والده رحل فجأة، يوم الجمعة 24 أبريل 1967 وكان ثابت وقتها يعمل خارج مصر، وعندما عاد وجد تراثه قد تفرق شمله بين الأقارب.

 كان من هذا التراث "مذكرات طاهر الطناحي" وقد أشار إليها في مقالاته الأخيرة، وحاول الابن ثابت أن ينقذ البقية الباقية من التراث كمن عاد فوجد داره قد حاصرها إعصار فأخذ يعمل جاهداً لإنقاذ ما خف حمله وثقل ثمنه، واستطاع أن ينقذ دفاتر كثيرة مخطوطة بخط يده، ومجموعة كبيرة من الرسائل التي تبادلها مع أعلام عصره، من أشهرها كوكب الشرق أم كلثوم، وأحمد لطفي السيد، ومحمد مصطفى الماحي، ونظمي لوقا، وكامل كيلاني، وصوفي عبدالله وغيرهم...

     حصل ثابت الطناحي على بكالوريوس العلوم السياسية والاقتصادية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1961، وقد حاز أثناء الدراسة جائزة جريدة الأهرام للتفوق الصحفي لطلبة السنة النهائية لكلية الإعلام والصحافة بالجامعات في مصر عن عام 1960-196، وحصل على منحة دراسية من جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية للدراسات العليا في الصحافة، وقد مارس الصحافة مبكراً، فعمل أثناء دراسته بالجامعة الأمريكية رئيساً لتحرير مجلة الجامعة The campus caravan، وأصدر العدد الخاص السنوي لها عام 1961.  



    عقب تخرجه التحق بالعمل في مؤسسة "فرانكلين" للطباعة والنشر الأمريكية بالقاهرة رئيساً لقسم التحرير، ثم عضواً في لجنة إصدار (الموسوعة العربية الميسرة)، بعد ذلك سافر إلى الكويت للعمل في مجلة العربي محرراً سياسياً، ثم أخذه العمل الاقتصادي وإدارته لمشاريعه الخاصة ثم العمل في الشركات العالمية، وفي سنة 1999 تم اختياره بموسوعة ((Who is whoالعالمية ضمن الشخصيات المتخصصة في دراسات الجدوى الاقتصادية والتجارية وأبحاث التسويق كأحد أبرز المتخصصين في هذا المجال.

     وكان من أن لآخر يبث نفثات قلبه في صورة قصيدة أو قصة ثم اجتمع له العديد، وقد أصر على إمتاعنا بهذه التحفة الفنية التي تأخذنا إلى عالم مملوء بالحب والرومانسية والعاطفة الصادقة في عصر شح فيه هذا الشعور، وأصبحت العاطفة كلأ مباح يلوغه كل مدع، والحقيقة وأنت تطالع هذه القصص تشعر بمتانة السرد وعذوبة الحوار والكلمات الراقية التي لا غلو فيها وإنما تتشح برداء الصدق ..

      قدم ثابت هذه الرواية بإهداء إلى والده الأديب والكاتب الصحفي طاهر الطناحي قائلاً: "إليك يا والدي خالد الذكر طاهر الطناحي – يرحمك الله- أهديك روايتي تعبيراً عن مدى امتناني لك واعترافاً بفضلك علي وعلى أخوتي، فقد كنت لنا أباً مثالياً والقدوة التي اهتديت بها وتشربت من رحيقها حب الأدب والشعر والكتابة والثقافة.

  "كم أنا فخور بك أبي وبفضلك عليّ. قد تبؤات مكانتك الرفيعة فشرفتنا جميعاً ورفعت رؤوسنا عالية وتركت بصمتك الزاهرة على الأدب العربي والثقافة والصحافة المصرية على أوسع نطاق، وحملت أمانة الكلمة شاعراً وكاتباً وصحفياً لامعاً أكثر من أربعين عاماً، ومما يجعلني أشعر بالراحة والفخر أن قراءك المعجبون بكتاباتك في البلاد العربية وبلاد المهجر بأمريكا اللاتينية، ولقد لمست مدى تقديرهم وإعجابهم بإنتاجك الأدبي والصحفي والثقافي عندما عشت فترات في هذه البلاد وحظيت فيها بترحابهم بي، باعتباري ابنك، ولكن يؤسفني كثيراً إنك لم تنل التكريم الذي تستحقه في بلدك مصر، ولم يتم تكريم اسمك الساطع نوره في أي عيد من أعياد الإعلاميين والصحافيين رغم أنك كنت بشهادة كبار الأدباء والمثقفين والصحفيين في مصر والبلاد العربية من الرواد البارزين".

     والرواية التي بين أيدينا الآن تتضمن حكايات مجموعة من الفتيات تبحث عن الحب وحياة الحب .. منهن من وجدت ما تبحث عنه ووقفت فيه مثل قصة عماد وجيهان، التي صادفت الكثير من المتاعب والعقبات والمشكلات حتى انتصر الحب في النهاية. ونصادف في الرواية حكايات لنماذج لم توفق في الحياة وفي الحب كقصة "نجوى" التي نشأت في بيئة كلها صراع.. تعرضت أسرتها لهزات وشروخ فانفصلا أبيها عن أمها، ثم تزوج كل منهما، فأصبحت تعيش الصراع وحياتها تحولت لجحيم، وكابدت الأشواك والمتاعب، من زوج أمها الذي كان يتحرش بها، ثم تزويجها لرجل يعمل في دولة خليجية، كان يراها وعاء لتصريف شهواته وشبقه الجنسي.

      وقد وصف المؤلف حالتها: "كان أكثر ما أحزن نجوى إلى جانب زواجها من إنسان لا تحبه ولم تختاره، بل أجبرت على الزواج منه .. أنها ابتعدت عن دراستها وصديقاتها، وستفقد متعة سماع الغزل والإعجاب التي تعودت عليها.. لقد أتت إلى بلد غريب ليس لها فيه أهل أو معارف أو صديقات.. وكان على زوجها هذا مسئولية أن يملأ الفراغ الكبير الذي ستشعر به هناك بعد أن تركت بلدها لأول مرة في حياتها، وأن يكون هو بالنسبة لها الزوج، والأب والأم والأهل والصديق.. ولكن كان من سوء حظها أنه كان مشغولاً في عمله طوال اليوم .. يخرج مبكراً ويتركها وحدها دون أنيس ولا شغالة تنظف البيت أو خادمة تقضي طلباتها.. وكان يعود مساءً مرهقاً عكر المزاج.. عصبيا.. يأكل ما أعدته من طعام ثم يقبل عليها ليضاجعها دون مقدمات .. فلم يكن من طباعه ملاطفتها أو تدليلها أو حتى طلب المتعة منها من وراء حجاب.. بل كان شاذ الطباع .. جلفاً.. غليظاً يعتبرها إمراة مخصصة لمتعته في الفراش .. يعاشرها بعنف .. ويقوم بحركات شاذة وغريبة وكأنها غانية من الغواني أو بائعات الهوى .. وكان يجبرها على مشاهدة الأفلام الجنسية .. والشاذة منها التي يعرضها على الفيديو، وتطلب منها أن تقلد ما تراه.. فإذا رفضت ضربها بعنف ثم يهجم عليها كما يهجم الذئب على فريسته، فيشل حركتها ويغتصبها ويروي نهمه منها في عجلة من أمره... ثم يدير لها ظهره ويخمد في نوم عميق، وشخيره المنفر يضج مضجعها فلا تستطيع أن تنام، وتظل ساهرة وحدها تبكي وتندب حظها وهي تعاني من الاشمئزاز والغثيان .. وتحس بالذل والهوان وتتحسر على الأيام الخوالي..".

     إنها نموذج للحب التعيس في مجموعة قصص الحب هذه وقد طلقت من زوجها وذلك بمساعدة زوج أمها الذي كان يعمل في منصب رفيع بالدولة، فاتصل بالسفارة التي ضغطت على الزوج ليطلقها،  ثم عادت إلى مصر لتتخبط في قصص ومحطات أخرى...    

   استطاع ثابت الطناحي أن يرسم شخصياته بدقة وبتكثيف عبقري رغم زحام الأحداث إلا أنه استطاع السيطرة على حبكته الفنية في حوار راق لم يتدن إلى العامية أو الأساليب الرخيصة فهو يذكرنا بكبار كتاب الرواية والقصة الكبار من أمثال: محمد فريد أبو حديد، ومحمد عبدالحليم عبدالله وعادل كامل ونجيب محفوظ ووالده طاهر الطناحي ...   




تعليقات