"ربما في المستقبل نعرف كيف ظهر الكون".. هيثم طلعت يكشف عن أكبر مغالطة يقع فيها الملحد
- الإثنين 25 نوفمبر 2024
شعار الإلحاد
تشير الدراسات التي تعرضت للملحد من ناحية سيكولوجية إلى أن الإنسان الملحد يعاني مشكلات كبرى في الصحة النفسية، نتيجة ظروف مروا بها كأن يكونوا تعرضوا للعنف الأسري أو الحرمان الاجتماعي يفضي بهم إلى الإلحاد الذي يكون من مظاهره الاختلال النفسي مثل القلق والتوتر والفصام.
ويرجع الدارسون هذا الاختلال النفسي وعدم الصحة النفسية إلى أن منكري وجود الإله يكابرون ويحاولون مغالبة فطرة الإيمان الراسخة في الإنسان منذ القدم. لأن الأصل في الإنسان أن يكون مؤمنا، وإنما ينحرف عن التوحيد أو يحاول إنكار خالقه بسبب تعرضه لتنشئة منحرفة تحيد به عن طريق الجادةوقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الأمر في قوله تعالى: "صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ" (138 البقرة).” ، كما قطعت السنة النبوية به في قوله قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة في الصحيحين: “كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه” .
وقد كشف القرأن الكريم هذا التضارب المضحك المبكي الذي يقع فيه الملحدون، فهم على إنكارهم لوجود الله عندما الخطوب والصعاب ذكروا الله على الفور، وفي حلقة له مسجلة له خلال استضافته في برنامج "لماذا ألحدوا" ذكر الدكتور محمد جاد الزغبي طرفا من هذا عندما نقل أن أحد المسجونين السياسيين ممن كانوا ينكرون وجود الله تعرض للسقوط من عربة الترحيل فجأة وعندما سأله رفاقه بعد نجاته من الموت فيم فكرت وقت سقوط فقال على الفور تذكرت الله.
والشاعر الكبير أمل دنقل كان يعرف عنه نزوعه للإلحاد حتى في أشعاره، فهو القائل "المجد للشيطان معبود الرياح" تمجيدا لإبليس لأنه رفض السجود لآدم وقد ذكرت الكاتبة إلا أن زوجته الكاتبة عبلة الرويني تسجل في كتابها “الجنوبي” الذي دونت فيه السيرة الذاتية لزوجها الشاعر أمل دنقل أنها أمسكته وهو في حالة تلبس بالإيمان حين أجهده مرض السرطان الذي قضى عليه. فتنقل لنا واحدا من المشاهد الأخيرة في حياته تقول: "وأنا أسير جوار التروللي الذي يحمل أمل إلى غرفة العمليات سمعته يتمتم بالشهادة (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول” تقول الكاتبة: ضحكت، وقلت له: أمل لقد أمسكتك متلبسا بالإيمان، ابتسم في هدوء مرددا في همس خائف أخشى أن لا يؤثر في البنج فقبلته وأنا شبه منهارة” .
مفكرو الغرب المعتدلون أيضا سلموا بهذا الأمر أيض فهاهي عالمة الأديان كارين آرمسترونج، التي تكشف في دراسة لها عن تاريخ الدين “أن الكائنات البشرية هي حيوانات روحانية”، وأن الجدل ينبغي أن يتحول من تعريف الإنسان بالعاقل إلى تعريفه بالمتدين مؤكده "أن الدين مرتبطا بطبيعة دنيوية بائدة على يد ملوك وكهنة متلاعبين بل كان أمرا طبيعيا للبشرية”، بينما نزعتنا الدنيوية الراهنة هي تجربة جديدة كليا، ولا سابق لها في تاريخ البشرية".
المفكر علي شريعتي في كتابه الأشهر "دين ضد الدين" يؤكد أن “المجتمعات البشرية في جميع مراحلها لم تخل من دين أبدا، أي أن التاريخ لم يحدثنا عن مجتمع عاش بدون دين، في أي مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي، وفي أي نقطة على وجه الأرض" ، ويذهب إلى أن الصراعات الدينية عبر التاريخ لم تقع بين أهل دين وملحدين، وإنما وقعت بين أهل دين ودين، ودليل ذلك أن “الأنبياء لم يأتوا ليدعو الناس إلى أصل التدين، والشعور الديني والاعتقاد بالغيب والإيمان بالله، أو الآلهة كان سائدا في جميع الأقوام والمجتمعات التاريخية".
وفي استقراء المفكر علي شريعتي للمجتمعات وعلاقتها بالأديان عبر مراحل التاريخ المختلفة اكتشف أن "الفئات الملحدة" لم تتحول "إلى طبقة أو فئة اجتماعية معتد بها" ، وحتى في قرن الإيهام بازدهار الإلحاد المعاصر أقر كبير الملاحدة الجدد ريتشارد دوكنز بأن غاية ما يطمح له الملحدون أن يحاكوا القطط في الضوضاء والإزعاج فحسب. يقول دوكنز: “إذا كانت القطط (يقصد الملاحدة) لم تمثل قطيعا بعد فإن أعدادا معقولة منها تستطيع أن تصدر ضوضاء مزعجة لا يمكن تجاهلها” ، وهذه الحقيقة أثبتها أهم مركز بحثي معني برصد التحولات الدينية وعلاقات الشعوب بالأديان، أقصد “مركز بيو للأبحاث” الذي أوضح في نتائج دراسة نشرت في 2017 أن أكثر من تسعين في المائة من الأمريكيين يؤمنون بالإله، بينما الذين لا يؤمنون إيمانا ماديا بعدم وجود خالق أو قوة عليا، لا يصلون في الشعب الأمريكي للعشرة في المائة.