ميرفت البربري : تكتب إضاءة نقدية حول رواية ( آبق ) للدوماني

  • جداريات Ahmed
  • الإثنين 12 أكتوبر 2020, 2:33 مساءً
  • 3493
الروائية ميرفت البربري

الروائية ميرفت البربري

 

بينما أنت تكتب وتأخذ منك روايتك كامل عقلك،  وتضغط شخوصها على أعصابك،  حتى تستخلص حياتها من بين أوراقك،  وتعرف مصائرها التي حددها لها قلمك،، تأتيك هدية تمنحك إجازة إجبارية من الكتابة، لتعيدك إلى جنة القراءة وفردوس القارئ،  هدية صديقي الكاتب المبدع عماد الدوماني رواية ( آبق )

الآبق هو العبد المتمرد على طاعة سيدة الهارب من ملكه.

وهو أول الدهشة التي تصيب القارئ فتأخذه فاتحا عينيه إلى أقصى اتساعها مشدوها ليتعرف على هذا الآبق وماذا فعل..؟! ولكون العنوان أول عتبات النص فكان بداية الإثارة،  ولكن الإثارة لم تنتهِ عندها بل صاحبتنا إلى الإهداء الذي كان غاية في الرقي ولكون الكاتب شاعرًا فقد كان الإهداء بيتين من الشعر :-

للقلب النابض بالحب **وفؤاد يملؤه النور ولسان قد عهد الصدق** ولعقل يخشاه الزور

و امتدت الإثارة إلى أربعة فصول من التشويق حيث تلاعبت بعقله الرصين طفلته نور ذات الاحدي عشر عاما من عالمها الموازي، لتخبره في نهاية الفصل الرابع بكل الاعيبها التي فعلتها لتستخلصه في هذه الليلة لنفسها ولتتركه بعد أن وضعته أمام جرائمه،  لتصحبنا الدهشة بعد ذلك لحياة شريف الذي لم يكن له من اسمه غير النذر اليسير من نصيب الأشخاص من أسمائهم،  فيروح في غيبوبة تكشف فيها ذكرياته عن أعماله الحقيرة حتى في أمور الصدقات التي استخدمها لصالح إخفاء دناءة سريرته، وعمله الذي تكسب منه المال الطائل ماهو إلا إمراض هذا الشعب الطيب بالسرطان نتيجة أكله من لحوم غير صالحة استوردها شريف بحكم عمله المشبوه،  يخبرنا الكاتب عن تاريخ والد شريف جمال الذي ورث منه دناءة الخلق كما ينبغي للميراث ان يكون بل وزاد وتفوق بما أضافه من حقارة بمجهوده الشخصي.

وما يفيق من غيبوبته مجهولة السبب إلا ويصدمنا بانتمائه لمنظمة الصفوة ، وهي الماسونية العالمية وهو رجلهم في مصر ينفذ مخططاتهم،  ثم يفاجئنا الكاتب بمرض شريف بالسرطان الذي أصاب به ملايين المصريين بسبب اطعمته الفاسدة،  فإذا به يذوق من نفس الكأس الذي جرعهم إياه.

وكما بدأ بالإثارة ينهي روايته بها عن طريق قلب الطاولة.. وهي خطه أوحى له بها صديقه النقي مصطفى.

كما أن شريف له من الحقارة الظاهرة ما يكفي لكراهيته ، حيث يصدمنا بزواجه السري من نانسي مديرة مكتبه،  إلا إن له من الخير الذي كان يخفيه بينه وبين ربه ما كان هو الهادي له في نهاية طريقه المظلم، دار أيتام لا يعرف بشر أنه هو من أنشأها وينفق عليها، بل ويؤنس وحشة أطفالها عندما يسمح وقته،  وكان الدفاع عن نفسه وأسرته خير وسيلة له الهجوم على اعدائه و على شاشات التليفزيون يطلق زوجته تطليقا تكتيكيا يراجعها فيه في لحظات الاستراحة،  ويتبرع بثلاثة أرباع ماله بالأوراق

المسجلة لمستشفيات علاج السرطان وغيرها،  وكان بذلك يرد لهؤلاء الذين أمرضهم حقهم في التشافي بأموالهم التي سلبها.

 وما ان وصل لبيته بعد ذلك البرنامج التليفزيون  إلا وقد، وجد في انتظاره ثلاث رجال أشداء يطلقون وابلا من الرصاص فاخترقت رأسه منها واحدة.

وتظهر سيدة شقراء تقتلهم جميعا ليختفي بعدها شريف.

فما كان الآبق من أسياده الشياطين إلا آيبا إلى خالقه

 ، وبهذه الخاتمة المفتوحة نتساءل جميعا أين ذهب شريفا وإلى أي مآل كانت نهايته.. وهذا ما، يفتح المجال للكاتب ليبدع لنا جزءا آخر أو يتوقف إلى هذه النهاية ويترك للقارئ اختيار النهاية التي ترضيه.

رؤيتي للرواية.

استخدم الكاتب اللغة:  الفصحى، وكانت الجمل شاعرية بديعة، لا تخلو الرواية من بعض الأخطاء اللغوية البسيطة.

السرد والحكبة: يمتلك الكاتب أدواتهما بحيث يجذب القارئ من أول الرواية إلى آخرها دون ملل.

الحوار: حوار بالفصحى الشاعرية وجاء موازيا للسرد ومناسبا للأحداث.

الناحية النفسية..للبطل: 

مع علم شريف المسبق بحقارته،  وخوفه من نتيجة أعماله أخفي سر الدار لعلها تكون حسنة في سجله الحافل بالذنبوب،  فكانت حسناته الخفية شمعة تضئ حالِك أيامه المقبلة.

زمن الرواية : أيامنا الحالية بما يحدث فيها من أمور واقعية لثراء بعض الفاسدين المسؤولين عن اقتصاد البلاد،  ثراءً فاحشا في زمن قياسي.

أشخاص الرواية : تم توظيفهم في الرواية بدقة من حيث ظروف أعمالهم أو قربهم من البطل وظروف كل شخصية النفسية جاءت بما يناسب شخصيته.

وفي النهاية أشكر الكاتب على ساعات المتعة التي منحتها لي قراءة روايته،  مع أجمل الأمنيات وفي انتظار جديده.

تعليقات