رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

تعرّف على رواية "دوكين ومارينغو" للكاتبة الجزائرية زهرة كشاوي

  • أحمد عبد الله
  • الأحد 11 أكتوبر 2020, 01:58 صباحا
  • 1569
غلاف الرواية

غلاف الرواية

رواية «دوكين ومارينغو» للكاتبة الجزائرية زهرة كشاوي، عضو اتحاد كتاب الجزائر، والتي صدرت عن دار الفؤاد للنشر والتوزيع،2019 بمصر.

وأما دوكين ومارينغو DUQUESNE ET MARENGO فهما اسمان لسفينتين فرنسيتين كانتا تحملان الأموال والأغراض المهربة من الجزائر إلى فرنسا غداة الاحتلال سنة1830.

يتخذ هذا النص الروائي التاريخ مؤطرا وفضاء للسرد كما يتخذ من عمليات النهب الاستعماري للجزائري قضية وشاغلا موجها لحركة النص، بيد أنه لا يكتفِ بالاستحضار الفني للتاريخ الجزائري، ذلك لأنه بمثابة ترحال وسفر يجمع تاريخين متباعدين مشتركين الجزائري والمصري معا، حيث نرحل من خلاله عبر بوابة جرجرة الجبلية الشامخة بأغوارها وتاريخها السحيق والقريب إلى فضاءات الأقصر وأسوان وسيوة والقاهرة.

تستحضر الكاتبة في الرواية التاريخ الفرعوني، وتبدي الأديبة دراية واسعة وإلماما بالتاريخ الحضاري الفرعوني، كما أنها تستعيد فضاءاته الأسطورية ورموزه الدالة (ايزيس، اوزيريس، نفرتيتي، امنحوتب....).

برعت المؤلفة في تعاملها مع المادة التاريخية البعيدة والجاذبة والمعقدة لدرجة يخيل لقارئها أنها تستعيد المؤرخ البارز هنري برستد وهو يتحدث مثلا عن «فجر الضمير»، أو أنها تتقمص شخصية«شامبوليون» وهو يفكك شفرات وطلاسم الحرف الهيروغليفي، وبنفس القدر امتلكت الكاتبة مادة كبيرة في تعاطي سردها مع التاريخ الجزائري(العهد العثماني، المرحلة الاستعمارية وحقبة الثورة).

يحفل النص بعدة شخوص معظمهم ينتسبون لفضاء الأسطورة والترميز (نفرتيتي، ايزيس، اوزيريس، جغورته، ادريان، سي الطيب البجائي، حيزية،تولستوي....) ويتشكل معمار النص وفقا لإحداثيات فن القص القائم على نوع من الحوارية الثنائية تتبدى من خلال صورة الزوج امرأة/رجل وقد تكون الحوارية تعبيرا عن انشطار وتشظي الأنا مع ذاته في علاقته بالآخر، ومهما يكن فهي حوارية تعمد الى تشغيل فعل الكتابة بوصفه حزمة خيوط متشابكة الأطراف تتجمع وتتباين وتتفارق بين خفائها وتجليها اذن النص هو امتحان لفعل الكتابة عبر مغامراته الفنية واشارة دالة على استعصاء وتعذر هذا الفعل في انجاز وتحقيق مقاصده وشواغله الفكرية والجمالية.

تحيل المعادلات المرجعية المؤسسة للكتابة والحقيقة والتجلي الجمالي في هذا النص الى متسلسلة ثنائية استقطابية قوامها: الانا/الانت الذات/التاريخ التاريخ/ الاسطورة الكتابة/الحب الكتابة /الموت الحب/الموت

ويتحلى السرد الروائي بنكهة وجاذبية خاصة فأنت تقرأه وكأنك تتمتع بنشوة الإنصات لسمفونية عذبةآسرة، ويعتمد قاموسه التعبيري مفردات وتعابير وملفوظات سميكة/رشيقة وذات شحنات وتدفقات شاعرية، وقد جاء السرد في صيغة افصاحات متوالية هي أقرب للاعترافات في عملية اختبار الأشياء والأحداث على الرغم من أنك قد تصادف (وهذا قليل) صيغا تعبيرية أقرب إلى المباشرية والتبسيطية، الأمر الذي ينأى بها عن المقتضيات الفنية، بيد أن المنطق السردي الباطني للنص قد يتعذر استيعابه وإدراك مكامنه بالنسبة للقاريء العجول الذي يتوجب عليه في هذا السياق ان يتزود بخلفية تاريخية تؤهله للإلمام بمرامي النص وتتبع مجرى التاريخ واستنطاق مسائله والغازه، ولئن اختارت الرواية محطات تاريخية غاية في الاتساع والتشعب والتباين فإنها قد برعت في الوصل بين اطرافها وتجسير الفجوات القائمة بين مفاصلها.

هذا النص السردي هو نص جميل وممتع يطرز الانجاز الروائي الجزائري ويفتح آفاقا واعدة أمام الكتابة الإبداعية المشتركة ولم لا؟.

تعليقات