أندلس رشدي تكتب: ليلة العازف

  • أحمد عبد الله
  • السبت 10 أكتوبر 2020, 00:19 صباحا
  • 912


                        

مساء جميل، وأمسية أدبية رائعة مزدانة بكل معاني الإبداع والألق ،  تلك التي اشرأبت فيها الأعناق وشخصت  فيها الأبصار نحو عروس تلك الأمسية ، ونجمتها الساطعة ، الكاتبة والأديبة الأستاذة غادة صلاح الدين ، التي يلقبها الجميع بلقب تستحقه عن جدارة وتميز ، فما كانت غادة سوى نسخة مكررة  من الأديبة مي زيادة، تلك المرأة التي خلدها التاريخ ،وذلك  لما قدمته من عطاء أدبي يستحق الثناء والتقدير على مر العصور والأزمنة .

 نعم لقد اتسمت  تلك الأمسية ،بكل معاني الجمال والمشاعر الإنسانية النبيلة ،تلك التي حلق فيها جميع الحاضرين  في فضاءات الكون ، بأجنحة مغزولة بالمحبة والمودة تجاه تلك الأيقونة الأدبية المعطاءة .

وياله من مشهد رائع ذلك الذي اجتمعت فيه تلك النخبة من  الأدباء والمثقفين، في تلك القاعة ذات الرونق الأخاذ ،و الذين أتوا من كل حدب وصوب لكي يحتفوا معا بأول عمل أدبي للأديبة غادة صلاح الدين ،والمتمثل في مجموعتها القصصية *العازف* ،وياله من احتفاء عظيم يليق بتلك الغادة الغيداء، وبذلك العازف ،الذي استولى على كيانها وهدهد مشاعرها ،فجسدته على أوراقها كشخصية مبهرة تسحر القلوب والأفئدة. 

   حقا لقد كان حدثا رائعا خلابا ، ذلك الذي ازدانت فيه المنصة بحضورها المميز،فلقد ظهرت في أبهى حلة، وفي أجمل صورة فخطفت الأبصار بأناقتها ولباقتها المعهودة ، ومن ثم فقد  صنعت بذلك الحضور  الباهي  الأنيق ،لوحة فنية مكتملة الأركان متناسقة الألوان تهفو إليها النفس ويميل إليها الوجدان.

نعم هي صاحبة الذوق الرفيع واللمسات الساحرة  بلا منازع ،والتي استطاعت أن تصنع  أبعادا جديدة لمعاني الحب والوفاء ،تلك المعاني  التي لمسناها بوضوح  وجلاء ، في تلك الصور التي انتقتها  بعناية شديدة فزينت بها خلفية المنصة ، والتي تعبر بصدق  عن مدى إخلاصها ووفائها لمن أحبتهم فأحبوها بكل ما يمتلكونه من طاقة ومشاعر فياضة ،هؤلاء الذين يحبونها من مجامع قلوبهم وصميم أفئدتهم  كما أحبها الآخرون .

نعم هي غادة صلاح الدين ،التي تدهشنا دائما بمحبتها وعطائها الإنساني الذي لا ينضب معينه أبدا ، والتي تجعل من قلبها موئلا لذلك العطاء غير المحدود، والتي تثبت  أيضا أنها عالم متفرد في الإيثار والتضحية ، فهي تلك الأيقونة الأدبية التي حباها الله حكمة تفوق عمرها بكثير ،وهي تلك الكاتبة التي تطل علينا عبر  شرفات عالمنا الأدبي ،لكي تعلن لنا بعزم وإصرار عن كونها حاضرة بكل قوة في المشهد الأدبي ،بما تحمله في جعبتها من إبداعات وحكايات تحمل أبعادا إنسانية ذات جذور عميقة وأصيلة.

هي التي صنعت دهشتنا الأولى، عندما طالعنا بأعيننا  مجموعتها القصصية العازف، والتي تعد باكورة إنتاجها الأدبي، وكلنا يعرف مدى تأثير الدهشة الأولى على النفس والروح ، تلك الدهشة  التي ما إن تغشانا حتى تثير شجوننا وتنير عقولنا ، فنظل ننهل من معينها الذي لا ينضب ،ونظل نقتفي آثارها بكل ما أوتينا من إرادة وتصميم  ، فيالها من أديبة رائعة تلك  التي تصنع لنا بموهبتها الفذة عالما من حرير دمشقي ،يلمسنا  بتحنان ومودة.

ولا شك في أن تلك المجموعة القصصية هي النبوءة المتحققة لدينا ، فهي تعلن بكل وضوح وجلاء عن قدراتها الأدبية الفائقة ،والكامنة في أعماقها، والتي ما لبثت أن عبرت عنها في صورة أنيقة من الكتابة الإبداعية ،التي  تغشى النفس بفيض من إلهام  لا ينتهي ،ولكن يجب علينا أن نعلم أن ذلك كله لم يكن ليأتي أبدا من فراغ، فهي تلك الأديبة التي ناقشت وحاورت الكثير والكثير من الأدباء والمثقفين، و التي جعلت من صالونها الأدبي  محفلا أدبيا هاما يشار إليه بالبنان ليس في مصر وحدها بل وفي العالم العربي بأسره.

هي التي تجسد لنا  دائما وأبدا ،ذلك النموذج المشرف   للمرأة المثقفة الواعية ،التي باتت إحدى الدعائم الأساسية في بناء مجتمعاتنا العربية  الراقية والمتطورة ،وهي التي  تسعى جاهدة في سبيل تحقيق حلمها الأدبي المرتقب بكل ملامحه  وأبعاده ومحاوره وتوجهاته الثرية والمدهشة.

هي التي تحاول دائما أن تنتقي الكلمات المُوَشَّاة بالذهب وأن تصنع منها عقدا فريدا مبهرا ،فهاهو العازف ما يزال يعزف ألحانه  الشجية ،التي تنساب  إلى مسامعنا في سلاسة وعذوبة  ،والذي يؤجج في نفوسنا مشاعرا وأحاسيسا شتى،ما تلبث أن تأخذنا إلى عالم شفيف من الرؤى والأحلام والأماني العذاب ، وهاهو أيضا  ذلك العازف الذي تفيض ألحانه بالعشق الأبدي الذي يخترق أبواب السماء، فنظل ننعم به وننصت وننتبه إليه، ما وسعنا الإنصات والانتباه ، فبات أشبه بترنيمة جميلة ، ما إن نسمعها حتى تطيب لها  آذاننا ،وتسمو بها مشاعرنا  وتحلق معها أرواحنا  إلى حيث الرونق والبهاء.

نعم لقد كانت أمسية رائعة بكافة المقاييس ،تلك التي كانت حافلة بالرؤى النقدية ،وعبارات الحفاوة والتكريم  والتي تعلن بكل صدق عن مدى الإعجاب والتقدير لتلك الأيقونة الأدبية الرائعة .

نعم هي غادة صلاح الدين التي لا تألو جهدا في سبيل إثراء الحياة الثقافية في مصرنا الحبيبة وفي عالمنا العربي كله ،وهي التي تعطي من  وقتها الكثير والكثير في سبيل إسعاد الآخرين . 

تعليقات