د. محمد جاد الزغبي يكتب: أوهام "نتنياهو".. وحلفاؤه العرب!

  • أحمد عبد الله
  • الأربعاء 07 أكتوبر 2020, 10:27 صباحا
  • 1224


 

عندما قلت سابقا وكررت أكثر من مرة أن عالم اليوم يحكمه المجانين , لم أكن مبالغا , فالجهل والتفاهة والسطحية وانعدام الكاريزما أصلح سمة لحكام عالم اليوم على نحو يجعل أى قارئ للتاريخ يتحسر على عصر ( النجوم اللامعة ) كما سماه أستاذنا هيكل وكان يقصد به القرن الماضي

نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يخرج من دائرة الهطل التى تميزه رغم أنه سياسي قديم إلا أنه معدوم الخبرة العسكرية والتاريخية ومثار سخرية لمواطنيه أنفسهم فى هذا الجانب

ويشعر بالضآلة كثيرا أمام تاريخ رؤساء الحكومات الصهيونية السابقة أصحاب التاريخ الإجرامى العتيد والخبرات الثقيلة التى جعلتهم أمام المواطنين رموزا عليا تتقاصر شخصية نتنياهو القزمة أمامهم ولعل هذا هو ما دفعه في نهايات القرن العشرين ــ فى أول تجربة لحكمه ــ إلى أن يسلك سياسة البطش القمعية بشكل وحشي ضد الحقوق العربية لعل هذا يجعله بطلا فى عيون منتخبيه ويعوض به النقص الواضح في شخصيته ..

وتغريدته الأخيرة على تويتر أن إسرائيل انتصرت فى آخر حرب أكتوبر ترجمة فعلية لمدى جهله لأنه فى الواقع لم يخالف فقط حقائق التاريخ بل فضح نفسه حتى أمام جنرالات إسرائيل الذين دونوا مذكراتهم وكتبوا فيها ما حدث واعتبروا أن حرب أكتوبر كادت أن تكون بداية النهاية لإسرائيل للدرجة التى فكروا فيها بخيار شمشون عن طريق استخدام القنبلة الذرية , وكيف أن معركة الثغرة اعتبروها جريمة ورطهم فيها شارون واضطروا للإنسحاب التام دون شرط بعد التهديد المصري بنسف الثغرة بمن فيها وهو الأمر الذى تحرك ضده الأمريكيون بقيادة كيسنجر لدرجة تهديد السادات بالدخول فعليا للحرب لو أقدم على تنفيذ خطة تصفية الثغرة

 

وقد صادفه حظه فى تجربته الحالية للحكم أنه ظهر أمام الإسرائيليين باعتباره محققا لسابقة تاريخية من حيث إماتة قضية الشعب الفلسطينى والحصول على الإعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتهم إليها , فضلا على كونه حصد ثمار التطبيع من خونة العرب وجعلهم يصطفون أمامه فى رعاية ترامب ليحصلوا على بركاته !

غير أن ما حصده نتنياهو فى الواقع ليس انجازا له بأى حال من الأحوال ..

فالذى جناه هو ثمار زرعها جيل الإجرام الأول من اليهود الذى ذاق الهزيمة المرة فى أكتوبر فقرروا بذل الغالى والرخيص عبر خطة طويلة المدى لتقزيم دور مصر وتحجيمها وتحييدها ..

وهى الخطة التى بدأت من عهد بيجن الذى وقع إتفاقية السلام مع السادات , واستمرت مع اسحاق شامير ورابين وبيريز وايهود باراك وشارون ,

كان المنجز الحقيقي لهم ليس تحقيق التطبيع أو السلام مع دول العرب بل المنجز الأساسي يتمثل فى تجنيب مصر وتحييدها كهدف أول ثم الحصول على التطبيع معها شعبيا كهدف ثان ثم تدمير العراق وسوريا .. وبعدها كل شئ سهل

وكشف لنا الدكتور عبد الله المفكر الكويتى المعروف حقيقة نظرة إسرائيل للخليج وكيف أن إسرائيل وضعت خطة ــ بعد حرب أكتوبر ومعاهدة السلام ــ طلبت موافقة أمريكا عليها لاحتلال شريط النفط كله لمنع أى محاولة مستقبلية من العرب لاستخدام سلاح النفط كسلاح ضغط على نحو ما حدث فى حرب أكتوبر !!

الوثيقة معلنة ومعروفة والدكتور النفيسي نقلها بألفاظها فى أكثر من لقاء

فنتنياهو يظن فعلا أنه حقق الغرض الإسرائيلي الثانى بعد تحييد مصر عن طريق دفعها للتطبيع وهذا ما يبدو لأى مراقب سياسي على أنه خلل مركزى فى التفكير !

ليس فقط لأن مصر بكافة طوائف شعبها وتياراتها جعلت من التطبيع تهمة كافية لنبذ ومحاكمة كل من تخول له نفسه مجرد زيارة إسرائيل !

بل للسبب الأهم ..

وهى أن الجيل المصري القديم الذى حارب في أكتوبر ورثته الأجيال الحالية من شباب لم يعاصروها ولا زالت أجيال الشباب تتوارث العداء تجاه إسرائيل وتجعله مبررا لإسقاط أى شخصية تنادى بغير العداء التام

ظهر هذا فى أحداث ثورة يناير عندما حملوا صور أبطال أكتوبر , وفى جنازة الشاذلى رحمه الله وأيضا ظهرت بشكل كاسح فى مهاجمة المتظاهرين لمقر السفارة الإسرائيلية واقتحامه من الخارج ونزع العلم الإسرائيلي مما اضطرهم لتغيير مقر السفارة وجعله مقرا سريا حتى اليوم

وظهر أثناء الحرائق التى دبت قبل سنوات فى إسرائيل عندما اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بالشماتة العلنية والدعوة إلى الله تعالى بـأن تزداد الحرائق ضراما ..

فمهما قال نتنيناهو أو فعل هو أو أى حليف عربي له يتفاخر بتطبيعه , فلن تكون هذه السياسة تعبيرا عن الشعوب مطلقا ..

والشعوب العربية المقهورة بسيف البطش لم تختر أيا منهم حتى يمكن القول بأن سياستهم تعبيرا عن تلك الشعوب ..

وستظل إسرائيل وعملاءها بؤرة العداء لأى عربي مهما فعلوا ..

 

 

 

تعليقات