حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
لقد بحث الفلاسفة طويلا عن فارق جوهرى بين الإنسان والحيوان، وظهرت مقولات عديدة فمنهم من قال أن الإنسان حيوان ناطق, ومنهم من قال أن الإنسان حيوان عاقل،... إلخ..
لكن كما يقول -أحمد بهاء الدين- أن الفارق الجوهرى الحقيقي هو
قول الفلاسفة أن الإنسان حيوان له تاريخ.
وهذا ما أتفق معه تمامًا, فالتاريخ ودروس التاريخ هى الفارق الرئيسي
الذى جعل من الإنسان مخلوقا لديه خبرة تراكمية تعلمه الدرس, ولا شك أن كل من لم
يتعلم من دروس التاريخ فقد قبل طويلا أن يخرج بنفسه من إطار الإنسانية لإطار آخر.
وهذا ما فعلته الأمم السابقة الهالكة وعلى رأسها قوم (عاد) سواء
عاد الأولى أصحاب هود عليه السلام، أو عاد الثانية وهى ثمود قوم صالح عليه السلام
فأصح أقوال السيرة أن عاد لها جيلان لا جيلا واحدا,
كان أولهم جيل عاد الأولى الذين أهلكهم الله بالريح وكانوا أول قوم
كفروا بعد قوم نوح وتجربة الطوفان الهائلة الرهيبة التى كانت درسا خرافيا عارما
للبشرية،
فإذا بقوم عاد الأولى يتجبرون ولا زالت فى أذهانهم حكايا أجدادهم عن
الطوفان وكيف أن البشرية بعد نوح عليه السلام منحها الله فرصة الحياة عن طريق
أبناء نوح نفسه , لأن كل أجيال ما بعد الطوفان إنما هم ينحدرون من سلالة نوح لأن
الناجين معه لم تكن لهم ذرية ..
ورغم هذا
سكن جيل عاد الأولى مساكن الأحقاف , وظهر فيهم ـعلى ما يبدو- وزير تولى وزارة الأحقاف كانت مهمته التتبع والتضييق أى أثر لديانة التوحيد
استجابة لأهواء كبار عمالقة عاد المغترين بقوتهم!
وظهر فيهم نبيهم هودا عليه السلام وذكرهم العاقبة فلم يأبهوا به,
حتى جاءت لحظة الحساب فأرسل عليهم الله ريحا صرصرا عاتية بدأت بشائرها بتجمع
الرياح بألوانها القاتمة فى السماء, لكنهم رغم ظهور العلامات الواضحة إلا أن أنهم
سخروا قائلين أن ما يرونه ليس إنذارا بعذاب بل هى مجرد عوارض للمطر التى سيأتى
بالخير العميم بعد حركة الإصلاح التى قام بها وزير الأحقاف.
وجاء العذاب هائلا فسحقهم جميعا.
ورغم هذه التجربة الواضحة، إلا أن عادا الثانية قوم صالح كانت لهم تجربة جديدة مع أحد أحفاد وزير
الأحقاف الذاهب وإذا به يشير على قومه بعقر ناقة صالح التى أرسلها الله آية لنبيه
وأنذرهم من المساس بها.
ففتكوا بها لمجرد التجبر حيث رأوا أن الناقة تأخذ الماء من آبارهم فى
يوم مخصص لها طبقا لأوامر نبيهم صالح عليه السلام , وأن هذه الناقة لا تتساوى مع
سادة القوم الذين أهانهم صالح بأن جعل منهم خداما للناقة.
وتجاهلوا أن الله لم يجعلهم خدما بل جعلهم مكلفين بأداء خدمة عامة
نيابة عن الشعب.
فاعترضوا أمر الله وعقروها ناسين درس أجدادهم أيضا , فإذا بعذابهم
هذه المرة يأتى مباشرا وصاعقا , حيث أهلكهم الله بالصيحة دون إنذار فأصبحوا لا ترى
إلا مساكنهم ..
ولا زالت الأحقاف وسيرة وزرائها شاهدة حتى اليوم بمدى تجبر الإنسان
وعناده