وجبة ثقافية وثائقية متكاملة تقدمها "ديوان الأهرام" في عددها الجديد

  • حاتم السروي
  • الجمعة 12 يوليو 2019, 7:02 مساءً
  • 995
العدد الجديد من ديوان الأهرام

العدد الجديد من ديوان الأهرام

صدر مؤخراً العدد الجديد من مجلة "ديوان" الثقافية التابعة لمؤسسة الأهرام، وهي مجلة  ثقافية  تراثية وثائقية تصدر كل ثلاثة أشهر وقد صدر عددها الأول عام 2010، وترأس تحريرها الكاتبة الصحفية زينب عبد الرزاق، التي تحدثنا في افتتاحية المجلة عن هرم متحف اللوفر.

وتخبرنا زينب عبد الرزاق أنه بعد وفاة المهندس الصيني الذي صمم الهرم الزجاجي ليكون واجهة متحف اللوفر في باريس، تجدد اهتمام العالم المتحضر بالحضارة المصرية، وكان السؤال الأكثر تردداً في الميديا العالمية هو: لماذا كان شكل الهرم هو الرمز أمام متحف اللوفر؟ وكان السؤال الثاني: من هو مصمم الهرم الزجاجي؟ أما السؤال الثالث فكان: من الذي اقترح فكرة الهرم؟.

وأجاب عبد الرزاق على هذه الأسئلة فقالت: مصمم الهرم الزجاجي هو الذي قام كذلك بترميم وتجديد متحف اللوفر وهو صيني الجنسية مات عن عمر 102 سنة في منتصف مايو الماضي، وهيكل هذا الهرم الزجاجي مصنوع من الصلب؛ ليكون بمثابة المدخل لمتحف اللوفر، وبجواره ثلاثة أهرامات أصغر، ونظراً لما تحظى به الحضارة المصرية من احترام وتقدير الشعوب الأوروبية، جاءت فكرة الهرم الزجاجي ليتوسط ساحة المتحف، وكان ذلك باقتراح من الرئيس الفرنسي وقتئذٍ (فرانسوا ميتران) عام 1984م، وتم الافتتاح في اليوم من شهر أبريل سنة 1989، وقد اهتمت معظم الدول الأوروبية بالحضارة المصرية حتى وصل بهم ذلك إلى الولع وحتى أن المثَّال العالمي "هنري مور" اعترف بأنه تأثر في إبداعه بالفن المصري القديم.

ثم نجد في العدد ملف كامل أعده الفنان عصمت دواستاشي عن الفنان التشكيلي الكبير الراحل "محمود سعيد" المولود عام 1897 والمتوفى سنة 1964، وهو ابن العائلة الأرستقراطية  وأبوه هو محمد سعيد باشا رئيس الوزراء الأسبق، وقد ولد في قصر والده الكائن بجوار مسجد أبي العباس المرسي في منطقة بحري بالإسكندرية وظهرت موهبته في الرسم مبكراً جدا، وألحقه والده بمدارس أجنبية كما أحضر له معلمين يدرسون له مناهج المدارس الحكومية في مصر، ومعلمين يدرسون له الأدب والرسم والموسيقى لتتشكل بذلك شخصيته الرفيعة الحساسة.

ويخبرنا عصمت دواستاشي أن ميلاد محمود سعيد في الإسكندرية كان نعمة كبرى لهذا الفنان ؛ فقد شهدت الإسكندرية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين نهضة فنية وثقافية واسعة، إضافةً إلى ما حققته من ازدهار تجاري جعلها بحق مدينة عالمية وعروس مدن حوض البحر الأبيض المتوسط، حتى أنه أُطلق عليها "بوابة الشرق إلى أوروبا" ، وكان لنشاط الجالية الإيطالية ومدارسها وعشقها للفن وإقامتها للمراسم دور كبير في أن يقيم بالمدينة مجموعة من الفنانين الطليان ومن جنسيات أخرى، فانتشرت مراسمهم وأصبحت أسماؤهم مشهورة، وتعلم على أيديهم جيل الرواد الأول والثاني بالمدينة ولمعت أسماء مثل الفنان الإيطالي "أورتورو زانييري" الذي تتلمذ على يديه محمود سعيد بدءاً من عام 1915.

ثم نجد مقالة بعنوان "مشاهد من وقائع الديوان" للكاتب عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق ويتحدث فيها عن الديوان الذي أسسه نابليون بونابرت ليكون بمثابة البرلمان الأول في تاريخ مصر وكان أعضاؤه من علماء الدين والأعيان وكانت آخر جلساته في السادس من يوليو عام 1801، وكان مجرد هيئة تتولى رفع مظالم الناس لقادة الحملة الفرنسية وتقدم الرجاء لهم لحلها!.

ثم نجد ملفاً كاملاً عن شاعر الشباب أحمد رامي أكثر وأشهر من كتبوا لأم كلثوم وعنوان الملف "رامي بين الأمل والذكرى.. صوت الحب الذي يتردد صداه في كل البيوت" ومن الملف نعرف أن رامي ولد عام 1892 وتوفي عام 1981، وهو الذي ألف "هجرتك" و"انت الحب" و"جددت حبك ليه" و"يامسهرني" وغيرها من أغنيات كثيرة غنتها له أم كلثوم بل وغيرها من المطربات، وقد منحه الرئيس السادات الدكتوراه الفخرية في عيد الفن وجاء في حيثيات المنح: "لقد جمع القلوب على الحب وإنكار الذات وعمَّق وعينا بالجمال؛ فكان قوة من قوى الخير التي تسعى إلى خلق مجتمع أفضل".

ومن الأغاني التي كتبها رامي لأم كلثوم أغنية "رق الحبيب" وفيها يقول: فضلت أفكر في معادي/ واحسب لقربه ألف حساب...وكان كلامي مع صحابي/ عن المحبة والأحباب..من فرحتي بدي اتكلم/ واقول حبيبي مواعدني..لكن أخاف ليكون بينهم/ مظلوم في حبه ويحسدني..

ونجد مقالة قديمة كتبها الشاعر المرحوم صالح جودت عن صديقه رامي وعنوانها: الشاعر الذي أمم الأدب، وفيها يخبرنا أن حافظ إبراهيم شاعر النيل كان من أوائل المحتفين بشعر رامي، وأن رامي لو لم يعرف أم كلثوم ويقع في أسرها لكان قد أصبح شاعر مصر الأول، وأن حياته في حضن المقابر بحي الإمام الشافعي منحته هذا الحزن العميق الذي نلمسه في إبداعه، وأدبه الحافل بالأنين والغارق في الدموع هو انعكاس لحياته الممتلئة بالفقد والحسرة، وأن الأغاني التي كتبها لعبد الوهاب دفعت شوقي ليكتب بالعامية "النيل نجاشي" و"بلبل حيران"، وقد تغير الغناء على يدي رامي من "ارخي الستارة اللي في ريحنا" و"إيه اللي جرى في المندرة" إلى معانٍ راقية تسمو بالذائقة والأخلاق.

ويخبرنا صالح جودت أن رامي فقد أخيه الوحيد محمود الذي مات في الغربة وظل بعيداً عن أبيه شاعراً باليتم حتى إذا وجده فُجِعَ فيه، وأن أم كلثوم كانت قدراً مفروضاً عليه غيَّرَ طريق حياته، كما ترسم لنا الكاتبة سهام عباس ملامح من سيرة أحمد رامي كما يرويها بنفسه وفي مقالتها تخبرنا أن والد رامي كان مغترباً عن أسرته يكدح طول الشهر ويرسل راتبه كله لأسرته ثم يعيش على 3 جنيهات كان يتم صرفها "بدل عليق" لحصانه، وأن ترتيب رامي كان السابع على مصر عندما أخذ البكالوريا عام 1911، وأول شعر في حياته هجا فيه "مستر دنلوب" المندوب السامي البريطاني وخاف من تدوينه فاكتفى بتداوله شفوياً، وكان رامي يعمل معلماً وهو في سن صغيرة وذات مرة منعه البواب من دخول المدرسة وقال "روح هات ولي أمرك يا شاطر"!.

وتخبرنا كوثر زكي أن رامي لم يكن يتقاضى مقابل أغانيه التي يؤلفها للست لأن قيس على حد قوله لم يكن يأخذ مقابلاً من ليلى وهو يكتب فيها الشعر، وأن رامي شكل مع السنباطي ثنائياً فنياً لمنافسة بيرم التونسي وزكريا أحمد.

ويلقي الملف الضوء على الديوان النادر الذي كتبته الشاعرة والمذيعة سلوى حجازي باللغة الفرنسية وكتب له أحمد رامي المقدمة.

ثم نشهد مقالاً لعالم الآثار و"الإيجيبتولوجي" زاهي حواس عن الملكة كليوباترا بعنوان "كليوباترا..ابنة مقدونيا التي حكمت مصر وهزت عرش روما"، كما نجد مقالاً للزميل محمد حافظ عن القائد جوهر الصقلي الذي أوفده الفاطميون لفتح مصر وهو باني مدينة القاهرة كما أنه كان حلوانياً قبل انخراطه في سلك الجندية لذلك يقال: "اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني".

وتقدم لنا الكاتبة "مها شهبة" ملفاً خاصاً عن الكاتب العالمي "آرنست همنجواي" صاحب رواية العجوز والبحر، والحائز على نوبل، وصاحب أشهر واقعة في عالم انتحار الأدباء وذلك بمناسبة 120 عاماً على ميلاده.

وبمناسبة مرور 50 عاماً بالتمام والكمال على أول هبوط للإنسان فوق سطح القمر تقدم لنا الكاتبة أميرة إبراهيم مقالتها  الوثائقية "50 عاماً فوق سططح القمر".

وننتقل من العلوم إلى الموسيقى حيث ملف عن الراحلة رتيبة الحفني التي عاشت بين عامي 1931 و2013 وكانت تغني في الأوبرا الألمانية وقد صفقت لها أم كلثوم تصفيقاً شديداً أم الجمهور لشدة إعجابها بصوتها في أوبريت "الأرملة الطروب"، وكانت رتيبة الحفني يعجبها صوت الراحل محمد عبد المطلب.

تعليقات