ليلى إبراهيم تكتب: ماسبيرو بين الأمس واليوم

  • أحمد عبد الله
  • الجمعة 25 سبتمبر 2020, 11:06 مساءً
  • 787

كلُّنا تربَّيْنا علىٰ التليفزيون المصري وروائعِه في الماضي القريب، وكان حينئذٍ بعيدًا عن التكنولوجيا الصاخبة وزَخَمِ وسائل التواصل الاجتماعي.

كان التليفزيون المصري يبُثُّ برامجَه الهادفةَ الرائعة، مَن مِنا لا يتذكر برامجَ مثل جولة الكاميرا، أو العلم والإيمان، أو عالَم البحار، أو عالَم الحيوان؟؟ وحتىٰ البرامج التي كانت تخصُّ العائلة وشؤونَها كبرنامج حياتي، وبرامج الأطفال التي كانت تربي وتعلم.

أما المسلسلات التي كان ينتجها فمَن منا لم يشاهد سلسلة مسلسلات محمد رسول الله، والقضاء في الإسلام وغيرهما؟؟ أين نحن اليوم من كل تلك الأعمال التي أثَّرتْ وتركتْ بصماتِها في وجدان وعقل المشاهد المصري؟؟!! كان ذلك قبل أن تتبدَّل الأحوال في زمن العولمة، كنا عندما نقرأ كلمةَ(من إنتاج التليفزيون المصري) نطمئن للمنتَج الذي سيُعرَض؛ لأننا كنا نثق في أنه يعرض كلَّ مفيدٍ ومحترم. الآن وبعد أن صرنا في زمن العولمة ننظر فنجد الإعلام المرئي المصري قد تضخم بقنواتٍ كثيرة خاصةٍ لأصحاب البيزنس ورأس المال، وهؤلاء مصلحتهم الأهَمُّ جمعُ المال بعيدًا عن المنتَج أو المحتوىٰ الذي يُقَدَّم للناس ببيوتهم؛ لأن أكثرَ هؤلاء لا يهُمُّهم سوىٰ الربح المادي فحسب، فلا رسالة ولا تعليم ولا موضوعات هادفة إلا من رحم اللهُ.

وهنا نقف ونتساءل: لمصلحة مَن يتم تعطيل التليفزيون المصري، وتجريدُه من كل مفيدٍ راقٍ؟! أين دور الدولةِ في الإنفاق والمحافظة علىٰ هذا المشروع القومي الذي لا يقلُّ خطورًة وأهميًة عن باقي المشاريع القومية؟! الإعلام المرئي مهمٌّ ومؤثِّر إذ يقدم رسالًة أو مضمونًا ما. تصَدَّوا لهذا الكم الهائل من الأعمال الهابطة التي تضخِّم عورات المجتمع، وتعلِّم أولادَنا الشرَّ والبلطجةَ والجريمة.

متىٰ يُعيد التليفزيون المصري مجدَه، ويرجع إلىٰ البرامج التي كانت الأسرةُ كلها تلتفُّ حولها، وتنتظرها بين الحين والآخر، متىٰ ستعود تلك المسلسلات الهادفة والسهرات الدرامية الواعية؟؟ أين نحن اليومَ ممن يقوم ببث محتويات مغلوطة عن الإسلام ورموزه؟؟

متىٰ نعود مرًة أخرىٰ إلىٰ هُويَّتِنا التي كِدنا نفقدها بسبب المصلحة الشخصية لأصحاب رأس المال؟؟ إنني أرجو مَن يهمُّهم الأمر أن يراجعوا أنفسَهم لإعادة الرُّوح ثانيًة إلىٰ ماسبيرو.

الفنُّ -كما تعلمون- مرآة الشعوب، ومقياسُ رقيِّها أو تدَنِّيها، لذا لابد أن نرتقي بما نقدِّمه للناس؛ كي لا نتركَ أولادَنا فريسًة لقنوات السوء ومحتوياتها الشائهة، عودوا إلىٰ ما كنا عليه من رقيٍّ واحترامٍ لعقلية المُشاهد. ولا يعتذرَنَّ مَن يقول: إننا في عصر السموات المفتوحة حيث لا سبيل إلىٰ السيطرة علىٰ هذا الزخم المعلوماتي وصدِّه، لا صدِّقوني إن أولادَنا يتمنوا أن يجدوا مَن يأخذ بأيديهم نحو طريق الصواب، وليس أدلُّ علىٰ صدق ذلك من أن عددًا من حلقات برنامج العلم والإيمان لها مشاهَدات عالية جدًا عبر اليوتيوب، البرامج الهادفة ما تزال تستقطب حولها المشاهدين لكن أين هي اليوم؟!

أتمنىٰ أن نعيدَ النظر في هذا الأمر، ونعلمَ أننا أصحاب ثروة إعلامية كبيرة لكنها تحتاج -فحسب- ترشيدًا وحُسنَ توجيهٍ نحو صالح الناس.

تعليقات