رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

أندلس رشدي تكتب: قامات الزمن الجميل وأهمية الدراما التلفزيونية في عالمنا العربي

  • أحمد عبد الله
  • الأربعاء 23 سبتمبر 2020, 8:21 مساءً
  • 715


إنها لأمسية حافلة بكل ألوان الفنون والإبداع ،تلك التي عقدت بمقر ملتقي السرد العربي برئاسة الدكتور حسام عقل ،الذي يعد أحد رموز التنوير في مصرنا الحبيبة، تلك الأمسية التي أتاحت لنا فرصة اللقاء بالفنانة القديرة والعظيمة الأستاذة سميرة عبد العزيز،والتي تعد بحق  سيدة الدراما المصرية والعربية بلا منازع .

ولا شك في أنَّ الحديث عن الأستاذة سميرة عبد العزيز لهو حديث غني ومثمر بكافة المقاييس ،وذلك لكونها  فنانة  متفردة في النبوغ والعطاء والتميز ،وقامة فنية من قامات الزمن الجميل ،فهي تلك السيدة التي ترسم لنا  بصدق ملامح  الهوية المصرية ،التي تعبر عن المعاني الحقيقية للعراقة والأصالة والمواطنة والانتماء ، وهي التي  تحمل بين حناياها  تلك السمات المصرية التي تتسم  بالطيبة والمودة، والصبر والتسامح ،وحب الخير والإيثار .

هي تلك الفنانة التي تجسد أدوارها بإتقان شديد ، فهي لا تكتفي بتجسيد ملامح الشخصية كما هي مكتوبة على الأوراق  فقط ،ولكنها تضفي عليها من روحها وخبرتها ووعيها وثقافتها غير المحدودة ،وذلك مما  يضفي على كل شخصية  تؤديها ثراء وقيمة ،فيجعلها باقية وراسخة في قلوبنا وعقولنا ،وتظل محفورة في ذاكرتنا زمنا طويلا.

هي تلك السيدة التي نرى فيها وجه مصر المشرق بلا جدال، فهي من علَّمت الأجيال كيف يحبون مصر، وكيف يجزلون لها العطاء ، وهي التي علَّمت الأجيال أيضا كيف يكون الالتزام والوفاء ،وذلك من خلال أدوارها التي جسدتها بصدق وأريحية، سواء في المسرح أو التلفزيون أو السينما  ،فملكت  بها قلوب المشاهدين في مصر والعالم العربي كله.

هي من أوفت لمصر بالكثير والكثير من جهدها وعمرها ، وذلك  من خلال مشوارها الفني الطويل الذي بدأته من الإسكندرية ،وحتى طاب لها المقام في القاهرة عاصمة الفنون والإبداع  ،وهي التي كرمها الرئيس جمال عبد الناصر  ،فكان تكريمه لها بمثابة الحافز الأهم لكي تستمر في مشوارها الفني بكل ما أوتيت من جهد وموهبة وعشق حقيقي للفن بمختلف طوائفه وألوانه المتعددة .

هي  تلك الفنانة العظيمة والمبدعة ،التي ما زالت تحافظ  على منظومة الفن الراقي عبر مشوارها الفني الطويل الذي سيظل محفورا في وجداننا وقلوبنا ، والذي توجته بأعمالها التلفزيونية العظيمة ،وهي  على سبيل المثال لا الحصر : ضمير أبلا حكمت ، إمام الدعاة ، أم كلثوم ، الإمام الترمذي ، والقضاء في الإسلام، والقاصرات  ،وغيرها من المسلسلات التي شكلت وجداننا ورسمت لنا منهجا وحياة ، وكذلك أعمالها المسرحية الخالدة مثل: وطني عكا ،قولوا لعين الشمس، صلاح الدين الأيوبي، بعد أن يموت الملك ،إلى غير ذلك من الأعمال الخالدة التي  كانت بمثابة التأريخ لحياتها الفنية الراقية والثرية بكافة المبادئ والقيم النبيلة.

هي تلك الفنانة التي ما زالت تعطي لمصر المزيد والمزيد  من الفن الراقي ،والتي ما زالت تمتعنا بصوتها الرخيم عبر ميكروفون الإذاعة ،وذلك من خلال برنامجها الخالد (قال الفيلسوف) والذي يستمع إليه القاصي والداني في جميع البلدان العربية وليس في مصر وحدها ، ذلك البرنامج الذي ساهم مساهمة فعالة في تشكيل الهوية المصرية لدى  أجيال عديدة، وما زال مستمرا حتى اليوم .

هي التي حصدت العديد من الجوائز خلال مشوارها الفني الطويل  ، ولعل أهم تلك الجوائز على الإطلاق هو حب الناس لها، وتقديرهم لعطائها الفني الغزير، فهي من شغلت العقول وملكت الأفئدة بأدائها المتميز وفنها الراقي رفيع المستوى.

ونحن عندما نتحدث عن تلك الفنانة العظيمة ،فلا يمكن أن نغفل الحديث بأي حال من الأحوال ،عن رفيق دربها ، وتوأم روحها  الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن  والذي  قالت هي عنه بالحرف الواحد  ( من أبدع لا يموت )،ولقد صدقت  في قولها هذا كل الصدق ،فإن ذلك الكاتب العظيم ،يعد من أهم كتاب الدراما في مصر والعالم العربي على حد سواء  ،ولقد ارتبط بجمهوره ارتباطا وثيقا، وذلك من خلال أعماله العظيمة التي تنوعت موضوعاتها وأهدافها على جميع المستويات و مختلف الأصعدة ، فهو كاتب شغله التاريخ ،فأعطى وأجزل العطاء، فكان له ذلك الانتاج الغزير الذي نذكر منه  على سبيل المثال لا الحصر : بوابة الحلواني، سليمان الحلبي ، ليلة سقوط غرناطة ، فيلم حليم ،إلى غير ذلك من الأعمال الهامة التي تركت بصمة عظيمة في مجتمعاتنا المصرية والعربية على حد سواء.

وعندما يكون الحديث عن سيدة الدراما المصرية الأستاذة سميرة عبد العزيز ، فإن ذلك مما يوجب علينا أن نتطرق بالحديث عن أهمية الدراما المصرية ،التي تحظى بإقبال شديد من قبل أفراد المجتمع بمختلف طوائفهم ومشاربهم ، وذلك لكونها  محاكاة لأفعال الناس ولقضاياهم المجتمعية والنفسية والاقتصادية والسياسية، ولا شك في أن تلك القضايا هي التي تفجرالأقوال والأفعال داخل الحدث الدرامي، الذي يجسده صناع الدراما  بكافة ألوانها وأشكالها ، فإذا ما التزم القائمون عليها لكانت الدراما عنوانا لحضارتنا وتراثنا الثقافي الأصيل .

ويجب علينا أن نعلم جميعا أن الدراما، تساهم مساهمة فعالة  في تشكيل الذات ، وتكوين الشخصية الإنسانية بما تحدثه من تأثير قوي على المتلقي ، وهي التي تحرك المشاعر وتثري الروح والوجدان، بما تقدمه من مشاعر إنسانية ووجدانية ، ولتلك الأسباب مجتمعة فإن التأثير الملحوظ الذي تحدثه الدراما بين الناس ،يجعلها تتحول  إلى أحاديث متداولة بينهم ،فالمشاهد الدرامية ليست مشاهد عبثية على الإطلاق ، ولكنها تؤثر في المتلقي تأثيرا عظيما، فهو يستقي منها معظم مبادئه وسلوكياته وأسلوب حياته.

وإنني أهيب بصناع الدراما في مصر ، أن يولوا وجوههم شطر ذلك المحراب الذي نسعى إليه  جميعا سعيا دؤوبا، لكي تستكين نفوسنا ولكي تسمو أرواحنا فهم من يحملون على عاتقهم ألوية السبق في ذلك المضمار، وهم الذين  يساهمون في خلق مجتمع واعٍ مثقف ،ولذا وجب عليهم أن  يحسنوا من طرائقهم في  التفكير،وأن يمعنوا النظر في تراثنا الحضاري حتى يتمكنوا من توجيه المجتمع الوجهة الصحيحة ،فالدراما إن سلمت من الشوائب سوف تكون عنوانا لشخصية الشعوب  بلا جدال.

فهاهي الدراما إذن، وهاهي الملكة المتوجة على عرشها الفنانة القديرة والعظيمة السيدة سميرة عبد العزيز ،التي ما زال في جعبتها الكثير والكثير من العطاء الفني الذي لن ينضب معينه أبدا .

  

تعليقات