د. حسام عقل يكتب: "شكلان أفندي" و"وصلان الواصل".. فن أن تربح الجماهير
د. حسام عقل
"شكلان أفندي" و"وصلان الواصل".. فن أن تربح الجماهير
عدتُ أنتظر "ابن عروس الجديد"، الضمير الشعبي لابن البلد في المقهى، الذي نجلس في رحابه عادة، وتأخر عني نحوا ً من نصف ساعة هذه المرة.
ثم حضر واعتذر عن تأخره وطلب شايا ً وقرفة، وابتدرني قائلا:"ألم تسمع بالضجة المثارة حول الداعية"وسيم المنيلاوي"، لأنه التقط صورة وهو يحدث الناس في مقهى، و هاجمه بعض الشباب المتحمس، مؤكدين أن الظهور بمقهى، أمر لا يليق بالدعاة، ولا ينسجم مع هيبتهم، حتى وإن تأثر بهم مئات؟!.
ثم قال لي: ألم يسمعوا -يا أبا الحسام- قصة "شكلان أفندي" و "وصلان الواصل"، وهما شقيقان، تعلما بكتّاب القرية و حفظا القرآن الكريم معا.
قرر "شكلان أفندي" أن يكتفي بالناحية الشكلية/الظاهرية الصِرف من عمله، فأقام قاعة مكيفة، اصطفت بها الكراسي الأنيقة، وظل يدعو الناس لمحاضراته، وبعد عامين من الدعاية المكثفة، اصطفّ في القاعة -بالكاد- ثلاثة صفوف لا أكثر!
أما "وصلان الواصل" فقد مضى بدراجته إلى السوق، وحدّث الناس في سوقهم الكبير، وفي مقهى "ورد النيل" على رأس الحارة، وظلت الطوابير تتكدس أمامه، وتتأثر بكلامه، اللامع كسلاسل الذهب، المبسّط جدا ً كقطع الحلوى الخفيفة.
وحين وقفت القرية -بصلابة- في وجه العمدة "أبو سويلم" يوما، بسبب مواقفه تجاههم، انطلق الناس لسانا ً واحدا، يتحدثون بمنطق "وصلان الواصل" وطريقته، فيما ظلت قاعة "شكلان أفندي" تشكو كراسيها الخاوية!
لم يدرك "شكلان أفندي" والمتحمسون الذين هاجموا "وصلان الواصل"، لظهوره في المقهى، أن أنبياء الله لم يعرفوا القاعات المكيفة، بل كانوا "يمشون في الأسواق"!
وأن صناعة الجماهير وكسب ودها، والتأثير في وعيها فن، لا يدركه "شكلان أفندي" و مؤيدوه!