"ربما في المستقبل نعرف كيف ظهر الكون".. هيثم طلعت يكشف عن أكبر مغالطة يقع فيها الملحد
- الإثنين 25 نوفمبر 2024
البطل
جئنا بقصة من ثنايا التاريخ المشرف الذي لم يتلوث بخبثاء الأقلام
الزائفة، مناضل باع كل ما يملك في مدينة باليرمو عام
1975 م وتبرع بها للمخيمات الفلسطينية، بل والأكثر بهجة وعظمة أنه أصر أن يلتحق في
صفوف المناضلين الفلسطينيين ويدخل في خط القتال معهم دفاعاً عن قضيتهم . .
أنه البطل الإيطالي فرانكو فونتانا، الذي ولد في مدينة بولونيا
الواقعة شمال ايطاليا ، تبنى القضية الفلسطينية وترك رغد العيش في بلاده لينضم إلى
المقاومة الفلسطينية في لبنان، ويقاتل في صفوفها سنوات طوال طويلة وصلت إلى22 سنة
واشتهر فرانكو فونتانا الذي اعتنق الإسلام
وأصبح اسمه جوزيف إبراهيم، بمهاراته الفائقة في استخدام سلاح راجمات الصواريخ الكاتيوشا،
ودقة تصويبه، وإنه نفذ عدة عمليات قصف استهدف بها إسرائيل من جنوب لبنان.
ويروى أنه بعد مرور سنوات على توقف القتال،
سعى إلى الالتقاء برفاق السلاح، وبحث عنهم في المخيمات الفلسطينية، وحين التقى بواحد
منهم في مخيم مار الياس في بيروت، تصادف أن فارق الحياة هناك في شهر يونيو عام
2015.
وذكر في هذا السياق أن السفارة الإيطالية
في بيروت تدخلت في محاولة لنقل جثمانه إلى بلاده، إلا أن نبأ فاجأ الجميع، فقد أوصى
فرانكو أن يدفن في فلسطين، وإذا تعذر ذلك، ففي مخيم اليرموك أو عين الحلوة.
وذكرت التقارير الصحفية عن هذا المناضل أنه من الفدائيين الأجانب الذين لا يخشون الموت ، فالرجل ترك كل شيء خلفه
وانضم إلى فصائل الثورة الفلسطينية. في ذلك الزمن، كان النضال أممياً وكانت القضية
الفلسطينية مركز اهتمام شرفاء العالم. ومن المآثر التي تنسب للمقاتل فرانكو إضافة إلى
تضحيته بنفسه، أنه باع كل أملاك والده وكل ما ورثه عنه وقدمها للمخيمات الفلسطينية. اشتهر بدقة تصويبه في سلاح راجمات الصواريخ «الكاتيوشا»،
وتنفيذه عمليات قصف استهدفت إسرائيل من جنوب لبنان.
وكانت وصيته أن يدفن في فلسطين أو في إحدى مخيمات الشتات، مخيم عين الحلوة أو مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين. هذا الفدائي الإيطالي هو الذي قال: «قد أموت ولا أرى تحرير فلسطين ولكن ابنائي أو أحفادي حتما سيرون تحريرها وعندها سيعرفون قيمة ما قدمته لهذه الارض الطيبة، ولهذا الشعب الصلب».
عاش فونتانا سبعة عقود مفعمة بالثورة ضد
الطغيان، وصل الى لبنان يوم النكبة في 15 أيار ورحل يوم النكسة في 5 حزيران 2015، وعند
تدخل السفارة الإيطالية في بيروت لنقله لبلده الأصلي تفاجأوا بوجود وصية له بدفنه في
فلسطين، فإن تعذر ذلك، طلب دفنه في إحدى مخيمات الشتات، وهو ما حصل فعلا، حيث دفن في
مقبرة شهداء مخيم شاتيلا. وكأن القدر مصرّ ان يدخله على سكة تواريخ مفصلية لقضية عاش
ومات في أحضانها.
الجبهة الديمقراطية شيعت شهيدها فرانكو
فونتانا بموكب مهيب تقدمه نجلا الشهيد اللذين قدما من ايطاليا: لاورا وماسيمو فونتانا،
اضافة الى قادة وممثلي الاحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية وعدد من اعضاء المكتب
السياسي واللجنة المركزية وقيادة الجبهة الديمقراطية في لبنان وعدد من رفاق الشهيد
الذين عايشوه ورافقوا مسيرته النضالية وحشد من ابناء مخيمات بيروت.
واصطفت حشود الجماهير عند مدخل مخيم شاتيلا
لاستقبال الجثمان الذي لف بأعلام فلسطين وايطاليا وعلم الجبهة الديمقراطية وحمل على
اكتاف رفاق الشهيد في القوات المسلحة الثورية، كما تقدم المسيرة ايضا كشافة اتحاد الشباب
الديمقراطي الفلسطيني، وبعد ان توقف النعش امام المكتب الرئيسي للجبهة في المخيم حيث
كان الجميع بالانتظار سار الموكب باتجاه مقبرة الشهداء في مسيرة اخترقت شوارع المخيم
وأزقته الداخلية يتقدمها الفرق الكشفية واعلام فلسطين ولبنان ورايات الجبهة الديمقراطية
وصورة كبيرة للأمين العام نايف حواتمة.
كلما تمضي الايام والسنون، اُصبح اكثر ايماناً
بالقضيه، بفلسطين التحرير والعوده والحريه... التصق اكثر بتفاصيلها. اصبح اكثر عشقاً
لكل ما يرتبط بها. تغدو الاغاني الوطنيه تراتيل سماويه. اشعر بصورتي تتحوّل الي علم
وجسدي الي خريطه وتراب مقدسي. اتلمس جدران الازقه في المخيمات بمتعه اكبر، امشي في
زواريب شاتيلا وعين الحلوه بعزه اكبر، انظر الي الشهداء وكانهم يستشهدون كل يوم...
هكذا كان فرانكو فونتانا يعيش القضيه.
قال تعالى : ( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا
غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم )