نهال القويسني تكتب: فلسفة العلاقات الإنسانية

  • أحمد عبد الله
  • الخميس 10 سبتمبر 2020, 2:00 مساءً
  • 702

المشاعر الإنسانية بكافة أشكالها، إن افتقرت للصدق فلا مجال لنجاحها أو استمرارها. ونحن عادة ما نخلط ما بين المشاعر الصادقة والاحتياج أو الاعجاب أو الانجذاب أو الواجب. وجميعها ليست مشاعر صادقة لانها لا تنبع من القلب وتحركها أمور اخري..واجبات ومصالح واحتياجات..الي آخره..وبهذا تفتقد للصدق الذاتي، الذي هو الركن الركين لقوة العلاقة واستمرارها.

من خبرتي المتواضعة في الحياة كنت أري دائما أن العطاء فن..لا ينبغي أن يكون مطلقا ولانهائيا وعلي حساب الشخص المعطاء طوال الوقت. فعلم النفس يوضح لنا أن الإنسان يميل لاشعوريا إلي استغلال الطرف المعطاء في العلاقة. وإن لم يفعل فإنه يعتبر عطاءه حقا مكتسبا وواجب علي المعطاء لا يمكنه التراجع عنه..وبالتالي فإن العطاء فن. ولا ينبغي أن يكون بصورة مطلقة مع البشر للأسباب السالف ذكرها..ولا ينبغي أن ننسي ايضا ان للحياة دائما أكثر من وجه، وهي في الغالب متضادة..اي ان العطاء لابد ان يعادله منع في بعض الاحيان..وفقا لنظرية التعادلية عند الأستاذ توفيق الحكيم..وهذا حديث يطول ويصعب الإسهاب فيه في هذا المقام..لذلك فإن علي ان اتقن فن العطاء..فاعطي وامنع بمعيار واعي كي لا أفسد الشخص الذي أحبه بكثرة العطاء..ولا أفسد العلاقة وافقده في النهاية

 البشر كلهم ضعاف خطائين.. والكمال لله وحده. فلا ينبغي أن انسي ذلك وانا اتعامل معهم..ولا ينبغي أن انسي ان كل شيئ في هذه الدنيا إلا قليلا..لا يكتمل ابدا..لو وعيت هذا الدرس ارتحت في تعاملاتي.. لاني لن أتوقع الكمال من أحد. وعلي ان اترك هامشا آمنا في توقعاتي.

الرؤي والأفكار والمبادئ والصواب والخطأ كلها أمور نسبية جدا..يتداخل معاها معايير الزمن وثقافة الشخص ومدي أدراكه لذاته.. وأحيانا رغباته دون أن يشعر..لذا يصبح من الصعب تعميم الأحكام فيما يتعلق بالعلاقات الإنسانية.

 لكل عصر سماته وأدواته ومعطياته ونمط الحياة فيه الذي يلقي بظلاله الاكيدة علي العلاقات الإنسانية جميعها، حتي الحميم منها..فعصر الرومانسية غير عصر الوجودية غير عصر المادية غير عصر التكنولوجيا وثورة الاتصالات..وكلها لها تأثير علي السلوك الاجتماعي للأفراد وطبيعة ممارستهم لتلك العلاقات وفقا الزمن والمتغيرات..وقد تظل الفكرة ثابتة وتختلف تطبيقاتها علي ارض الواقع.

وأخيرا..العطاء الحق يكون عن وعي واقتناع..وليس من واقع واجب أو بالدفع الذاتي..العطاء الحق يكون عن وعي وإدراك ونابع من قناعات شخصية ومرتكز علي منظومة أخلاقية وقيمية خاصة بالشخص. بمعني ادق، هذه هي اخلاقي ومرجعيتي القيمية التي تحرك تصرفاتي..وفي هذه الحالة، انا افعل ما أراه صوابا..واعطي وامنع وفق منظومة عقلية وعاطفية واعية، تحكمها ضوابط واضحة المعالم في عقلي ووجداني وليست مجرد ردود أفعال وتصرفات انفعالية قد تحسب ضدي وتضيع حقي

تعليقات