حاتم إبراهيم سلامة يكتب: أخطاء اللغة لا تلغي إبداعك

  • جداريات 2
  • الأحد 06 سبتمبر 2020, 07:33 صباحا
  • 1460
الكاتب حاتم إبراهيم سلامة

الكاتب حاتم إبراهيم سلامة

الفكر والأدب والموهبة ليس لهم علاقة بإتقان قواعد اللغة العربية، فمن الممكن جدا تكون موهوبا ومفكرا ولك إبداعاتك وابتكاراتك وأنت ضعيف في النحو وقواعد الإعراب. كما أن اللغة لا تعني الإعراب فقط وإنما لها صور مختلفة.. وهذا طبعا ليس تبريرا للخطأ، ولكن هناك من يعتقد أن مجرد السهو عن خطأ في اللغة، أو عدم الحديث بالعربية الصحيحة، إنه كدا خلاص خد "استمارة 6" من عالم الفكر والثقافة والأدب والإبداع.

وهذا ما حدثني به بعض أصدقائي من دكاترة الجامعة أنه إذا قرأ مقالا ووجد خطأ في النحو لا يكمله.. ولعل هذه مشكلته هو.. لأنه رجل متخصص في هذا العلم.. وهو في رأيي خطأ كبير، فهناك أدباء كثر لم يكونوا أقوياء في النحو والإعراب، كما نجد من متقني النحو من هم ضعاف الأدب.. وكان طه حسين يعيب على بعض الادباء المحدثين عدم إدراكهم للإعراب، وأن مؤلفاتهم فيها كثير من الأخطاء النحوية، وتحديدا كان الأديب الروائي (يوسف السباعي) وهو نفسه يوسف السباعي الذي كانت رواياته تملأ السمع والبصر، وكانت له إسهاماته الأدبية الكبيرة.

وكبار الكتاب في الصحف يرسلون مقالاتهم لكي تراجع لغويا في الديسك بالصحيفة، ولا يرون بعض جهلهم باللغة عائقًا أن يكتبوا ويعبروا، لأنهم يملكون أفكارا وخبرات وتجارب تهم البشرية وتستنير بها العقول.

حتى الأخطاء الواردة لبعض من أقرأ لهم من الكتاب، إذا وجدت أغلب كلامهم صحيحا في الإعراب أعلم جليًا أنها سهو و غفلة، أما إذا كانت الأخطاء 90% أو 80% أو 70% أو حتى 50% فأعلم ساعتها أن القوم بينهم وبين النحو بون شاسع وسد شاهق..

وأنا عن نفسي كان لدي شريط كاسيت للشيخ الغزالي وكان يتحدث ويخطئ خطأ فاحشا في اسم كان حينما جعله منصوبًا بدل الرفع.!! والغزالي هو من هو أدبًا وعلمًا ولغة.

وهذا الكلام تحديدا أسوقه لبعض الكتابات الشابة الناشئة، من الذين يظنون أن طريقهم إلى عالم الفكر والأدب مسدود لا سبيل لهم إليه، لأنهم يجهلون قواعد الاعراب والنحو في كلامهم.

وهناك بعض الأحبة يصحح لي بعض الأخطاء النحوية، وأرى من خلال تعبيراتهم: أنه يريد أن يقول لي: (لا تتحدث ولا تتزعم ميدان الكتابة مادمت تخطئ في النحو) والحق أن هذا خطأ كبير، ورغبة ظالمة، فالسهو عن خطأ لغوي لا يجعلني أبدا أن أشعر بأي نوع من الخزي والجهل أو أي لون من الشعور بالحرج والحياء، وأنت يا أخي الكاتب، كن مثلي تماما وانظر لنفسك: لقد كتبت وفكرت وأبدعت وأنتجت وقدمت الجديد، وكان هناك ما قلته، وكان هناك من قرأ لك وأفاد منك، واستمتع بما سطرت... أما من يهدم كل هذه المفاخر لهفوة نحوية، أو جملة إعرابية، فهو لا محالة متشدد، متعنت.

ولا يوجد في الدنيا شىء كامل.. لكن.. مهما كان الخطأ في اللغة، يبقى الإبداع والفكر سيدي الموقف.


أجدد نيتي أنني لست من أعداء اللغة وقواعدها، بل أنا من عشاقها والداعين لها، ولكني في ذات الوقت، أجدد تأكيدي أنني لا أقبل أن يكون الجهل بها سدا حاجزا في وجه المبدعين والمفكرين.


بعض أساتذتي حدثني يوما بأن أجتهد في تنقيح مقالي حتى لا يتشبث به أحد الناقدين الكارهين لي، فيكون فيه فرصة للتعريض أو الاستصغار والاستهانة، والحق أنني لا أعبأ بمن يترك الغايات ويمسك بالقشور..


نريد من شبابنا أن يفكروا ويكتبوا وينتجوا، ولا يتصوروا أن اللغة تغتالهم وتسبب لهم أزمة إن جهلوا إعرابها، لأن اللغة ليست نحوا فقط، وإنما أدب واستحسان للجميل من الألفاظ والأفكار.

لكن عليهم أن يواصلوا في تعلمها ومعرفة قواعدها، حتى تكتمل لهم معالم الكاتب الناضج.

وليحذروا مما قاله السلف قديما في تعلم النحو، قول عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: "تعلَّموا النَّحو كما تُعلِّمون السُّنن والفرائض" وروي أنه رضي الله عنه قال: "رحم الله امرءا أصلح من لسانه" و قال أيُّوب السِّختياني الإمام رحمه الله: "تعلَّموا النَّحو فإنَّه جمالٌ للوضيع وتركه هُجنةٌ للشَّريف" وقال محمَّد بن سلام: "ما أحدث النَّاس مروءةً أفضل من طلب النَّحو".


على فكرة ممكن تلاقي برده أخطاء كتيرة في هذا المقال.. لكن الفكرة أكيد وصلت..




تعليقات