تبا لذلك الظرف.. قصة قصيرة للكاتبة الأردنية تمارا حسين أحمد الكركي

  • جداريات 2
  • الإثنين 31 أغسطس 2020, 10:19 مساءً
  • 1296
الكاتبة الأردنية تمارا حسين أحمد الكركي

الكاتبة الأردنية تمارا حسين أحمد الكركي

 بينما هي تقف على الرصيف تنتظر الحافلة التي تقلها، إلى جامعتها التفتت برأسها، وإذا بعينها تمسمرت على شرفة بيت يطل منه شاب وسيم، هكذا رأته ورآها، وقد حدثت خلجات نفسها قائلة: إنه شاب وسيم وأعتقد أنه فيه كل المواصفات التي أرغبها، ليته يرسل إشارة أو علامة يستهدفني بها، فالحوار نفسه دار في نفس الشاب ليتها تلتفت وتظهر علامة أو ابتسامة، لقد التقت العيون وتشابكت النظرات وتعلقت القلوب النقية، وفي تلك الأثناء وبينما هي تنتظر الحافلة رأت ظرفا  يتراقص مع النسائم  وفجاة سقط بالقرب من قدميها، تنظر إليه بفرح تقول إنه منه؛ فقد استهدفني كما تمنيت، هذه هي الإشارة، تنظر إلى الظرف مترددة، هل تلتقطه أم لا. تقرر في نهاية الأمر بأن تأخذه، تلتفت حولها يمنى ويسرى لتتأكد بأن لا أحد يراها سوى ذلك الشاب، التقطت الظرف وفتحته، وقرأت ما فيه من عبارات الحب واعترافاته وأنه حب من أول نظرة، تقرأ وهي تختلس النظر إلى تلك الشرفة وقد تملكها الفرح الذي سكن عينيها وكل عروقها، وقد انتهت من قراءة الرسالة وأخفتها بين أوراق دفترها واحتضنته، وارتسمت على الشفاة بسمة، واحمرت الوجنتان خجلا.

     وما هي إلا بضع دقائق حتى توقف أمامها شاب يقود دراجة نارية، ألقى عليها التحية والفرح لا يزال يسكن كيانها ويراقصها، ويزين قسمات وجهها القمحاوي الجميل. 

     يقول لها: هل رأيت يا سيدتي ظرفا يتطاير هنا أو هناك؟ فقد أخذته النسائم الشقية بعد أن سقط صندوق الرسائل من خلفي، وتبعثر بعضها، وقد لملمتها إلا رسالة واحدة لم أجدها وهي رسالة كنت قد كتبتها لحبيبتي. فقد كانت تنصت لكلمات ذاك الشاب بكل اهتمام، فما كان من تلك الكلمات إلا أن تسرق فرحتها التي تزين قسمات وجهها، صمتت برهة ثم أخرجت الظرف من بين أوراق الدفتر، وقالت له: تفضل يا سيدي.

شكرها و هي تحدث نفسها، تبا لذلك الظرف تبا لذلك الظرف. ثم جاءت الحافلة وعيناها تفيض بالعبرات، فتركت ظلها صامتا تحت تلك الشرفة، وصعدت وهي تمسح دمعها الحارق.

تعليقات