الروائية اليمنية فكرية شحرة تكتب: طوبى للمجانين

  • جداريات 2
  • الإثنين 31 أغسطس 2020, 2:20 مساءً
  • 814
الروائية اليمنية فكرية شحرة

الروائية اليمنية فكرية شحرة

في كل حياتك يجب أن تقتل ولو مرة واحدة ..

ففي أعماق كل منا مشروع قاتل؛ البعض فقط تواتيه الظروف ليخرجه ليقوم بعمله.

وغالب الوقت لا يقتل المرء إلا نفسه عوضا عن ضعفه؛ وما أكثرها طرق قتل الذات.

ضعفك انتحار؛ لأن الضعف يغوي بالبطش؛ هو غواية للافتراس والتنكيل عند المستأسدين.

قتلك لضعفك هو أقوى المقدرة؛ وليس أمرا سهلا كما يبدو للمتنطعين بالكلام.

قوتك الحقيقية ليست في التخلي عما لا تريده بل في ترك ما تريده أنت.

قف أمام نفسك وجادلها؛ حدد ضعفك وحاصره.

إذا كان حاصل مكاشفة المرء لنفسه التعرية والجلد فقط فإن للأمر أوجاع تفوق ما له من الراحة.

فكيف تهنأ نفس قد بانت هشاشتها وتفاهتها حتى العمق وانزاح عنها ستر الادعاء ونبالة الشعور؟!

تبا لها تلك النفس التي تنحدر بدلا من أن ترتقي ..

تبا لها حين تصنع من الطين تمثالا عظيما لتعبده؛ فإذا سقط حطمها تحت ثقل سقطته.

لا يمكنك لوم أحد على ما يفعل في حقك؛ فقد أصبحت الحرية الشخصية والشعورية ماخورا يمتلئ بالاغتيالات النفسية للآخرين دون أن تطال الجناة كلمة لوم وعتاب.

لا ترهق ذهنك كثيراُ في معرفة الأشياء والأمور؛ أو تفسير التصرفات والطباع؛ فكلما كان الإنسان متقد الحواس كلما كان عرضة للاحتراق أكثر من غيره.

ليست ميزة أبداً أنك شديد الملاحظة, سيأتي يوم وتتمنى لو كنت غافلاً كي تسعد ببعض الخدع الصغيرة  في الحياة.

ولا تلمْ من آذاكَ فلربما رأى منك جانباً قد انخفض وسقط؛ فوطأه بقدمه وأوجعك؛ فالمرء إذا أرتفع عز الوصول إليه فلا يبلغه أحد.

إنما حاصر ضعفك واقتله.

فكل محاولات الهروب ليست نجاة، إن هي إلا موت بطيء؛ أسوأ شعور أن تحتقر ذاتك و_هي العزيزة_ بسبب ضعفك؛ لا أنت نصرتها ولا أنت أكرمتها .

أحياناً تضطرنا الحياة للتخلي عن أهم أحلامنا؛ رغباتنا؛ وحاجاتنا.

الضعفاء يرونها نهاية الحياة؛ والأقوياء يخلقون أحلاماً ورغبات موازية تمدهم بأسباب البقاء.

البعض يقضي حياته في محاولة خلق حياة خيالية موازية تساعده على ابتلاع حياته ويحظى بالفشل في الاثنتين. 

لم يحدث أن حصل أحدٌ على نصيبه دفعة واحدة من الألم أو الفرح مهما بدا هائلاً,

لذا تحمل بصبرٍ أو افرح بصمت.

لم يعد يشكل فرقاً لدي إن كان ما أفعله وأقوله هو ما أريده أم لا ..

لا فرق فلدي تاريخ عريق من قهر الاختيار الذي يحدث بإرادتي رغماً عني.

كعادتي أتوارى خلف كبريائي الجريح.

ألجأ إليه وأراه ينزف لخساراتي وهو يحميني من الانهيار وأتشبث به حتى آخر وجع.

 الكبرياء قاتل مكرم يقتل ضعفك حين يستقوي عليك الآخرون.

صعب أن يبقى القلب مترقبا لرصاصة الرحمة من أحد.

صعب أن ينام على حلم ويصحو على وجع وليس له بينهما موقع أو وجود.

حتى الكلمات التي يباغتها اليأس صارت عدو يكشف هشاشة تحصينات الروح؛ ينقل أول بأول حجم الخسائر ويعلن انتصار طرف آخر.

ما يفوق الوجع حقيقة هو العجز عن شرح أسبابه.

كلما باغتك شعور بأنك ممتلئ بحديث لا تحصره الكلمات؛ التقط منه ما استطعت من زفرات واخرجها أحرف أو حتى دموع ألم.

لا تبقِ شيئاً داخلك سيتراكم كالصدأ ويحيل صفاء قلبك إلى سخامِ حزن وكآبة.

اصرخ للرب وانتظر الصدى رحمة أو نسيانا.

لا تترك تلك الفجوة في روحك تتسع؛ ولا تحشر فيها ما لن يملأها؛ لا تراهن على بقاءها مفتوحة للنزف؛ كل الجراح تلتئم بالصبر والاحتساب.

فأنت من يصنع الفراغ في قلبك, عندما تملؤه بالوهم سيأتي يوم وتشعر بكل الفراغ ينخر فؤادك.

أصنع من فراغك انشغالا ومن وحشة قلبك أنسا؛ إن الحنين رياح تعصف بالصدور الفارغة.

لا تترك روحك تحجم أن تنسل من شقوق الحياة المتاحة ولا تتركها تلتصق دائما بزجاج النافذة تتأمل فقط؛ سيتسرب منك العمر حينها كالهواء بلا لون أو طعم أو رائحة.

إن رؤية أشباح البشر وهي تسير بلا معنى أو هدف يثير الرعب أن تكون النهاية هكذا ببساطة.

وروحك دودة  ضعيفة نسجت شرنقتها وتوارت دهرا ولم تدر أنبتت لها أجنحة أم لا؟

أتحملها بعيداً؟

أتسقط؟

أتنتظر الحلم؟

الأحلام ليس لها سيقان.. ولا تأتي أبداً.

أحياناً نزحف إليها وأحيانا تنقطع بنا الطرق..

 لكنك أيضا مبتور القلب بشعورك أن للروح نهاية..

وهذي الروح لا تأخذ غفوة موت.. لا تشيخ .. إنما تنكسر تحت سياط الحزن.

المفرطون في ادعاء الذكاء والتعقل, هم المثخنون بخساراتهم دون حتى أن يشعروا ماذا خسروا أو كيف؟

طوبى للمجانين الذين عاشوا قصصهم حتى المنتهى رغم الوجع.

تعليقات