الإعلان عن وظائف للأئمة في الأوقاف يناير المقبل
- الخميس 21 نوفمبر 2024
رشيد بوجدرة رأى البعض أنه حر والبعض وصفوه بالشيطان ـبالفيديو
رشيد بوجدرة هو روائي جزائري ذو توجه ماركسي ويعد من بين القامات الأدبية الكبيرة في المشهد الأدبي بالجزائر الشقيقة، وله كتب وإبداعات باللغتين العربية والفرنسية، وقد ولد عام 1941 في مدينة العين البيضاء؛ فعمره الآن يناهز الثامنة والسبعين، وقد تلقى تعليمه الابتدائي في مدينة قسنطينة الجزائرية الشهيرة.
وهو دارس قديم للفلسفة؛ حيث تعلمها في جامعة السوربون الباريسية، وكما كان قديماً في الفلسفة، كان قديماً أيضاً في انتماءاته الشيوعية؛ فبعد استقلال الجزائر عام 1962 انضم إلى الحزب الشيوعي الجزائري؛ ليدخل في زمرة المثقفين الذين ينطلقون من الماركسية في فهم العالم والمجتمع والوجود والتاريخ، والذين أصبحت الماركسية على أيديهم منظومة حياة لا يبرحونها بل يخرجون منها ويدخلون فيها بحيث أصبحت هي عقيدتهم ومنهج حياتهم، ويبدو أنها باتت بديلاً عندهم عن الديانات السماوية التي يؤمن بها المجتمع العربي.
الحلزون العنيد
عمل بوجدرة في التعليم وتقلد مناصب كثيرة، منها أمين عام رابطة حقوق الإنسان، وفي عام 1987 تقلد منصب أمين عام اتحاد الكتاب الجزائريين وبقي فيه لسنواتٍ ثلاث، ومع اندلاع أحداث العشرية السوداء وبروز شبح الإرهاب رحل بوجدرة إلى "تيميمون" وفضل البقاء فيها لبعدها عن أماكن الاضطرابات وبقي هناك مدة سبع سنين.
وعلى مدى خمسين عاماً أو يزيد قدم رشيد 30 عملاً إبداعياً منها سبعة عشر بالعربية، ونذكر من أعماله: "الحلزون العنيد"، "الإنكار"، "القروي"، "العسس"، "الإرثة" و"ضربة جزاء".
وفي عام 2015 خرج علينا بوجدرة عبر شاشة فضائية "الشروق" الجزائرية ليعلن إلحاده وأنه لا يؤمن بالقرآن وبالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أثارت تصريحاته صخباً وضجة وانقسم رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد لحريته في الاعتقاد وبين من وصفوه بـ "الشيطان"، ويرى بوجدرة أنه لا وجود لعالم آخر بخلاف العالم المادي الملموس وأن كل الظواهر الطبيعية تنشأ تلقائياً عبر قوانين ثابتة لا تتخلف وأن الطبيعة تسير ذاتها بشكلٍ آلي وأن رسول الله رجلٌ ثوري وليس نبياً يأتيه الوحي من السماء.
وقد رفض الكاتب أن يقسم بالله كما هو المعتاد من ضيوف برنامج "المحكمة" الذي حل ضيفاً عليه وأقسم بدلاً من ذلك بوالدته التي قال أنه لم يزر قبرها في حياته حسبما نشره موقع "فرانس 24" في الخامس من يونيو لعام 2015.
أنا ملحد
ولم يكن مستغرباً أن يقول الروائي عن إلحاده أنه مسألة شخصية، لكن المثير للدهشة ما ذكره من اتصال إلحاده بتصوف ابن عربي والأمير عبد القادر الجزائري، معلناً في سياق الحديث أن معظم أصدقاءه ملحدين وأنه يفضل التعامل مع المسلمين الطيبين فقط!.
ويأتي إعلان رشيد بوجدرة لإلحاده كسابقة هي الأولى من نوعها حيث لم يخرج أي مثقف جزائري قبل ذلك ليعلن إلحاده على التلفزيون في بلدٍ تنص المادة الثانية من دستوره على أن الإسلام دين الدولة.
وقد أصدرت جمعية العلماء المسلمين بالجزائر بياناً تقول فيه أنه لا يجوز تغسيل رشيد حال وفاته ولا الصلاة عليه ولا دفنه في مقابر المسلمين وأنهت البيان بقولها أن تصريحات الكاتب جهرٌ خطير لا يمكن تجاهله وأن عليه التوبة والرجوع إلى الإسلام.
من جهته نفى الكاتب أن يكون قد أعلن إلحاده إلا على سبيل المزاح، وأنه اضطر لقوله "أنا ملحد" كنوع من الدعابة الثقيلة بعد أن تكرر السؤال عن عقيدته من المذيعة وبشكلٍ استفزازي على حد تعبيره، وقال الكاتب أنه مسلم يدافع عن عقيدته!.
وموقف الروائي رشيد بوجدرة في هذا المقام لا يعد نغمةً نشازاً في سياق هيمنة المثقفين التابعين للتوجهات الماركسية على الساحة الثقافية والمشهد الأدبي في كثير من البلاد العربية منذ ما يزيد عن الستة عقود، ونحن نتساءل ونعتقد أن هذا من حقنا عن موقف هؤلاء المثقفين من تهاوي الثقافة بين عوام الناس وتراجعها، فهل ساهم هؤلاء الكتاب في النفرة القائمة بين المواطن العادي وبين الثقافة بمفهومها الشامل؟ هل استطاعوا أن يبعدوه عن القراءة وحب المعرفة بسبب ميولهم اللادينية ورفضهم لكل العقائد؟ وهل ساهم الخطاب الغامض الذي يعاني من تقعر اللفظ وغرابة المفردات وتعمد الإبهام في إحداث الفجوة بين رجل الشارع وبين الثقافة والمثقفين؟ أسئلة كثيرة تعمل جداريات على إيجاد أجوبة لها من خلال حواراتها التي سوف تنشر تباعاً عما قريب.