أحمد الفولي يكتب: الهجرة النبوية.. محطة مهمة في تاريخ البشرية

  • أحمد عبد الله
  • السبت 22 أغسطس 2020, 03:01 صباحا
  • 3828

كانت الهجرة ولا زالت، محطة تاريخية مهمة، تتعلم منها الأمة جيلا بعد جيل، العديد من المعاني الإيمانية، والدروس الرائعة.


توكل على الله، وحسن ظن به سبحانه وتعالى، مع أخذ بالأسباب، وتخطيط للهجرة المباركة، ليتعلم المسلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن حياة المسلم لا تكون حياة عشوائية، أو حياة تقليدية، وإنما أتت بشريعة واضحة، تنصّ على حسن التنظيم، وإتقانه.


بل إن الهجرة بمثابة ثورة عقائدية -إن صح التعبير-، فهي كذلك بكل ما تحمله هذه العبارة من معان؛ وذلك لما فيها من فوائد، عملت على تغيير  أحوال المسلمين تغييرًا جذريًّا.


نعم... تغييرا جذريا حيث نقلتهم من الضعف إلى القوة، ومن الخوف إلى الإقدام والفتح" ومن القلة إلى الكثرة، بل ومن الاندحار إلى الانتصار.


ثورة عقائدة، دمّرت معاني عبادة الأصنام من دون الله، وهدمت مبادئ الجاهلية التي أرادت قريش أن ترسخها.


بل لم توقف آثار الهجرة النبوية عند هذا الحد، حيث كانت ثورة على كل ما يخالف شريعة السماء وفطرة الإنسان السليمة، فشملت آثارها النواحي العقائدية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.


وذلك عندما تنظر إلى هدف رسول اللهصلى الله عليه وسلم، من هذه الهجرة النبوية الشريفة، من مكة المكرمة، إلى المدينة المنورة، والبحث عن إيجاد موطئ قدم للدعوة؛ لكي تنعم بالأمن والاستقرار.

وذلك حتى تتمكن دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أن تبني نفسها من الداخل وتنطلق لتحقيق أهدافها في الخارج، ولقد كان هذا الهدف العظيم أملاً يراود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال مرة لأصحابه: "رأيتُ في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب ظني إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي يثرب".


وكان من أجلّ أهداف النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم من الهجرة -وكل أهدافه جليلة- تكثير الأنصار وإيجاد رأي عام مؤيد للدعوة؛ لأن وجود ذلك يوفر عليها الكثير من الجهود ويذلل في طريقها الكثير من الصعاب، والمجال الخصب الذي تتحقق فيه الأهداف، والمنطلق الذي تنطلق من الطاقات.

ولهذا حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث (مصعب بن عمير) إلى المدينة ليعلِّم الأنصار الإسلام وينشر دعوة الله فيها. ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وجود رأي عام مؤيد للدعوة في المدينة، حثَّ أصحابه إلى الهجرة إليها وقال لهم: "هاجروا إلى يثرب، فقد جعل الله لكم فيها إخوانًا ودارًا تأمنون بها".

كما كان هدف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهجرة استكمال الهيكل التنظيمي للدعوة، فقد كان وضعًا شاذًّا أن يكون الرسول القائد في مكة، والأنصار والمهاجرون في المدينة؛ ولهذا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون بين ظهراني أتباعه؛ لأن الجماعة بدون قائد كالجسد بلا رأس، ولأن تحقيق أهداف الإسلام الكبرى لا يتم إلا بوجود جماعة مؤمنة منظمة، تُسرِع السير إلى أهدافها بخُطا وئيدة.


ما أحوجنا إلى هجرة إلى الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم.

هجرة إلى الله بالتمسك بدينه، والتوبة إليه، والاحتكام إليه -سبحانه وتعالى-، وهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بتعظيم سنته واتباعها ، والاقتداء بسيرته، وسيرة أزواجه أمهات المؤمنين.


قال ﷺ: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.

تعليقات