خطاب معوض خطاب يكتب: الساقطة إنشراح علي مرسي.. الحلقة الخامسة

  • جداريات 2
  • الأربعاء 19 أغسطس 2020, 5:25 مساءً
  • 908
إنشراح علي مرسي

إنشراح علي مرسي



اجتمع رجال الموساد الإسرائيلي وقرروا أن يسلموا عميلهم إبراهيم شاهين أحدث جهاز لاسلكي للإرسال في العالم، واستغلوا وجوده معهم في إسرائيل وقاموا بتدريبه لمدة 3 أيام متواصلة على كيفية استخدام هذا الجهاز الحديث، ووعدوه بمكافأة قيمة تبلغ مليون دولار أمريكي لو أنه أخبرهم عن موعد الحرب القادمة التي يستعد لها المصريون.

وفرح إبراهيم شاهين فرحة عارمة بهذا الوعد الذي سينقله نقلة كبيرة تضمه إلى زمرة أصحاب الملايين، ولكنه أفاق من سكرة الفرح ووقف أمام مشكلة لم يجد لها حلا، وهي: كيف يدخل مصر وهو يحمل معه مثل هذا الجهاز الخطير؟ 

وعندما أفصح عما يجول بخاطره لرجال الموساد أخبروه بألا يحمل لذلك هما، وطلبوا منه فقط بعد عودته للقاهرة أن يتوجه إلى طريق القاهرة السويس الصحراوي، وعند الكيلو 108 سيجد هناك فنطاس مياه غير صالح للاستخدام، وهذا الفنطاس يوجد خلفه جدار أسمنتي متهدم، وكل ما عليه أن يحفر فقط تحت هذا الجدار لمسافة نصف متر بالضبط، ووقتها سيجد ذلك الجهاز مدفونا هناك.

وهكذا عاد إبراهيم شاهين إلى أثينا مرة أخرى، ومنها انتقل إلى تركيا منتشيا وزف البشرى لأسرته بقرب وصول جهاز الإرسال الحديث، كما بشرهم بوعد رجال الموساد له بالحصول على المليون دولار لو أنه أخبرهم بموعد قيام الحرب المنتظرة.

وبعد عدة أيام قضتها أسرة الجواسيس في تركيا، تنعموا فيها بدولارات الإسرائيليين عادوا إلى القاهرة، وبعدما استراحوا قليلا من عناء السفر الطويل، خرجوا في رحلة عائلية بالسيارة قاصدين طريق القاهرة السويس الصحراوي.

وعند الكيلو 108 توقف إبراهيم شاهين بالسيارة، وترجلت منها إنشراح علي مرسي وصحبها ابنها عادل، وتوجها معا صوب الفنطاس غير المستخدم، والتفوا حوله حتى وصلوا للجدار الأسمنتي المتهدم، وبواسطة معول قامت إنشراح وابنها عادل بالحفر حتى استخرجوا لفافة كان الجهاز بداخلها، وبسرعة حمل الاثنان اللفافة في سعادة إلى السيارة.

وانطلق إبراهيم شاهين بعد ذلك بالسيارة مسرعا تجاه المنزل، وأنفاسهم جميعا تكاد تنقطع خوفا من أن يشاهدهم أو يشعر بهم أحد، وبعدما دخلوا المنزل التفت العائلة كلها حول كبيرهم إبراهيم شاهين، وهو يحاول تجربة الجهاز بإرسال أول برقية منه لرجال الموساد، وبعد أن كتب الرسالة وأراد إرسالها اكتشف إبراهيم شاهين أن مفتاح التشغيل به عطل، وقال إنه ربما يكون قد حدث له شيء بسبب ضربة من المعول أثناء الحفر.

ووقتها حزن الجميع وأصيبوا بصدمة كبيرة، فبعد أن تعطل مفتاح التشغيل أصبح حلم الفوز بالمليون دولار بعيد المنال، ولكن إنشراح كان عندها الحل، فلماذا لا تسافر هي بنفسها إلى إسرائيل وتأتي لهم بمفتاح جديد؟! 

كان هذا هو الحل الوحيد للخروج من المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه، وبالفعل راسلت إنشراح رجال الموساد، وحددت معهم موعدا لسفرها إلى إسرائيل عبر روما، وفرحت عائلة الجواسيس كثيرا بقرب وصول مفتاح الجهاز المنشود، بينما كانت فرحة إنشراح أكبر من الجميع، وكيف لا تفرح وهي في طريقها للقاء فارسها الداهية "أبو يعقوب".

وهكذا سافرت "إنشراح علي مرسي" وحدها إلى روما، ومن هناك سافرت إلى إسرائيل التي وصلت إليها في يوم 26 يوليو 1974، وفي إسرائيل التقت فارسها "أبو يعقوب" ضابط الموساد الداهية، الذي أعرب لها عن إعجابه بجرأتها وشجاعتها وحضورها وحدها إلى إسرائيل، ثم أكرم وفادتها وأقام لها حفلا ماجنا أشبع فيه كل رغباتها المحرمة، وجعلها تتعلق به وتهيم به أكثر وأكثر.

وبعد مرور ما يقرب من شهر كامل قضته ما بين روما وإسرائيل، وتحديدا في يوم 24 أغسطس سنة 1974 كانت "إنشراح علي مرسي" في مطار روما لتستقل طائرة "أليطاليا" الرحلة رقم "791" المتجهة إلى القاهرة، وكانت في قمة سعادتها ونشوتها.

وما أن جلست إنشراح على كرسيها داخل الطائرة إلا وأغمضت عينيها، وبدأت تستعيد أحداث أيامها الأخيرة بإسرائيل قبل عودتها، فتذكرت مدى فرحتها حينما علمت بأنهم قد رصدوا مبلغ 2500 دولار كمكافأة لها، ومدى فرحتها حين علمت بأنهم قد رفعوا راتبها ليصبح 1500 دولار شهريا، في وقت كان راتب الموظف المصري خريج الجامعة لا يزيد عن 17 جنيها مصريا فقط، ثم فتحت إنشراح عينيها اللتين كانتا تلمعان من السعادة والنشوة حين تذكرت لياليها الماجنة المثيرة التي قضتها بصحبة الداهية "أبو يعقوب" الذي أحيا فيها أنوثتها.

وأخيرا وصلت إنشراح إلى مطار القاهرة، ومعها هدايا كثيرة وثمينة جاءت بها لزوجها وأولادها، وأصابتها الدهشة والحيرة حينما لم تجد أحدا منهم في استقبالها، وقامت باستيقاف تاكسي وطلبت منه أن يقوم بتوصيلها إلى مسكنها، وحينما وصلت بيتها رنت الجرس ولكن لم يفتح لها أحد، فطرقت الباب وهي مندهشة تتساءل أين هم؟ ولكن لم ييستجب لها أحد، فأخرجت المفتاح من حقيبتها وفتحت الباب وهي في قمة غضبها، وما إن فتحت الباب ودخلت مسكنها إلا ووجدت إنشراح علي مرسي في انتظارها ما لم يخطر لها على بال.

ولكن ترى ماذا وجدت "إنشراح علي مرسي" داخل مسكنها؟ هذا ما سوف نعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى، فانتظرونا.


المصادر:

كتاب "أشهر وأخطر الجواسيس عبر العصور" محمود عبد الله.

كتاب "كل شيء هادئ في تل أبيب" حسني أبو اليزيد.

برنامج النادي الدولي، حوار سمير صبري مع الجاسوسة.

كتاب "جواسيس الموساد العرب" فريد الفالوجي.

جريدة الأهرام الصادرة يوم 5 أكتوبر 1974.

فيديو للجاسوس "رافي بن ديفيد".

تعليقات