أحمد عبد الكريم لـ"جداريات": الصحافة رسالة نبيلة.. وانتشار الكذب أفقدها هيبتها

  • أحمد عبد الله
  • الأحد 16 أغسطس 2020, 6:45 مساءً
  • 1495
الكاتب الصحفي أحمد عبد الكريم

الكاتب الصحفي أحمد عبد الكريم

الكاتب الصحفي أحمد عبد الكريم في حواره مع "جداريات"


الصحافة رسالة نبيلة.. ويجب علي الصحفي أن يتمتع بأمانة الكلمة والمصداقية


الكتابة الصحفية هي الأداة التي يطل منها المواطن لتوضيح مشاكله أمام صانع القرار


انتشار الكذب والنفاق والمصالح الشخصية أفقد المهنة هيبتها


قال الكاتب الصحفي أحمد عبد الكريم، نائب رئيس تحرير أخبار اليوم سابقًا، إن الصحافة رسالة  نبيلة، وأن الصحفي يجب عليه أن يتحلى بالمصداقية، وأمانة الكلمة، والمهنية، والصبر، والاجتهاد في العمل.


وأكد عبد الكريم في حواره مع موقع "جداريات"، أن الكتابة الصحفية هي الأداة التي يطل منها المواطن لتوضيح مشاكله أمام صانع القرار، وأن انتشار الكذب والنفاق لتحقيق مصالح شخصية أفقد الصحافة هيبتها، ومكانتها.


وإلى نصّ الحوار:


- ماذا عن بداية عملك الصحفى..  وماالذى دفعك إلى حب الكتابة الصحفية ؟    


بدأت العمل فى مؤسسة دار أخبار اليوم أواخر عام 1978 م، موظفا بإدارة العلاقات العامة، وهو الأمر الذى أزعجنى كثيرا لأننى كنت أتطلع للعمل فى الصحافة. 

ولكن شاءت الظروف أن أبدأ حياتى العملية فى المؤسسة العريقة بالعلاقات العامة، وكنت أنتوى تركها، وعزمت على السفر للعمل فى الخارج، لولا أن أمّى شجعتنى على الاستمرار فى عملي، وأن أتحلى بالصبر حتى أصل إلى ما أصبو إليه. 

وبالفعل سمعت نصيحة أمى وكانت فترة تواجدى بالعلاقات العامة فرصة عظيمة تعرفت خلالها على كل إدارات المؤسسة الأربع، النشر والمطابع والإعلانات والتوزيع، وتوطدت علاقاتى بكبار وشباب الصحفيين وذلك خلال عامين ونصف العام قضيتها فى الوظيفة حتى تم نقلى إلى إدارة النشر والعمل كصحفى بقسم الاستماع السياسى، الذى أخذت منه خبرات كبيرة فى كيفية كتابة الخبر والتقرير والحوار الصحفى والتعرف على أهم القضايا السياسية والاقتصادية فى العالم، حتى أصبحت لديّ معلومات وفيرة عن تلك القضايا ومتابعة الأحداث الساخنة حول العالم.

 وفى نفس الوقت عملت بقسم المحافظات الذى أضاف إلى خبراتي الصحفية فى كل مجالات العمل الصحفى والالتحام بالمواطنين، والتعرف على مشاكل الناس فى القرى والنجوع والمدن، وزيادة شبكة علاقاتى بالمسئولين التنفيذيين وفى أجهزة الشرطة والنيابة والقضاء وغيرها فى كافة الأجهزة المختلفة. 

وهذا لم يكن بالأمر الهين، العمل فى قسم الاستماع السياسى، وفى نفس الوقت العمل فى قسم المحافظات، واستمر هذا الوضع لمدة عشرين عاما، حتى وافق الكاتب الصحفى الكبير الراحل إبراهيم سعده رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم على نقلى والتفرغ للعمل بقسم المحافظات، دون الرجوع إلى موافقة رئيسة قسم الاستماع التى كانت متعنتة فى الموافقة على نقلي، ثم أكملت مشوار حياتى الصحفية الذى بلغ أربعين سنة فى بلاط صاحبة الجلالة.
 

وأما عن الذى دفعنى إلى حب الكتابة الصحفية، هو عشقى منذ الصغر لقراءة مقالات كبار الصحفيين، عل سبيل المثال لا الحصر، الكبار محمد حسنين هيكل ومصطفى أمين وأنيس منصور وأحمد رجب ووجيه أبو ذكرى وغيرهم، منذ أن كنت صغيرا أشترى الصحف لجدي  ووالدي، إلى جانب عشقى للقراءة لكبار الأدباء أمثال طه حسين ونجيب محفوظ ويحيي حقى وتوفيق الحكيم وغيرهم.


- برأيك..  ماهى أبرز التحديات التى يواجهها الصحفي فى المهنة؟


لاشك أن الصحفي يواجه تحديات كثيرة فى جميع مراحل حياته الصحفية، منذ البداية كعدم نشر الأخبار والموضوعات التى يقدمها للجريدة،  وفى هذه الحالة عليه التحلي بالصبر والعمل على تجويد عمله أكثر وأكثر . 

كذلك عدم توفير الإمكانيات التي تساعده فى تحقيق أفضل نتيجة فى عمله، مثل توفير سيارة ومصور من الجريدة، وهو الأمر الذى يعوق حركة بعض الصحفيين الذين يعتمدون فى عملهم على هذا، ولكن الصحفى الذى يريد التحرر والاعتماد على نفسه من حيث توفير أدواته التى تساعده على الاستغناء عن إمكانيات جريدته التى أحيانا ماتؤخر تنفيذ مايريد فى أقصر مدة ممكنة لأن العمل الصحفى يحتاج إلى السرعة والدقة فى نفس الوقت. 

وتحديات أخرى تقابل الصحفى عند نشره لبعض الموضوعات والأخبار التى يغضب منها بعض المسئولين ولكن على الصحفى ألا يتنازل عن مبادئه لإرضاء هؤلاء المسئولين بحيث تكون المصداقية والموضوعية هى أساس عمله.

وهناك تحديات أكبر وأكبر عندما يكتب الصحفي مقالا يغضب المسئولين الكبار، وتصدر تعليمات بإيقاف نشر مقاله، وحدث هذا كثيرا مع كبار الصحفيين حتى أن الكاتب الصحفى الكبير مصطفى أمين لم تنشر له مقالات كثيرة وأضطر إلى نشر كتاب بعنوان أفكار ممنوعة"،  كما يتعرض الصحفى فى بعض الأحيان للسجن بسبب آراءه وأفكاره السياسية وغيرها من تحديات المهنة. 


كيف ترى الصحافة كرسالة مهمة ونبيلة؟


اعتبر أن الصحافة من أهم بل هي الأهم في بلورة فكر المجتمع، كما أنها الأداة التي يطل منها المواطن لتوضيح مشاكله وما يعاني منه أمام صانع القرار، للعمل على إيجاد الحلول المناسبة لتلك المشاكل، كما أن الصحافة هي مرآة المجتمع تعكس تقدم وازدهار هذا المجتمع، ويقاس تقدم المجتمعات بقوة صحافتها.

 

وهي رسالة نبيلة، ويجب علي الصحفي أن يتمتع بأمانة الكلمة والمصداقية والموضوعية التي تحدثت عنها، وأن يكون نزيها ومنزها عن أي سقوط أو انحراف نتيجة المغريات التي يقابلها مقابل التخلي عن مبادئه وعن أمانة الكلمة التي يكتبها. 


- ماذا عن كتاب "الطريق إلي صاحبة الجلالة".. سبب إصداره وفكرته؟


كتاب الطريق إلي صاحبة الجلالة يعتبر الجزء الثاني من السيرة الذاتية لي، بعد صدور الجزء الأول من السيرة والذي صدر بعنوان "حكايات تحت شجرة التوت" الذي تناولت فيه مسيرة حياتي من الجذور، وما اعتراها من أحداث مختلفة ومواقف وحكايات كثيرة حتي قبل بداية عملي بدار أخبار اليوم.

والجزء الثاني من السيرة الذاتية، الطريق إلي صاحبة الجلالة، تتبلور فكرته الأساسية منذ بداية التحاقي بالعمل في دار أخبار اليوم، والصعوبات التي واجهتني وكيفية التغلب عليها، وتناولت المواقف النبيلة لبعض أساتذتي الكبار وأهم الانفرادات الصحفية التي قمت بها، وذلك خلال العشرين سنة الأولي من بداية عملي حتي عام 1998م، وهناك جزء ثالث من السيرة الذاتية تحت الطبع  بعنوان "أنا وهؤلاء فى بلاط صاحبة الجلالة" أتناول فيه بقية مشواري الصحفى حتى منتصف عام ٢۰١٨. 




- لك مؤلفات أخرى..  ما هي أسماء هذه المؤلفات ولو تعطنا فكرة عنها؟


صدر لى حتى الآن 4 مؤلفات هي "حواديت وكواليس صحفية"، وهو مقسم إلى ثلاثة أبواب الباب الأول عبارة عن مجموعة قصص قصيرة والباب الثاني بعض الكواليس الصحفية التى عشتها داخل دار أخبار اليوم والباب الثالث تناولت فيه أهم التحقيقات الصحفية التى نشرت فى صحف الأخبار وأخبار اليوم وأخبار الحوادث. 

والكتاب الثانى بعنوان "عازف الناى" وهو عبارة عن مجموعة قصصية.

والكتاب الثالث "حكايات تحت شجرة التوت" وهو الجزء الأول من السيرة الذاتية كما ذكرت. 

والكتاب الرابع "الطريق إلى صاحبة الجلالة" وقد ذكرت فكرته  آنفا،  وهناك تحت الطبع "أنا وهؤلاء فى بلاط صاحبة الجلالة"، "وأجنحة الزمن"،  وأعكف حاليا على كتابة كتاب "كنوز ورموز" وكتابة رواية. 


- بم تنصح الزملاء الجدد فى المهنة؟


أكرر على ضرورة المصداقية فيما يكتبه أى صحفي منذ البداية، والتحلي بالصبر والاجتهاد فى العمل، وتوسيع شبكة علاقاته واحترام ذاته ومهنته، ولا يقترب أزيد من اللازم بالمصادر بحيث تكون هناك مسافة بينه وبين المصدر، كما أنصح كل صحفي بمداومة القراءة والاطلاع على الثقافات المختلفة، وأن يتمكن من أدواته واحترام المواعيد، وإحترام الرأي والرأي الآخر، وأن ينقل بأمانة رأي الأخرين حتى ولو كان مخالفا لآراءه،  كما أنصحهم بأن يكون الصحفي مهندماً فى ملابسه، ومهذبًا فى كلماته، وأن يكون بشوشا فى وجه من يتعامل معهم حتى يكسب ودهم. 


- غياب المهنية وتعمد الكذب.. صفات سيئة ظهرت فى الصحافة حديثًا...  كيف ترى التغلب عليها؟


للأسف الشديد، والشيء المحزن أن نجد عدم التزام، معظم الزملاء ليس لديهم الالتزام بالمهنية والأمانة الصحفية، وعدم الالتزام بالتمسك بميثاق الشرف الصحفي، وانتشر الكذب والنفاق لتحقيق المصالح الشخصية، مماأفقد الصحافة هيبتها، وتردت أوضاع المؤسسات الصحفية، إلى جانب تردى الأوضاع الإقتصادية والمالية لهذه المؤسسات.  

وحتى نستعيد قوة الصحافة وجاذبيتها لابد من إعداد الذين يريدون العمل فى هذه المهنة السامية منذ وجودهم كطلاب فى كلية الإعلام وأقسام الصحافة فى كليات الآداب والتربية النوعية،  وأن يتم عمل اختبارات قبل تعيينهم فى المؤسسات الصحفية،  ثم عمل دورات تدريبية تُنمي من قدرات الصحفي، خاصة تعلم لغة أجنبية أو أكثر من لغة، والاهتمام بالكمبيوتر، وكيفية التعامل مع المواقع الإلكترونية،  وقبل كل ذلك التنشأة الاجتماعية السليمة للطفل داخل الأسرة والمدرسة والجامعة، إلى جانب بث برامج توعية متعددة الثقافات من خلال القنوات الفضائية الكثيرة،  وفى النهاية أن يتمتع الصحفى بالضمير فى كل أفعاله وأقواله. 



تعليقات