هيثم طلعت: إبهار النظام المعلوماتي الذي يُشفر للكائنات سيظل حَجَر عثرة في وجه الإلحاد
- الأربعاء 25 ديسمبر 2024
الكاتبة سوسن الشريف
"نصيبك من الحب .. بقدر معرفتك به"
من أفضل المشاهد الرومانسية في السينما المصرية بالنسبة إليّ في فيلم "سمارة"، حين تقول لمحسن سرحان على خطة العصابة بعد ما تكشفت لها شخصيته وعرفت إنه ضابط. كانت في منتهى الضعف والاستسلام وخيبة الأمل ... والحب. تلك الشخصية المتمردة القوية التي لديها استعداد للمخاطرة بأقصى درجاتها للحد الذي قد يصل إلى القتل، تحولت بفعل الحب إلى كائن ضعيف مهزوم راضي بظلم بل وخداع من تحب، لأنها أحبته بصدق، بدرجة محت كل أثر للكره والشر بداخلها، فصارت نقية بيضاء كسحابة هائمة في سماءها الحالمة، رغم كل يأسها من مقابلة حبها بحب مثله أو أقل.
في مقابلة مع زوجة رفعت الجمال "رأفت الهجان"، ذلك البطل المصري الشهير، الذي صار مثل أعلى للشباب في وقت إذاعة قصة حياته، ومازال. قالت الزوجة للمذيعة وهي متألمة جدًا إنها شعرت بخيبة أمل شديدة لأنه أخفى عليها هذا السر طوال فترة زواجهم. وأضافت رغم يقينها بأنه كان يحميهم، وأنها سامحته كزوج وأب لأنه كان مثالي، إلا إنها لم تغفر له أو تتفهم موقفه كحبيب، وتشعر بخيبة أمل وغضب لم تتمكن من تجاوزه.
في مسلسل لبناني اسمه "تشيلو"، القائم بدور البطل الفنان "تيم حسن" عمل كل ما يستطيع من أجل امرأة أحبها، ورغم أنه كان شخص قاسي وفاسد، وممكن يصل إلى القتل، إلا أنه تحول إلى شخصية لطيفة رقيقة بسبب الحب. وعندما وصل لكسب لرضا من يحب، وقبل الزواج مباشرة انهى علاقته بها، لأنه اكتشف أنها ما زالت تحب زوجها بشدة، وبشكل مختلف عن حبها له. رغم أن زوجها طلقها، وتخلى عنها، واتهمها بالخيانة، بل وكان السبب في فقدانها الطفل الذي انتظروه كثيرًا.
تخلى البطل عن أنانية الحب ليرى من تحب سعيدة ولو مع غيره، وفي رأيي هذا هو الحب في أبهى وأنقى صوره.
في لقاء مع سعاد حسني، بدت فيه الأصدق على الإطلاق، مرتبكة متلعثمة، كلماتها متداخلة الحروف عند سؤالها عن علاقتها بعبد الحليم، نفت أي شيء إلا الزمالة الفنية وكلام المجاملات، إلا إنها من فرط الكذب كان واضحًا عليها أنها في منتهى خيبة الأمل والألم، فعبد الحليم كان أناني جدًا بعدم التصريح بعلاقاتهما، وتركها لتتوه وتتألم بمفردها.
وفي لقاء مع أحمد رامي يتحدث عن أغنية "هجرتك يمكن في يوم أنساك" كان مرتبكًا إلى الحد الذي يمكننا سماع دقات قلبه متحدية المكان والزمان عبر شاشات التلفاز. فقد قضى عمره هو والقصبجي في حب أم كلثوم، التي استغلت هذا الحب في أن ترويه لنا بعذوبة، واستمتاع بعذاب المُحب، وإن كانت أقل أنانية من عبد الحليم.
المثال الصارخ للأنانية في الحب يتجسد في "مي زيادة"، التي أحبها الجميع وتخلو عنها كذلك، لكن الأكثر أنانية هو جبران، بلا شك لم يحبها كما أحبته، وربما لم يحبها من الأساس فكانت فقط واحدة من نسائه.
وهكذا تبقى أنانية المحبوب درسا لا يتعلم منه المُحب مهما طال عذابه ...