ندوة لخريجي الأزهر تحذر من خطورة الشائعات: تدمر المجتمع وتثير الفتن
- الخميس 26 ديسمبر 2024
الجاسوسة انشراح علي مرسي
اعتاد الجاسوس إبراهيم شاهين أن يصطحب أسرته معه في رحلات للعديد من الأماكن السياحية بسيارته الجديدة طراز فيات 124، حيث اصطحبهم مرة معه إلى محافظة الأسكندرية في رحلة سريعة، كما أنه قام باصطحابهم أيضا في رحلة طويلة لزيارة المعالم السياحية في كل من الأقصر وأسوان.
وفي حقيقة الأمر لم تكن جميع رحلات إبراهيم شاهين تلك بغرض التنزه أو التسرية عن أسرته فقط، بقدر ما كانت هذه الرحلات لممارسة عمله هو وزوجته إنشراح في الجاسوسية، حيث كان يذهب بصحبة أسرته إلى المتنزهات والأماكن السياحية القريبة من القواعد العسكرية فقط، وبينما كان الأولاد يلعبون ويمرحون، تدعي زوجته إنشراح أنها تقوم بتصويرهم، بينما تقوم في حقيقة الأمر بتصوير القواعد العسكرية، فقد كان الزوجان الجاسوسان إبراهيم وإنشراح يستغلان وجود أولادهما معهما كغطاء وساتر لهما ليقوما بممارسة مهام وأعمال الجاسوسية.
ولكن كان المثير للدهشة بالفعل، والذي لم يفعله أي جاسوس في العالم من قبل، هو ما فعله إبراهيم شاهين بعد عودته من إحدى زياراته لروما في أحد أيام صيف سنة 1971، وذلك أنه جمع زوجته وأولادهما الثلاثة "نبيل ومحمد وعادل" حوله يوما ووجه حديثه للأولاد قائلا: "لقد عشت أنا وأمكم هذه أياما مريرة ومررنا بظروف سيئة، ولم نكن نمتلك حتى ثمن رغيف الخبز أو حفنة من الملح، والآن وكما ترون أصبحنا نعيش نحن وأنتم في نعيم مقيم، وكما ترون حولنا كثير من الشباب في مثل أعماركم ولكنهم يعانون حاليا مما كنا نعاني منه سابقا، في الوقت الذي تعيشون فيه أنتم عيشة أبناء الملوك، ولن أخفي عليكم شيئا، فعملي الحكومي وتجارتي لم يكونا ليوفرا لنا أو لكم هذه العيشة أبدا، والفضل فيما وصلنا إليه حاليا يعود فقط لأصدقائنا الذين ساعدونا ووقفوا بجانبنا وأنقذونا من الضياع، إن الفضل فيما نحن فيه يعود فقط لأصدقائنا الإسرائيليين وحدهم، فهم الذين أمنوا لنا مستقبلا مضمونا يحسدنا عليه الجميع".
ومع أن الأولاد كانوا صبية في هذا الوقت، ولم يستوعبوا معظم ما قاله لهم والدهم الجاسوس إبراهيم شاهين، إلا أنهم عاهدوا والدهم ووالدتهم أن يتعاونوا معهما في خدمة أصدقائهم الإسرائيليين، وأن يقوموا بجمع كل المعلومات التي تضمن لهم استمرار تدفق الدولارات عليهم، وهكذا ولأول مرة في التاريخ تكونت شبكة جاسوسية من أسرة كاملة تضم الزوج والزوجة وأبناءهما الثلاثة.
وبفضل الأموال التي كانت تتدفق عليهم انتقلت أسرة الجواسيس للإقامة بفيلا فاخرة في حي مدينة نصر، ونقل إبراهيم وإنشراح أولادهما إلى مدارس جديدة داخل هذا الحي الراقي، ومع احتفاظه بصداقاته القديمة قام إبراهيم شاهين بعقد صداقات جديدة في هذا الحي الراقي الذي أصبح يعيش فيه، وكثيرا ما كان يقيم حفلات صاخبة يدعو إليها أصدقاءه القدامى والجدد.
وبينما كانت الفيلا تمتلئ بأصدقاء الأسرة من علية القوم ومن رجال الجيش والطيارين الذين يسكنون في الحي الراقي، كان أبناء إبراهيم وإنشراح يتنافسون ويتسابقون فيما بينهم في جمع الكثير من المعلومات من زملائهم أبناء أصدقاء الأسرة وغيرهم في المدرسة والشارع.
وذات يوم مرض إبراهيم شاهين مرضا شديدا، وزادت عليه حدة المرض، لدرجة أنه أصبح مقصرا مع زوجته في أداء واجباته الزوجية، وزادت عليه وطأة المرض بعدما شاهد بعينيه وسمع بأذنيه في نشرة الأخبار المذاعة بالتليفزيون أن السلطات المصرية قامت بإلقاء القبض على أحد الجواسيس، وعلم أنه يجري استجواب هذا الجاسوس والتحقيق معه، ووقتها انشغلت الأسرة كلها بهذا الأمر ولم يعد لهم جميعا حديث غيره.
ونتيجة للخوف الذي سيطر على الأسرة كلها، فقد انتوى الجاسوس إبراهيم شاهين أمرا، حيث اقترح على زوجته إنشراح علي مرسي أن تقوم هي بالسفر إلى روما لمقابلة رجال الموساد، وأن تقوم بإخبارهم بأنها وزوجها قد قررا اعتزال العمل بالجاسوسية، فهل تصدق عائلة الجواسيس في نيتها وتعتزل العمل بالجاسوسية؟ هذا ما سوف نعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى، فانتظرونا.
المصادر:
كتاب "أشهر وأخطر الجواسيس عبر العصور" محمود عبد الله.
كتاب "كل شيء هادئ في تل أبيب" حسني أبو اليزيد.
برنامج النادي الدولي، حوار سمير صبري مع الجاسوسة.
كتاب "جواسيس الموساد العرب" فريد الفالوجي.
جريدة الأهرام الصادرة يوم 5 أكتوبر 1974.
فيديو للجاسوس "رافي بن ديفيد".