أحمد بدر نصار يكتب : الهروب من الحياة والموت معا !

  • جداريات Ahmed
  • الإثنين 10 أغسطس 2020, 02:51 صباحا
  • 15569
أحمد بدر نصار ..صحفي وروائي

أحمد بدر نصار ..صحفي وروائي

 

 

نتفق أننا نمر بأزمة أخلاقية مرعبة، غير مسبوقة، هناك انهيار مخيف في القيم والمبادئ التي تربينا عليها ، تشعر إننا نعيش في شيء أشبة بثقافة الغابة ، الجميع لا يريد الجميع ، الأقارب يفرون من بعضهم، الجميع يريدون العزلة مع أنفسهم ، يريدون خيمة مدون عليها "أنا ومن بعدي الطوفان" ، فكرة أن الطيبين أصبحوا في عالم الندرة ، ومن يمتلكون الضمير الحي كأنهم فروا بضمائرهم خلف نوافذ منازلهم ، يخشون الخروج ، لأن بيئة المجتمع لا تسمح لهم باستنشاق هواء نقي ، فدائما يلتزمون الصمت ، منذ أيام كان يجلس معي صديق عزيز  وزميل دراسة منذ الابتدائية حتى الثانوية ، فكان شديد الخلق ، وشديد التفوق الدراسي ، أتذكر ذات يوما ونحن في الإعدادية راح المدرس يوجه إلينا سؤال واحدا لنا جميعا تجسد حول أمنية كل منها عندما يكبر ، فكل من كان يقول شيء من قبيل أريد أن أكون طبيبا أو مهندسا أو ضابطا أو رجل أعمال نضحك جميعا ، حتى وقف صديقي هذا  فقال أتمنى أن أكون عالما ، لم نضحك لأننا كنا على قناعة أنه سيكون عالما في أي مجال ، نظرا لتفوقه الدراسي الرهيب ، وخلقه الرفيع ، وهو الآن مهندسا  ، ولكن دائما ما يشعر بالاختناق ، يريد الهروب من كل شيء ، يريد الهروب من الحياة لوجود البشر الذين فقدوا كل بوصلة توجهم إلى الخير ، يرفعون شعار الشك في كل شيء ، وسوء الظن في كل شيء حتى بات المجتمع يتوجس خيفا من كل شيء ، وبات بعض الآباء يعلمون أطفالهم على أسس من العنف المجتمعي مثل المجتمع كل بات سيئا وأن الناس باتوا سيئين للغاية ، رغم أن هذا الأمر قريب من الحقيقة ولكن يجب أن نزرع في أولادنا حب الخير ، وبغض ونبذ الشر والعنف بكل أشكاله ، لابد أن نعيد الكتاتيب وأن نعيد مجالس العلم والأخلاق ، وأن تتسع رقعة البرامج التربوية والدينية في إعلامنا لنعلم أولادنا الحب من جديد والأخلاق من جديد، لم نعد نرى الكبير الذي يحترم ، ولم نعد نرى الصغير الذي يرحم من الجميع ، لماذا أصبحنا نحمل كل هذه القسوة ، لماذا غاب فينا الخوف من الله ، ولماذا نسينا أننا حتما سيأتي اليوم الذي سنقف فيه أمام الله بمفردنا ، لماذا نخلق ألف مبرر ومبرر لنزيد من جرائمنا الإنسانية في حق أنفسنا ، لك أن تعلم أن توجيه الإهانة والسخرية من الآخرين لهو جريمة بشعة في حق الإنسانية ، وعندما نتكلم في ظهور بعض بالسوء فهي جريمة ضد الإنسانية

في النهاية صديقي المهندس يعيش في حالة اختناق من حينا لآخر ويبلغني أنه يريد أن يهرب من الحياة بسبب تصرفات وانطباع البشر ، ويريد أيضا أن يهرب من الموت كونها ذلك غريزة بشرية فضلا عن أنه غير مستعد للقاء الملك ، لماذا وصل صديقي إلى هذه الدرجة ، من يعيد لنا إنسانيتا وأخلاقنا ، من يعيد الرحمة إلى قلوبنا ، من يعيد لنا أنفسنا النقية البيضاء إلى مجدها ، فلنتحد جميعا من أجل وضع برتوكول وخطة من شأنها إعادة القيم المجتمعية المصرية الأصيلة إلى سابق عهدها ، حتى لا ندخل في نفق مظلم لا يمكن الرجوع منه وقتها ولو اجتمع كل رجال الدين والاجتماع والنفس لإعادة الأمر مرة آخري.

 

تعليقات