زين العابدين كامل: مذبحة سريبرينتسا جريمة إرهابية لم يحدث مثلها في أوروبا

  • أحمد عبد الله
  • السبت 25 يوليو 2020, 6:20 مساءً
  • 1230



بالرغم من مرور ربع قرن من الزمان تقريبا، على مذبحة سريبرينتسا أو "سريبرنتشا"، والتي راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف مسلم، إلا أن الجرح لا زال مفتوحا، لدى المسلمين الذين لم يحصلوا على أية حقوق تجاه تلك المذابح الإرهابية، ولم يتعرفوا بعد على جميع الضحايا الذين لا زال عدد كبير منهم في عداد المفقودين.

غرد الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بتغريدات جديدة حول ذكرى المذبحة، والتي اعتبرها العالم "جريمة إبادة جماعية" في أوروبا، تجاه المسلمين، لم يحدث مثلها منذ الحرب العالمية الثانية، حيث مات أكثر من 8 آلاف مسلم من بينهم نساء وأطفال، في الوقت الذي تم فيه تهجير عشرات الألاف من المسلمين.

وتداولت الصحف صورا لمسلمي البوسنة، حيث وقفوا لإحياء ذكرى مجزرة سريبرنتسا والتي حدثت قبل 25 عاما من الآن، حيث وقفت عئلات الضحايا صفوفا أمام النعوش، ولا زال هناك أكثر من ألف ضحية من ضحايا المذبحة في عداد المفقودين.




يقول الدكتور زين العابدين كامل، الأكاديمي المتخصص في التاريخ الإسلامي، إن مجزرة بلدة سربرنيتشا تُجسد لنا مأساة حقيقية لشعب أعزل ظلمه العالم، وهي تمثل أيضًا القانون الذي يحكم العالم، ثم توضح لنا هوان أمة حكمت نصف العالم في وقت من الأوقات.

وأضاف كامل، أننا إذا أردنا أن نسلط الضوء سريعًا على قضية البوسنة، فإننا نسرد تاريخ البوسنة باختصار وإيجاز، حيث تقع البوسنة والهرسك في الجزء الغربي من شبه جزيرة البلقان، ولقد كان سكان البلقان قديمًا من قبائل تُدعى قبائل "إليريه".

وتابع، بحلول القرن السابع الميلادي أخذت منطقة البلقان تتعرض لهجوم وغزو قبائل تُدعى "سقلبية" ومن قبائل السقالبة من يُطلق عليهم السلافيون الروس الذين اتجهوا إلى روسيا، ومع قدوم القرن التاسع الميلادي تم تنصير القبائل السلافية، لتقوم بعد ذلك دولتان هما دولة الصرب الأرثوذكس في الجنوب، ودولة الكروات الكاثوليك في الشمال.

وأردف، بعد رحلات طويلة من الصراع دخل الإسلام إلى هذه المناطق، وخضعت البوسنة في عام 1463م، للحكم العثماني ، وقد مكثت تلك المناطق خاضعة للحكم الإسلامي العثماني لفترات طويلة.

وحول مجزرة سربرنيتشا، قال كامل: إنها حلقة جديد من حلقات الصراع، واضطهاد المسلمين في تاريخنا الحديث، في عام 1995م، وفي أواخر شهر يوليو، عندما قامت القوات الصربية بعمليات تطهير عرقي رهيبة  ضد المسلمين البوسنيين في سربرنيتسا.

وأكد كامل أن هذه المذبحة هي واحدة من أسوأ وأبشع المذابح الجماعية التي وقعت في عصرنا الحديث ضد المسلمين، وقد بدأت شرارة الأحداث عام 1992م، واستمرت عدة سنوات، حيث  قامت القوات الصربية بمحاولة جديدة للسيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي في شرق البوسنة والهرسك، وذلك بهدف ضمها إلى يوغسلافيا.

وأوضح الباحث في التاريخ الإسلامي، أن مسلمي البوسنة، والمعروفين باسم "البوشنياق"، عارضوا ضم إقليمهم إلى الكيان الصربي، ومن هنا بدأت المناوشات والتوترات  بين الصرب والبوسنة، حتى كان شهرأبريل 1993م، حيث أعلنت الأمم المتحدة أن بلدة سربرنيتسا الواقعة في شمال شرق البوسنة "منطقة آمنة"، وأنها تحت حماية الكتيبة الهولندية في قوات الأمم المتحدة، وبعد صدور هذا القرار شعر المسلمون بالأمان وقام المتطوعون البوسنييون الذين كانوا يدافعون عن بلدتهم بتسليم أسلحتهم، لـكـن الصرب لم يهدأ لهم بالًا، وظلوا يخططون لضم تلك المنطقة إلى جمهوريتهم.

وتابع، في يوم 21/7 /1995 م ، وقعت المأساة الكبرى، حيث بدأت القوات الصربية في اجتياح بلدة سربرنيتسا، تحت قيادة أحد أبرز الجنرالات في هذا التوقيت، وهو "راتكو ملاديتش" وكان ذلك بتحريض معلن من"رادوفان كراديتش" أحد قيادات الصرب المعروفين، وقد قاموا بجريمة بل مجزرة رهيبة، من أبشع المجازر التي شهدها العالم كله، حيث دخلت  القوات الصربية المجرمة إلى قرية سربرنيتشا، وقاموا بعدة إجرءات أولها،عزل الذكور بين 14 و 50 عاماً عن النساء والشيوخ والأطفال الصغار، لتبدأ خطوتهم الثانية بقتل هؤلاء كلهم جميعًا، ثم دفنهم في مقابر جماعية، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا خوفًا من الفضيحة ، بنبش هذه المقابر مرة أخرى، ونقل الرفات وتوزيعها على مقابر أصغر بأشكال مختلفة، وفي عدة أماكن متفرقة، ومنا ما هو أكثر تباعًدا لإخفاء الحجم الحقيقي للمجزرة التي ارتكبوها.

وحول المهجرين من مسلمي البوسنة، قال كامل: تم تهجير أكثر من 20 الف مسلم بوسني من بلدة سربرنيتسا خلال اليوم الأول فقط، هذا فضلا عن عمليات الاغتصاب الممنهجة التي تمت أمام الناس، والتي فاقت جميع التصورات الإنسانيةي ضد النساء والفتيات المسلمات.

وأردف، لم تتوقف الجريمة عند كل هؤلاء القتلى، حيث تعرض أكثر من 14 الف مسلم بوسني لإطلاق النيران من قِبَل القناصين الصربيين، بل حتى الطرق الجبلية التي بدأ البوسنيون يستدمونها للهجرة، نصب الصرب كمائن عديدة، عليها قناصة، وذلك على جميع الطرق الجبلية التي بدأ البوسنيون يستخدمونها للهرب.

واختتم كامل، كانت هذه المجزرة بمثابة أول وثيقة قانونية حقيقية، تثبت بالفعل عمليات الإبادة الجماعية المكتملة الأركان، والتطهير العرقي الواضح لقبائل مسلمة في أوروبا، لتشكل مجزرة قرية سربرنيتشا جزءًا  واضحا من الحرب في البوسنة والهرسك، هذه الحرب التي استمرت لمدة  ثلاث سنوات ونصف تقريبا.




تعليقات