شعبان القاص يكتب: تجربة مع الله (1).. الملحد الصغير

  • جداريات 2
  • الأربعاء 22 يوليو 2020, 5:38 مساءً
  • 1285
الكاتب شعبان القاص

الكاتب شعبان القاص

أنت لا تعرف ما معنى أن تجد أربعة كلاب على مشارف قرية تنام بين الزروع وحوائط "جناين العنب"!

ولا تعرف ماذا يمكن أن يحدث لك إذا لقيتك وأنت غريب تدخل قريتها مع طلوع الشمس!

 كنت صبيا يعمل في حراسة كرم العنب من العصافير، أضع حجرا صغيرا من الطمي وأضعه بين طرفي المقلاع، أمسك بطرفيه وأطوح به بقوة في الهواء في دائرة، ثم أفلت أحد الطرفين، فتنطلق قذيفة الطمي في الاتجاه الذي يأتي منه صوت العصافير، محدثة صوتا قويا مثل الفرقعة، ثم يتفتت الطمي بين جذوع الشجر، فتفر العصافير التي تغرس مناقيرها في حبات العنب، هذه كانت وظيفتي من طلوع الشمس إلى مغربها، تتخللها صلواتي في مسجد القرية القريب، وبعض قراءات في كتب مختلفة.

كانت القرية التي أعمل بها تبعد عن قريتي عدة كيلو مترات، وفي اليوم الثاني لي، ذهبت مبكرا مع النور الفضي الذي يسبق طلوع الشمس،  في طريقي لمدخل القرية تمدد أربعة كلاب ضخام الهيئة، كانوا نائمين، بين كل واحد منهم مسافة متر،  وقفت خائفا مترددا، لا مفر من المرور بينهم، لم تطب نفسي بالرجوع، طال الانتظار، ولا أحد من الناس يبدو في الأرجاء، حدثت نفسي أشجعها: ما عليّ إلا أن أذكر اسم الله ثم أمر، ولكني وجدت نفسي فجأة أمام اختبار حقيقي أمام كل ما اعتقدت به، وكل ما قرأت من قرآن، وما سمعته من قصص ومواعظ، جميعها لم تبدد الفزع الذي تلبسني من هذه الكلاب الشرسة، التي لن تتركني حتى لو رجعت، صوت  يجري بداخلي مجرى الدم قال: وهل تظن أن هناك إلها حقا ليمنع هذه الكلاب؟ وقال الملحد الصغير الذي بداخلي: جرب إن استطعت، ولما كنت أحب المغامرة نوعا ما، قبلت التحدي وخرس ذلك الملعون وإلى الأبد.



تعليقات