حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
الدكتور مصطفى الضبع صاحب مبادرة ديوان النيل
لو قررت الحكومة المصرية تحويل ملهى أو ماخور إلى مكان يستفيد منه الناس كأن تبنى مكانه مدرسة مثلا، لوجدنا المثقفين، أقاموا الدنيا وأقعدوها وهاجوا وماجوا وشطحوا ونطحوا، رافضين هذا الأمر، باعتبار أن الماخور "أثر" لا يجوز الاقتراب منه، وهم في الأساس مدفوعين برغبات داخلية مفادها: إذا تم غلق الماخور فأين نقضي ليالينا؟!
لو كانت هناك انتخابات في نادي أدب أو قصر ثقافة أو اتحاد الكتاب وقتها نشعر بالمثقفين، ومعاركهم وشدهم وجذبهم، ونستشعر خطورتهم.
لو هناك خلاف في وجهات النظر بين المثقفين لشحذ كل منهم أتباعه وجيّشهم يقطعون فروة المخالف للرأي في كل مكان واقعي وافتراض وأخرى لم تخطر على البال.
ولو هناك مشكلة في دولة أخرى لا تخصنا داخلها كثيرا أو لا تخصنا أصلا لرأيناهم يثورون ويتشاتمون حول أمر ليس في بلادهم، مثلما حدث في تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، تركوا المواجهة المصرية الإقليمية في ليبيا، وثرثروا حول آيا صوفيان، ما لنانحن وآيا صوفيا!
كل هذا موجود والمثقفون حاضرون فيه بقوة لكن إذا تعلق الأمر بقضية مفصلية، قضية حياة، مثل أزمة سد النهضة الذي يعطّش مصر ويقضي على الزراعة فيها، عندها لنا أن نسأل: حد شاف المثقفين؟
لا حس ولا خبر ولا همس ولا جهر ولا فاعلية ولا فعالية ولا بوست ولا كومنت ولا هاشتاج حتى حول قضية سد النهضة على الواقع الافتراضي يقوي ظهر الدولة المصرية في تحدياتها تجاه هذا الأمر، ولا أي شيء حول هذه الأزمة فقط انشغلوا بتصفية حساباتهم وشؤون أخرى لا تهمنا في شيء، في حين نجد مواطنين بالكاد يتعاملون مع التواصل الاجتماعي جردوا صفحاتهم ليل نهار لهذه القضية في مقابل صفحات المثقفين التي أصبحت مرتعا لثرثرة فارغة حول ما لا يعنينا.
لقد أفرزت القضية حقا من هو المثقف الحقيقي ومن المزيف، وإن كان المزيفون هو الأغلب، لكن لا يعني عدم وجود العملة الجيدة، وكان أهم من تصدى للنهوض بدوره في قضية سد النهضة الناقد الكبير مصطفى الضبع الذي تبني مشروعا نقديا وأدبيا كبيرا "أسماه ديوان النيل" يستعرض فيه القصائد الشعرية العربية التي تعرضت للنيل وتناولها بالنقد والدراسة عبر قناته الخاصة على اليوتيوب وكنا نتمنى أنتفتح له القنوات الفضائية أبوابها في هذا الشأن، وهو عبء كبير يضعه الدكتور الضبع على أكتافه خصوصا أنه حدد ثلاثمائة قصيدة يتناولها في هذا الصدد، ما يجعلنا نقول إنه عمل مؤسسي يقوم به فرد واحد.
وعلى ذكر المؤسسات أدعو أن ينطلق الأمر من ملتقى السرد العربي وصالون غادة صلاح الدين ونقل قضية النيل إلى الأدب والمؤسسات الثقافية لأنها قضية حياة، لعل بقية المؤسسات تقتضي بهما، ولتكن البداية مع الندوة المقبلة المحدد لها 27 يوليو المقبل بتخيص جزء حول قضية النيل وسد النهضة، ثم بعدها يتم تحديد سلسلة ندوات خاصة بهذا الأمر أو تحديد حصة لها من كل ندوة.