ملحدون منتحرون .. من إسماعيل أدهم إلى سارة حجازي !

  • جداريات Ahmed
  • الثلاثاء 14 يوليو 2020, 10:34 صباحا
  • 3944
إسماعيل أدهم

إسماعيل أدهم

 

سعيد محفوظ : الإلحاد وهم كبير .... وحتما يؤدي إلى الانتحار النفسي والمعنوي والجسدي


 

لا أتصور أن ينعم الإنسان بحياة سعيدة ومطمئنة وهناك انفصال تام بخالق هذا الكون ، الذي لم يخلقه الله عبثا ، والإنسان جزء أصيل من هذا الكون وأية انفصال بخالقه يحدث خلل ما في كيان ونفسية الإنسان ، فالإنسان الملحد عندما يقرر التخلي عن فطرته وإيمانه بوجود خالق عظيم لهذا الكون ويبدأ المضي في طريق الإنكار لوجود مدبر وخالق لهذا الكون ، ومهما وصل بعدها في تحقيق أحلامه وأهدافه الدنيوية سيظل هناك جانب مظلم يخيم عليه هو أشبه باختناق الروح فيشعر دائما أن هناك إشكالية نفسية تواجه ، لاسيما أن الروح من روح الله ، فكيف يسعد الإنسان ويطمئن وهناك انقطاع تام بالخالق ، فلابد أن يحدث خلل كبير في نفس وروح الإنسان ، ونستطيع أن نقول إن إسماعيل أدهم هو أول كاتب في الوطن العربي يعلن إلحاده صراحة ، فهو صاحب الكتاب الشهير "لماذا أنا ملحد؟ " الذي أربك المشهد الثقافي والسياسي أيضا في مصر والعالم العربي وقتها حتى أن حكومة مصطفة باشا النحاس قررت تحويله للنيابة ولم يمنع تطبيق القرار كونه يحمل الجنسية التركية .

والحقيقة أن عند تأليف هذا الكتاب كان عمره 22عاما فقط ، ولا نعرف سببا واضحا الذي دفعه للسقوط في بئر الإلحاد ، ورغم أنه كان متحمسا للحياة وكان نشيطا للغاية في ميدان الثقافة والفكر ، وسافر روسيا وحصل على الدكتوراه التي شكك البعض فيها لصغر سنه عند حصوله عليها ، كونه حصل عليها سنة  1931 .وهو من مواليد 1911 ، ولأن والدته كانت ألمانية ووالده تركي فكان هناك ارتباك ثقافي لديه وكان مغرما بالفيلسوف الألماني آثر شوبنهاور المعروف عنه تبنيه كل نظريات التشاؤم وهذا يرجع لظروف أسرية عنه لسنا في حاجة للتطرق إليها الآن .

ورغم ظروفه المادية وثقافته وإقباله على الحياة فجأة في ليلة من شهر يوليو عام 1940 كان يسير بجوار شاطئ البحر ، وكان يحمل قطع من الشيكولاته يوزعها على الأطفال الذين يقابلهم ، وفجأة ألقي بنفسه في البحر ، وسط ذهول الناس ، حاولوا إنقاذه ولكن باتت كل محاولاتهم بالفشل ، ووجدوا في ملابسه ورقة مكتوب فيها " أنه هو الذي أقدم على الانتحار لأنه سئم من الحياة ، وأوصى بعدم دفنه في مقابر المسلمين! .

ومن إسماعيل أدهم إلى سارة حجازي الناشطة التي انتحرت ، تاركة رسالة بخط يدها " إلى إخوتي..حاولت النجاة وفشلت، سامحوني. إلى أصدقائي...التجربة قاسية وأنا أضعف من أن أقاومها، سامحوني. إلى العالم..كنت قاسيا إلى حد عظيم، ولكني أسامح"، وكانت حجازي من المدافعين عن حقوق المثليين، في كندا حيث كانت تقيم منذ عام ونصف.

في البداية يؤكد الكاتب والباحث الاجتماعي محمد عبد اللطيف ، أن جميع الملحدين في العالم لديهم خلل مروع في نفسيتهم ، لانفصال علاقاتهم بالخالق ، مشيرا إلى من الممكن إنسان لا يصلي ولا يفعل شيء يقربه من الله  ولكن في الوقت نفسه هناك شيء ما يجعله مازال متصلا بالخالق على الأقل مازال معترفا بوجود خالق ، وعندما تشتد عليه المحن والأزمات يناجي ربه ويسأله الفرج ، ولكن الملحد ينفصل تماما عن الخالق، لافتا إلى في علم الطاقة دائما يؤكدون أن الإنسان لكي يعيش سعيدا لأبد أن يكون منسجما مع الكون ، وأعلى دراجات الانسجام هو اتصال القلب بالخالق ، لأن ذلك في حد ذاته يمنح الإنسان طاقة هائلة وكبيرة جدا لكي يستطيع أن يعيش ويستمر في الحياة .

وأضاف عبد اللطيف إلى أن نسبة الانتحار في وسط الملحدين ضخمة جدا قد تصل إلى 30% وعدد كبير منهم يدخل في دوامة من الأمراض النفسية والاجتماعية ، لأن أي فرع ينقطع عن أصله فهو يحكم على نفسه بالموت السريع ، منوها إلى قصة انتحار إسماعيل ادهم وهو في نهاية العشرينات  ، فالملحد عندما يقرر الإنكار يدخل في شيء من العبث الفكري واللامنطقي ، لافا إلى معظم الذين ألحدوا ظنوا بأن عندما يلحدوا سيكونون أكثر حظا وسعادة وحب في الحياة ولكن للأسف معظم الدراسات اجتماعية حول العالم التي تناولت قضية الملحدين أثبتت أن أعلى نسبة في الانتحار هى فئة الملحدين ، وأن هناك من الملحدين أيضا من يبررون ويمدحون ذلك كون الملحد ذكي ، واستوعب أن الحياة ليس لها معنى ولا يرغب في العيش مع البشر فيقرر التخلص من حياته ، الحقيقة غير ذلك هو في أحيان كثيرة يدرك بأن اللحاد لم يمنعه الحرية المطلقة أو السعادة كما يزعم فالنتيجة الحتمية أم العودة إلى الإيمان بالخالق أو الانتحار .

كما يرى المفكر الإسلام الدكتور سعيد محفوظ مدير الدعوة في مركز ميلانو الإسلامي أن الانتحار بات واضحا وسط الملحدين وذلك حول العالم ، لافتا إلى أن الأمر ليس في حاجة إلى دراسة لمعرفة حقيقة ارتفاع نسبة الانتحار بشكل واضح وملحوظ لافا إلى في أوروبا جروبات للملحدين يتفقون لاختيار يوما ما وساعة محدد للانتحار الجماعي ، وتداعيات الإلحاد في الغرب هو نفس تداعياته في عالمنا العربي ، فكيف لأي إنسان يعيش دون أن يعرف ماهية وجوده على الأرض ، كيف أعيش وأنا أعلم أن الكون ليس له إله وأن حياتنا مجرد رحلة عبثية ثم نفنى دون جدوى ، لافتا في الأمر نفسه إلى أن هناك ملحدين عرب ومسلمين ، عندما تحولوا إلى الإلحاد ، بعد سنوات قليلة أدركوا أن السعادة والحرية من القيود التي يفرضها الدين على حد زعمهم سوف تدخل عليهم السعادة ولكن يكتشفون أن الفطرة البشرية التي خلق الله عليها الإنسان هى فقط منبع السعادة الحقيقي ، وأن فكرة التخلص من الدين كونه يفرض قيودا فهذا أمر عبثي كيف للمجتمع يعيش دون ضوابط أو قوانيين تنظم حياة البشر فيه

وأشار "محفوظ " إلى أن هناك عشرات الأبحاث سنويا تدرس قضية الاكتئاب عند الملحد ، أهم هذه الدراسات دراسة خطيرة للبروفسور الأسترالي José Manoel Bertolote عضو ومشرف مسؤول في منظمة الصحة العالمية، ويعمل حاليا في Australian Institute for Suicide Research and Prevention. تناولت دراساته ظاهرة الانتحار من مختلف الأبعاد، كالجنس والعمر والجغرافيا والدين.

ومثلها دراسة منظمة الصحة العالمية في محاربة الانتحار سنة 2014، نجد أن نسبة الانتحار في العالم الإسلامي متدنيّة

كما كان هناك  دراسة أجراها باحثون أمريكيون هي الأولى من نوعها عام 2004 تهدف لدراسة علاقة الانتحار بالدين، أُجريت بعناية فائقة، وتم اختيار عدد كبير من الأشخاص الذين حاولوا الانتحار أو انتحروا بالفعل، ومن خلال سؤال أقاربهم وأصدقائهم ودراسة الواقع الديني والاجتماعي لهم، تبين أن أكثر المنتحرين هم من الملحدين (واللادينيين) فقد جاؤوا على رأس قائمة الذين قتلوا أنفسهم ليتخلَّصوا من حياتهم وتعاستهم! وأثبت الدراسة أن الملحدين أكثر عدوانية من غيرهم، كما أن الملحدين كانوا أكثر الناس تفككاً اجتماعياً، وليس لديهم أي ارتباط اجتماعي لذلك كان الإقدام على الانتحار سهلاً بالنسبة لهم.

وأشار "محفوظ" إلى أن بودلي في كتابه “الرياح على الصحراء الذي أصدر لأول مرة عام 1944 يتناول تجربته في الصحراء وفيه يحكي عن أقوى الانطباعات التي خلفتها تجربته مع البدو العرب المتثلمة في علاقة البدو بالله فالله معهم يذكرونه ويتعلقون به في كل شؤون النهار والليل ومعاش اليوم والغد: في مأكلهم، ومشربهم، وتجارتهم، ومعاشراتهم العاطفية؛ الله هو الذي يشغل فكرهم في كل ساعة، وهو الأقرب إليهم من أي شيء أو أي أحد آخر، وكل هذا بشكل يستحيل تكراره عند من يفصلهم عن ربهم وسائط كالطقوس المرسومة في أداء الشعائر ثم ألف لاحقا كتابا سماه: “الرسول: حياة محمد”. من خلال ما تعلّم في الصحراء.  

  

تعليقات