غادة صلاح الدين تكتب: إطلالة حول رواية "فارس برمنجهام" للكاتب أحمد عبدالله إسماعيل

  • جداريات 2
  • الإثنين 13 يوليو 2020, 1:58 مساءً
  • 2098

صدر مؤخرا عن دار أفاتار للطباعة والنشر رواية فارس برمنجهام للكاتب "أحمد عبدالله إسماعيل" حيث تقع في حوالي مائة صفحة وخمسة فصول. وننطلق بداية من العتبة الأولى وبوابة العمل المتمثل في الغلاف الذي تم توظيف عناصره بحرفية بالغة الدقة ليقدم مدلولا مشوقا للقارئ. يظهر عنوان الرواية "فارس برمنجهام" الذي تصدر أعلى الغلاف باللغتين العربية والإنجليزية كما يتصدر الغلاف صورة لفارس ضخم البنية يوحي إلى القارئ أنه بطل لرواية تاريخية تعود للعصور الوسطى تحت سماء بريطانيا العظمى ويظهر في الخلفية برج الساعة التذكاري لجامعة برمنجهام الذي يرجع تاريخه لمطلع القرن العشرين.




ونجح الكاتب في روايته أن ينقلنا إلى فضاء كوني عام يأخذ القالب الاجتماعي المتضمن عدة لغات وثقافات مختلفة متفاعلة فيما بينها إيجابًا وسلبًا، كما توافرت البنيتان الزمانية والمكانية وهما الأساس المرسخ للحبكة الفنية لأي عمل روائي مع الشخوص التي نجح الكاتب بدرجة كبيرة في رسم خطوط أدوارها وتفاعلها مع بعضها البعض، حيث يستهل الكاتب روايته بالبطل الذي أحسن اختيار اسمه "فارس جواد" كإسقاط على العزيمة والإصرار على النجاح والنبل والوفاء بالوعود، وهو الآن يحصد النجاح الذي سبقه جهد كبير، فبدأ رحلة شاقة جديدة عليه في بلد غريب لا يعرف فيه أحدًا، فكانت صعوبات الغربة ومرارتها أول عائق واجهه في رحلته الطويلة.

وقد تعددت الصراعات في هذه الرواية والإسقاطات أيضا حتى آخر كلمة، صراع إيلين وكيف لها أن تنجرف بمشاعرها لتحب طالبا شابا في عمر أبنائها. وصراع "فارس" الذي نشأ على القيم والمباديء والحيرة التي تملكته والتساؤلات التي أرهقت فكره ومنها: هل يرتبط بإيلين الذي ينبض قلبه باسمها في كل دقيقة ويُحرم من الأبوة؟ أم يختار "نانسي" الفتاة الشابة الواثقة من أنها ستفوز بحبه؟ غير أن صوت الراوي كان مسموعا في كثير من الأحيان بأرائه التي فرضها على القارئ.

اقتبس الكاتب بعضا من كلمات الأغاني التي وظفت بطريقة تناسب العمل في كل موضع اختارها فيه، فكانت نسقا متسقا مع الأحداث وأضفت نوعا من الألفة. كما تناص الكاتب وبعض آيات القرآن الكريم مثلما نلاحظ في صفحة 49 (دون أن تشعر أنه قد شغفها حبا).

لا شك أن للنجاح أعداء وقد واجه "فارس جواد" عدوه مرتين الأولى عندما نجح فى الفوز بمقعد البرلمان علي نظيره "إيزاك موردخاي" بنسبة 73% بمساعدة زوجته "إيلين" التي دعمته بكل ما أوتيت من حب وود وإخلاص، والمرة الثانية عندما وضع قاتل زوجته ومغتصب أخته في السجن دون أن يأخذ حقه بيده رغم مقدرته على فعل ذلك.

أرى في النهاية أن البطل هنا ليس "فارس" الرجل المصري الأصيل الذي نجح في نقل قيمه ومبادئه النبيلة إلى العالم الغربي المتفتح فحسب، بل فكرة الصراع الدائم بين الخير والشر هي البطل لكل حكاية تبدأ ولكن هنا انتهت بما يجب أن تنتهي به. 

تحية للكاتب أحمد عبدالله إسماعيل الذي انطلق بقوة وأراد أن يقدم الإنسان المصري كخير سفير وممثل لبلده فقدم للشباب نموذجا مشرفا يُحتذى به. وهكذا يكون الأدب الهادف الذي يرقى بالمشاعر ويترفع عن السلبيات والصور المحبطة أو الرخيصة. ونجدد الشكر للكاتب الذي قدم لنا عملا ينفع به مجتمعه ووطنه ويشجع الشباب على العمل وإثبات الذات وتحدي الصعاب للوصول إلى الحلم المنشود.

وجدير بالذكر أن رواية "فارس برمنجهام" هي العمل الثالث للكاتب أحمد عبدالله إسماعيل خلال العام الجاري 2020 حيث صدر له مؤخرا رواية "المخاض" والمجموعة القصصية "زفاف في زمن الكورونا".

تعليقات